تعد الزراعة أكبر مستهلك للمياه العذبة في العالم؛ إذ لا يوجد أي نظام لضبط استهلاك مياه الري. ويعتمد غالبية المزارعين في عملهم على ضخ المياه الجوفية واستخدامها حسب الرغبة، والفاتورة الوحيدة التي تُدفع؛ هي تكلفة الوقود اللازم لتشغيل المضخات.
هذا الأمر دفع بالبروفسور ماثيو ماكابي، الخبير في تقنية الاستشعار عن بُعد في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، إلى البحث عن حلول مبتكرة لأزمة المياه العالمية، من خلال تطوير نظام لقياس وتحديد كمية المياه الجوفية المستخدمة في الزراعة.
ويرى ماكابي أنّ تقنية طائرات الـ«درونز» قد تكون المفتاح لحل هذه المشكلة. وقد توصّل لهذه النتيجة خلال عمله في مختبر الهيدرولوجيا والرصد الأرضي (Halo) في «كاوست»، حيث يجري أبحاثه في مجالات رسم خرائط للمناطق الزراعية، وتحديد نوع المحاصيل التي تُزرع وصحتها، ومعدل استهلاكها مياه الرّي.
ولتحديد معالم وتضاريس المنطقة المراد مسحها، يستخدم ماكابي وفريقه تقنيات ومعدات تصوير متنوعة مثل الـ«درونز»، فضلاً عن الاستعانة بالأقمار الصناعية. وتُجهّز طائرة الـ«درونز» بكاميرات حرارية وأجهزة استشعار يمكنها مراقبة، على سبيل المثال، محتوى الكلوروفيل والإجهاد المائي للنبات.
الحصول على صور للأراضي الزراعية مجرد البداية فقط، إذ إنّ العمل الحقيقي يكمن في تحليل بيانات هذه الصور وتفسيرها، وهنا يأتي دور وخبرة مختبر الهيدرولوجيا والرصد الأرضي في «كاوست»، حيث يستخدم ماكابي وفريقه التعليم الآلي والذكاء الصناعي، لتحديد ووصف حقول زراعية محددة، والخروج بنتائج مقاسة بالتيرابايت والبيتابايت، وبعض هذه البيانات نُشر في ورقة بحثية عام 2019 على شكل تحليل عالي الوضوح غير مسبوق لبيانات استهلاك المياه لأحد الحقول الزراعية وباستخدام صور التُقطت من الفضاء.
وحدد فريق ماكابي في وقت مبكر من هذه الدراسة، كمية المياه المستخدمة في الزراعة لإنتاج المحاصيل في المملكة بمعدل 24 مليار متر مكعب سنوياً، وهو يعادل أكثر من 10 أضعاف ما تنتجه الدولة من مياه عذبة باستخدام تحلية المياه المكلفة.
ويوضح ماكابي أنّ جهود فريقه منصبّة على رسم الخرائط، وتحديد الحقول الزراعية في المملكة، ويقول: «نزور الحقول الزراعية ونتعرف على نوع المحاصيل فيها، ونسجل هذه البيانات، ومن ثمّ نعالجها باستخدام نماذج كومبيوترية للتنبؤ بكمية المياه المستخدمة. وأصبحت لدينا الآن آلية متطورة لتقدير كمية المياه الجوفية المستهلكة في الزراعة، لم تكن موجودة من قبل، وبدقة ووضوح ليسا موجودين في أي بلد آخر».
حلول مبتكرة لتقليل هدر مياه الري
حلول مبتكرة لتقليل هدر مياه الري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة