قراءة متأنية في «الاتفاق» الصيني ـ الإيراني

حكّام طهران يعرضون بلدهم للبيع... وعقوبات واشنطن تهدد «صفقتهم» مع بكين

قراءة متأنية في «الاتفاق» الصيني ـ الإيراني
TT

قراءة متأنية في «الاتفاق» الصيني ـ الإيراني

قراءة متأنية في «الاتفاق» الصيني ـ الإيراني

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن «اتفاق استراتيجي» بين الصين وإيران مدته 25 سنة. وقالت بعض التعليقات، إنه يكشف عن حسابات مشتركة بين البلدين، تعتبر أن الولايات المتحدة باتت ضعيفة، وأن خياراتها تضيق في مواجهة التحديات الدولية، خصوصاً مع قرب انتهاء قرار الحظر الدولي للسلاح عن إيران. فهل لا تزال الولايات المتحدة، حقاً، قادرة على الوقوف في وجه التحديات التي تشكلها سياسات الصين الدولية والإقليمية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط؟ ومع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، وسواءً فاز الرئيس دونالد ترمب أو خسر أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، هل يمكن للاتفاق الصيني - الإيراني أن يشكل تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة، ويجبرها على العودة للاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط، وليس فقط بمنطقة بحر الصين، بحسب الاستراتيجية الدفاعية الأميركية؟
تتعرّض سياسة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على خصومها الدوليين لانتقادات من الداخل والخارج، ويشكك مراقبون فيما إذا كانت لا تزال سلاحاً ناجعاً لمعاقبة الدول، مع ظهور المزيد من القوى الدولية القادرة على الأقل، على التهرّب من العقوبات الأميركية؛ ما يعني أن الأمر بات يتطلب مقاربة جديدة من قبل واشنطن. وبالفعل، يرى البعض أن تراجع الاستثمارات الأميركية الدولية والتنموية في العالم، سمح لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية بالتقدم نحو فرض حضور عالمي لبكين.
وفي هذا الشأن، نتطرق إلى جملة أسئلة طرحتها «الشرق الأوسط» في ملف خاص عن الاتفاق الصيني - الإيراني، تلقت فيه مساهمات من متحدث باسم الخارجية الأميركية، ومن محللين متخصّصين في الشأنين الإيراني والصيني.
- الصين «ستشتري» إيران
يقول وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، إن استراتيجية الدفاع الوطني هي مفتاح نجاح الولايات المتحدة للمضي قدما في منافسة القوى العظمى. إذ أن «التحديات التي تشّكلها لنا الصين أولاً، ثم روسيا ثم دول أخرى، تفرض علينا مواصلة جهودنا على مسارات ثلاثة: بناء المزيد من الأسلحة الفتاكة وضمان الجهوزية، وتعزيز حلفائنا وبناء الشراكات، وأخيراً، تأهيل وإصلاح وترشيق وزارة الدفاع».
ووصفت بعض التعليقات «تسريب» الأنباء عن الاتفاق، بأنه قد يكون جزءاً من لعبة «عض الأصابع» الجارية بين القوى الكبرى، قبيل انتهاء صلاحية القرار الدولي 2231 في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل الذي يحظر السلاح عن إيران. ويطرح البعض تساؤلات عن الأسباب التي تمنع كشف تفاصيل هذا الاتفاق الذي مضى نحو أربع سنوات على تداوله للمرة الأولى، أو على الأقل تنفيذ اتفاقاتهما الكثيرة السابقة التي لا تزال حبراً على ورق. وهو ما يعزّز الاعتقاد برغبة القوى المنافسة للولايات المتحدة في ممارسة الضغوط عليها في هذا الوقت بالذات، للوصول إلى «تسويات» معها، ستدفع إيران ثمنها في نهاية المطاف؛ لأن ما تعرضه الصين ليس أقل من «شراء البلد» ورهنه لأكثر من ربع قرن.
ولكن ثمة مَن يرى أسباباً أخرى تقف وراء هذا المشروع الصيني - الإيراني. ومن هؤلاء مَن يتحدّث عن «رعونة» غير مسبوقة للقيادة الصينية الحالية، التي باتت ترى أن بإمكانها المضي في مخطّطاتها التوسعية، حتى ولو انتهت بكارثة على الشعب الصيني في ظل ملفات كبيرة مفتوحة في وجهها.
الأمر لا يقتصر على ما يحيط بمشروع «الحزام والطريق» من مُلابسات، بل وحول ممارسات الصين التجارية غير المقبولة والحرب التجارية التي دخلتها مع واشنطن، وملفات التجسّس الإلكتروني واستخدام منصاتها وشركاتها الكبرى في هذه الجهود وحرب القنصليات، وضربها عرض الحائط للاتفاقات الدولية حول هونغ كونغ، وتهديدها للملاحة البحرية والسيطرة على الجزر في بحر الصين الجنوبي ولجزيرة تايوان، وممارساتها اللاإنسانية تجاه أقلية الإيغور المسلمة، وصولاً إلى مسؤوليتها السياسية والأخلاقية عن أزمة فيروس «كوفيد – 19» التي قد يكون للعالم حساب آخر معها، عندما تهدأ عاصفة الجائحة.
- ابتزاز سياسي أم حقيقة
صحيفة «النيويورك تايمز» التي أفادت بأنها اطلعت على نسخة من الاتفاق الواقع في 18 صفحة، لم تكشف عن جديد في علاقة الصين وإيران المعقدة أصلاً. إلا أنها أبرزت العامل السياسي الذي يندرج ضمن خانة الاختلاف القائم مع سياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عدد من الملفات الخارجية والداخلية، فقالت إن من شأن هذا الاتفاق «أن يقوّض جهودها لفرض عزلة على الحكومة الإيرانية بسبب طموحاتها النووية والعسكرية».
لكن التسريبات المفصلة عن هذا «الاتفاق الاستراتيجي» جاءت في تقرير مطوّل نشره موقع «أويل برايس دوت كوم» الأميركي، الذي استقى معلوماته من مصادر «رسمية إيرانية»؛ ما يرفع من شبهة المناورة والاستخدام السياسي والابتزاز الذي تمارسه الصين وروسيا وإيران، ليس فقط تجاه الولايات المتحدة، بل تجاه العالم كله أيضاً، وبخاصة، دول المنطقة.
- نظام مفلس يبيع البلد
يقول ريتشارد غولدبرغ، كبير المستشارين في «معهد الدفاع عن الديمقراطيات»، الذي شغل العام الماضي منصب مدير «قسم محاسبة إيران عن أسلحة الدمار الشامل» في مجلس الأمن القومي «ليس من المستغرب أن يبيع نظام مفلس آيديولوجياً كنظام إيران، الأصول الاقتصادية للشعب الإيراني إلى الحزب الشيوعي الصيني لدرء الانهيار المالي». ويضيف غولدبرغ لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يبدو وكأنه عمل يائس أكثر منه تحد؛ إذ من الصعب معرفة مقدار ما يتضمنه من تأطير لأغراض الدعاية وكم هو حقيقي. لقد رأينا الكثير من الإعلانات على مدى سنوات من الاستثمارات الصينية في إيران التي فشلت بسبب التهديد بفرض عقوبات أميركية. والأخبار السيئة لكل من إيران والصين هي أن هذه العقوبات، حقاً، تجعل غالبية الصفقات صعبة للغاية، وبمجرد ترجمة الاتفاق المسرّب وتحليله، سيتحوّل «خريطة طريق» للمفتشين الماليين الأميركيين في وزارتي الخزانة والخارجية.
غولدبرغ يعتقد أن الصين لا تزال ضعيفة نسبياً في قدرتها على نشر قوتها العسكرية بعيداً عن حدودها؛ لذا فإن هدفها الاستراتيجي هو بناء علاقة مع «دولة - زبون» في المنطقة تحكم بلداً مفلساً تسلمها موارده الطبيعية مقابل الاستثمار في البنية التحتية ومبيعات الأسلحة. ويرى أنه إذا استطاعت واشنطن إعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي واستعادة حظر الأسلحة إلى أجل غير مسمى، وواصلت حملتها القصوى للضغط، سيكون من الصعب للغاية على الصين تهديد الأمن الأميركي في المنطقة. وإذا قررت بكين الانفتاح «الشامل» على إيران فهذا سيكون دافعاً لواشنطن وغيرها من صانعي السياسة الخارجية إلى تسليط الضوء على سياساتها. وتاريخياً، كان للصين دائماً شبكات غير مشروعة تبيع قطع الصواريخ إلى إيران، وسمحت لبعض العملاء والشركات الفاعلة غير المملوكة من الدولة باستيراد النفط الإيراني. لكن مع هذا الاتفاق سيتحول الوضع إلى علاقة حكومية ودفاعا كاملا عن نظام طهران، وسيسهم ذلك فقط في عزلة بكين الدولية خلال الشهور والسنوات المقبلة.
- لا كسر للعقوبات الأميركية
حتى الآن لم تتمكن الصين من كسر العقوبات الأميركية بأي طريقة ذات معنى، والاتفاق على الورق مع تطلعات تجارية، لا يعادل تفادي العقوبات. وإذا كانت الصين ترغب في تعريض نظامها المصرفي والمؤسسات الكبرى الأخرى المملوكة من الدولة لسلطة العقوبات الأميركية، فسيعاني الاقتصاد الصيني بشدة، وهذا هو السبب في أنها لم تفعل حتى الآن.
ويؤكد غولدبرغ، أن وزارة الخارجية الأميركية و«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» ما زالتا رائدتين في المساعدات الخارجية وأعمال التنمية، و«ما من دولة في العالم ساعدت المزيد من الناس على الخروج من براثن الفقر والحصول على المياه النظيفة والبقاء على قيد الحياة وتحقيق التعليم الأساسي أكثر من الولايات المتحدة. وبخلاف الصين، نحن لا نبتز الدول المتلقية ولا نصفي الموارد الطبيعية للبلدان. ونأمل أن تنضم المزيد من الدول ذات التفكير المماثل إلى (شبكة النقطة الزرقاء) التي أطلقت حديثاً لمواجهة مبادرة (الحزام والطريق) الصينية».
متحدث باسم الخارجية الأميركية – طلب إغفال اسمه – قال في مساهمته بهذا الملف، إن الولايات المتحدة «قوة من أجل الخير» في المنطقة، وهي تسعى إلى معالجة مشاكلها من خلال العمل مع شركائها عبر تعزيز مصالحهم، وبما يراعي مصالحها أيضاً. لكن بكين تدعم جهود طهران الخبيثة لإثارة الفتنة والإرهاب عبر المنطقة بتوفيرها شرياناً حيوياً لاقتصاد إيران، ما يقوّض الجهود الدولية للضغط على طهران لتغيير سلوكها المزعزع للاستقرار. وذكر المتحدث، أن واشنطن «ساهمت منذ عام 2011 فقط بأكثر من 58 مليار دولار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعملت في جميع القطاعات لتعزيز الاستقرار والازدهار، ونشطت مع الحكومات لمكافحة الأعداء المشتركين الساعين إلى بث الفوضى والدمار. وفي المقابل تقوم بكين بتعزيز مصالحها الخاصة، وغالباً على حساب شركائها. إن ثمة تاريخاً صينياً محبطاً ومخيّباً للآمال من الالتزامات وانتهاك المعايير الدولية التي ساءت في السنوات الأخيرة بدلاً من أن تتحسن، في حين تلتزم واشنطن برؤية مختلفة تقوم على الازدهار المشترك والأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي والشراكة الدائمة».
ثم قال «هذه مساهمات لا يمكن للصين مجاراتها، بينما هي تدعم التدخل الإيراني الخبيث في الشؤون الداخلية لجيرانها وتقويض المبدأ الأساسي للسيادة، وعدم التدخل الذي تدّعي الصين حرصها عليه. علاوة على ذلك، هناك كيانات وأفراد صينيون لهم أيضاً تاريخ مقلق في دعم برامج إيران النووية والصاروخية الباليستية، فضلاً عن مواصلة تحدي القرار الدولي الرقم 2231؛ لذا فرضنا أخيراً عقوبات على أكثر من 12 من أفراد وكيانات صينية». وتابع «خارج منطقة الشرق الأوسط، أنتم على دراية بالكثير من الاعتداءات على مدى الأسابيع القليلة الماضية وحدها، من توسيع جهاز الأمن الصيني إلى هونغ كونغ وخارجها إلى التقارير عن عمليات التعقيم القسري وغيرها من ممارسات تنظيم الأسرة القسرية في إقليم شينجيانغ، حيث أقلية الإيغور المسلمة». ثم أردف «بعض ما يحدث الآن هناك من قمع ثقافة ودين معيّن بوحشية؛ لأنه لا يتناسب مع رؤية بكين الشيوعية للعالم، حدث أيضاً على مدى عقود في إقليم التيبت. لذلك؛ لم نقف مكتوفي الأيدي في وجه هذا العداء. لقد فرضنا عقوبات مالية وقيوداً على التأشيرات، وأصدرنا إرشادات تجارية، ونفكّر في اتخاذ تدابير إضافية لفرض تكاليف على انتهاكات بكين. وحيال إيران، فإن عقوباتنا أوسع، لكنها واضحة في نطاقها، وبالتأكيد سنفعل ذلك فيما يتعلق بالنشاط الخاضع للعقوبات بين إيران والصين. العقوبات أدوات مهمة وسنواصل استخدامها بالتنسيق الوثيق مع شركائنا وحلفائنا الدوليين، كما أن العمل معهم لتمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران أولوية قصوى».
- نظامان... وضغط واحد
المتحدث دافع عن السياسة الخارجية الأميركية واستراتيجية الدفاع للنهوض بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، قائلاً إنها «لم تكن استجابة لاتفاقيات اسمية من قبل نظامين يجدان نفسيهما تحت ضغط متزايد بسبب انتهاكاتهما الداخلية والخارجية... نحن لا نتوقع من الدول أن تختار بين الولايات المتحدة والصين، بل يجب وينبغي عليها أن تقيم علاقات قوية معنا. نريد من الدول أن تعي التكاليف التي ستتكبدها لقاء ارتباطات معينة مع الصين الشعبية، من سيادتها واستقرارها الإقليمي، وتأثيرها على النظام الدولي القائم على القواعد الذي وفر الأمن والازدهار لعقود». وأضاف «يجب ألا نخلط القروض الصينية بالاستثمارات الأميركية التي يقودها القطاع الخاص. أساس مبادرة (الحزام والطريق) هو تمويل القروض الذي يتعين على البلد المتلقي سدادها. وهذا يختلف تماماً عن الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تبقى الأموال في الدولة. والكثير من ردود الفعل السلبية التي واجهتها الصين في تلك الدول في السنوات الأخيرة يعود إلى أن الشركات الصينية المملوكة من الحكومة الصينية، والتي تنفذ مشاريع البنية التحتية في الخارج، أولاً، لا تقدّم بنية تحتية ذات قيمة وجودة عالية مقابل المال على المدى الطويل... وثانياً، تتجاهل الحوكمة الرشيدة وحماية البيئة والأوضاع الاجتماعية، ولا تيسر نقل التكنولوجيا وبناء القدرات التي تحتاج إليها البلدان النامية».
وتابع المتحدث «... ثم إن الشفافية مشكلة كبيرة أخرى. فبكين تحافظ عمداً على سرية تفاصيل هذه القروض، مفضلة التفاوض عليها عبر صفقات مبهمة في الغرف الخلفية التي تضع الدول المتلقية في مواقف ضعيفة. ونتيجة لذلك؛ تركت بكين سلسلة من الفساد في الكثير من بلدان (الحزام والطريق). وهو ما يتعارض مع أساليب الولايات المتحدة في إدارة عملها، التي لا مجال لمقارنتها مع الأساليب القسرية الاقتصادية للصين. إن ما نقدمه بديلٌ إيجابي شفاف يقوده القطاع الخاص مع سجل حافل في تحقيق النمو المستدام، والحد من الفقر وتعزيز الابتكار التكنولوجي. والبلدان النامية تفهم هذا التمييز. لذا؛ ليس من قبيل المصادفة أن هذه الصفقة المفترضة تواجه معارضة قوية من الطيف السياسي في إيران، حيث يعارض الناس بشدة فكرة الاعتماد المتزايد على الصين».
- استثمارات في البنى التحتية... ومعالم استراتيجية ـ عسكرية بمشاركة روسية
> يقول تقرير «أويل برايس دوت كوم» المشار إليه سابقاً «إن أحد العناصر السرية للصفقة الموقعة العام الماضي هو أن الصين ستستثمر 280 مليار دولار أميركي في تطوير قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران. وسيوضع هذا المبلغ مقدماً في فترة السنوات الخمس الأولى من صفقة الـ25 سنة الجديدة، أما المبالغ الإضافية فستكون متاحة في كل فترة خمس سنوات لاحقة، بشرط موافقة الطرفين». ويضيف التقرير، «سيكون هناك استثمار آخر بقيمة 120 مليار دولار أميركي، يمكن تحميله مرة أخرى في فترة السنوات الخمس الأولى، لتطوير البنية التحتية للنقل والتصنيع في إيران، وسيخضع مرة أخرى للزيادة في كل فترة لاحقة إذا وافق الطرفان. في المقابل بداية، ستُمنح الشركات الصينية الخيار الأول للمزايدة على أي مشاريع جديدة - أو متوقفة أو غير مكتملة - للنفط والغاز والبتروكيماويات في إيران. وستتمكن الصين أيضا من شراء جميع منتجات النفط والغاز والكيماويات بتخفيض مضمون بحد أدنى 12 في المائة لمتوسط سعر ستة أشهر للمنتجات القياسية القابلة للمقارنة، بالإضافة إلى ما بين 6 و8 في المائة أخرى من هذا المقياس لتعويض المخاطر المعدلة. كما ستمنح الصين الحق في تأخير السداد لمدة تصل إلى سنتين، والأهم من ذلك أنها ستكون قادرة على الدفع بعملات ميسّرة حصلت عليها من ممارسة الأعمال التجارية في أفريقيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق».
ويضيف التقرير، أنه وفق المصدر الإيراني نفسه، «بالنظر إلى أسعار الصرف المرتبطة بتحويل هذه العملات الناعمة إلى عملات صعبة يمكن أن تحصل عليها إيران من بنوكها الغربية الصديقة، تبحث الصين عن حسم آخر يتراوح بين 8 و12 في المائة، ما يعني حسماً إجمالياً يبلغ نحو 32 في المائة للصين على كل النفط والغاز ومشتريات البتروكيماويات».
جزء رئيسي آخر من العنصر السري للاتفاق هو أن الصين ستشارك بشكل متكامل في بناء البنية التحتية الأساسية لإيران، ما سيكون في توافق تام مع مشروع «الحزام والطريق». إذ تعتزم الصين الاستفادة من العمالة الرخيصة المتاحة حالياً في إيران لبناء المصانع التي ستموّل وتصمم وسيُشرف عليها من قبل شركات التصنيع الصينية الكبيرة ذات المواصفات والعمليات المماثلة لتلك الموجودة في الصين. وستتمكن المنتجات المصنعة النهائية بعد ذلك من الوصول إلى الأسواق الغربية عبر خطوط نقل جديدة، ستخططها الصين وتموّلها وتديرها.
أيضاً، أضيف للصفقة بعدٌ عسكري من شأنه «تغيير التوازن الكامل للقوى الجيوسياسية في الشرق الأوسط». إذ ادعى المصدر الإيراني لموقع «أويل برايس» أن ذلك سيشمل تعاوناً عسكرياً جوياً وبحرياً كاملاً بين إيران والصين، مع لعب روسيا أيضاً دوراً رئيسياً. وأردف المصدر «هناك اجتماع مقرّر في الأسبوع الثاني من أغسطس (آب) المقبل بين الخبراء الإيرانيين ونظرائهم الصينيين والروس، للموافقة على التفاصيل المتبقية ولكن، شريطة إتمام ذلك كما هو مخطط. واعتباراً من 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، سيتاح للقاذفات الصينية والروسية والمقاتلات وطائرات النقل الوصول غير المقيد إلى القواعد الجوية الإيرانية. واستطرد «ستبدأ هذه العملية بمنشآت ذات الاستخدام المزدوج بنيت لهذا الغرض بجوار المطارات الحالية في همذان وبندر عباس وتشابهار وعبادان». وفي الوقت نفسه، ستكون السفن العسكرية الصينية والروسية قادرة على استخدام منشآت مزدوجة الاستخدام بنتها حديثاً الشركات الصينية في الموانئ الإيرانية الرئيسية تشابهار وبوشهر وبندر عباس.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».