عمالقة التكنولوجيا في زمن «كورونا»: أرباح هائلة وتشكيك متزايد

الرؤساء التنفيذيون لكبرى شركات التكنولوجيا (من اليسار) مارك زوكربيرغ من فيسبوك وسوندار بيشاي من غوغل وتيم كوك من آبل وجيف بيزوس من أمازون (أ.ف.ب)
الرؤساء التنفيذيون لكبرى شركات التكنولوجيا (من اليسار) مارك زوكربيرغ من فيسبوك وسوندار بيشاي من غوغل وتيم كوك من آبل وجيف بيزوس من أمازون (أ.ف.ب)
TT

عمالقة التكنولوجيا في زمن «كورونا»: أرباح هائلة وتشكيك متزايد

الرؤساء التنفيذيون لكبرى شركات التكنولوجيا (من اليسار) مارك زوكربيرغ من فيسبوك وسوندار بيشاي من غوغل وتيم كوك من آبل وجيف بيزوس من أمازون (أ.ف.ب)
الرؤساء التنفيذيون لكبرى شركات التكنولوجيا (من اليسار) مارك زوكربيرغ من فيسبوك وسوندار بيشاي من غوغل وتيم كوك من آبل وجيف بيزوس من أمازون (أ.ف.ب)

قد تخرج الشركات التكنولوجية بوضع اقتصادي معزز جراء جائحة فيروس «كورونا» المستجد التي جعلت بعض المنصات أساسية أكثر من أي وقت، إلا أنها تواجه تشكيكا متزايدا.
ففي مطلع يوليو (تموز)، بلغت القيمة السوقية لست شركات رئيسية في هذا المجال وهي آبل ومايكروسوفت وأمازون وألفابت (الشركة الأم لغوغل)، 6500 مليار دولار أي ربع قيمة أكبر 500 شركة مدرجة في قائمة «ستاندرد أند بورز».
ويذكر عالم الاقتصاد إد يارديني الذي أجرى هذه الحسابات، أن ذلك يشكل مستوى قياسيا، وكتب في تقريره أن هذه الشركات «هي من بين أكبر المستفيدين من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة، وستستمر على الأرجح في الاستفادة من الاضطرابات حتى بعد حل الأزمة».
واستقطبت «نتفليكس» 26 مليون مستخدم جديد يدفعون اشتراكات منذ مطلع السنة، وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي ارتفاعا كبيرا جدا في نشاطها لا سيما على صعيد الفيديو.
ويتوقع أن تعكس النتائج الربعية التي تستعد الشركات الرقمية العملاقة لنشرها الزيادة الكبيرة في اعتماد خدماتها بسبب الإغلاق الطويل للمدارس والمكاتب وقاعات الحفلات والملاعب وغيرها.
وخلال النتائج السابقة كان ينظر إلى الأزمة الصحية على أنها فاصل موقت وقصير، إلا أن انعكاساتها على عادات المستخدمين على المديين المتوسط والطويل بدأت تتضح. وعلق إد يارديني على ذلك: «كلما أصبح العمل والتعليم والترفيه نشاطات تمارس من المنزل ازدهرت هذه الشركات».
وباتت منصة «أمازون» التجارية وخوادمها عن بعد أساسية لملايين الأشخاص في حين تمكنت «آبل» من تعزيز تنوع خدماتها للحوسبة السحابية.
وقال كريس ماسيرول المدير المساعد في قسم التكنولوجيا الناشئة في «بروكينغز إنستيتوشن» إن هذه المجموعات «كانت الشركات الوحيدة التي أثبتت أنها على قدر المشكلة».
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته «برانزويك غروب» مع مستهلكين في سبع دول في مايو (أيار) أن 70 في المائة من الأميركيين و65 في المائة من الأوروبيين يرون أن «شركات التكنولوجيا استخدمت حجمها ونفوذها للمصلحة المشتركة في مكافحة كوفيد - 19». إلا أن ثلاثة أرباع هؤلاء يعتبرون أن الحكومات «يجب أن تنشط أكثر على صعيد تنظيم عمل هذه الشركات. وقد ارتفع عدد مؤيدي هذا الرأي بنسبة 14 في المائة في الولايات المتحدة».
ولا ينظر كثير من البرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني بعين الرضا إلى تزايد سيطرة سيليكون فالي على كل جوانب الحياة اليومية.
وكان من المقرر الاثنين عقد جلسة غير مسبوقة لمجلس النواب الأميركي حول الممارسات المنافية للمنافسة مع مسؤولي أربع مجموعات تكنولوجية عملاقة هي غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون (غافا)، لكنها أرجئت إلى أجل غير مسمى. وتواجه هذه المجموعات الأربع كذلك تحقيقات عدة على صعيد المنافسة أو حماية البيانات الشخصية على المستوى الفيدرالي والولايات.
وقال المحلل دانييل إيف من «ويدبوش سكيورتيز»: «الطريق دونها عقبات» لهذه الشركات التي تثير «محاولات تنظيم القطاع، قلقها».
وهي مستهدفة من اليمين والرئيس الأميركي دونالد ترمب وإدارته في سعيهم إلى تسهيل وصول القوى الأمنية إلى أجهزة المستخدمين وبياناتهم المشفرة.
ويرى مسؤولون كبار في ذلك وسيلة أفضل لمكافحة الجريمة، ولا سيما الاعتداءات الجنسية على أطفال، بينما ترد المجموعات بأن إجراءات كهذه ستضعف الأمن الإلكتروني للجميع.
ويرى ترمب والجمهوريون من جهة أخرى أن شبكات التواصل الاجتماعي منحازة ضد المحافظين رغم شعبيتهم على المنصات ذاتها.
وفي المعسكر اليساري، رفعت كثير من المنظمات غير الحكومية والبرلمانيين الصوت حول المضامين التي تطرح مشاكل والتضليل الإعلامي.
وينصب الغضب خصوصا على «فيسبوك» التي قاطعها أكثر من ألف معلن بمبادرة من جمعيات تدعو إلى إشراف فعال أكثر على الرسائل التي تروج للكراهية والحقد.
وقال كريس ميسيرول إن «آبل» و«غوغل» ظهرتا بصورة «المواطن الصالح» خلال الأزمة بفضل جهودهما خصوصا لتحسين تكنولوجيا تعقب التواصل بين الأفراد في إطار مكافحة فيروس «كورونا» المستجد.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
TT

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)

شهدت سوق العمل في أوروبا تراجعاً بالربع الثالث من العام، مما يشير إلى استمرار التراجع في ضغوط التضخم، وهو ما قد يبرر مزيداً من خفض أسعار الفائدة، بحسب بيانات صدرت الاثنين.

وتباطأ ارتفاع تكاليف العمالة في منطقة اليورو إلى 4.6 في المائة في الربع الثالث، مقارنة بـ5.2 في المائة في الربع السابق، في حين انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة من 2.6 في المائة، وهو تراجع مستمر منذ معظم العامين الماضيين، وفقاً لبيانات «يوروستات».

وتُعزى ضغوط سوق العمل الضيقة إلى دورها الكبير في تقييد سياسة البنك المركزي الأوروبي بشأن خفض أسعار الفائدة، خوفاً من أن تؤدي زيادة الأجور بشكل سريع إلى ارتفاع تكاليف قطاع الخدمات المحلي. ومع ذلك، بدأ الاقتصاد في التباطؤ، حيث بدأ العمال في تخفيف مطالباتهم بالأجور من أجل الحفاظ على وظائفهم، وهو ما يعزز الحجة التي تقدّمها كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، لدعم مزيد من التيسير في السياسة النقدية.

وبينما لا تزال الشركات تحافظ على معدلات توظيف مرتفعة، فإنها أوقفت عمليات التوظيف الجديدة بشكل حاد، وذلك مع تكدس العمالة في محاولة لضمان توفر القوى العاملة الكافية للتحسن المنتظر.

وفيما يتعلق بأكبر اقتصادات منطقة اليورو، سجلت ألمانيا أكبر انخفاض في تضخم تكلفة العمالة، حيث تراجع الرقم إلى 4.2 في المائة في الربع الثالث من 6 في المائة بالربع السابق. وتشير الاتفاقيات المبرمة مع أكبر النقابات العمالية في ألمانيا إلى انخفاض أكبر في الأشهر المقبلة، حيث يُتوقع أن ينكمش أكبر اقتصاد في المنطقة للعام الثاني على التوالي في عام 2024 بسبب ضعف الطلب على الصادرات، وارتفاع تكاليف الطاقة.

وعلى الرغم من تعافي الأجور المعدلة حسب التضخم إلى حد كبير إلى مستويات ما قبل الزيادة الكبيرة في نمو الأسعار، فإن العمال لم يتلقوا زيادات ملحوظة في الأجور، حيث تدعي الشركات أن نمو الإنتاجية كان ضعيفاً للغاية، ولا يوجد ما يبرر مزيداً من الزيادة في الدخل الحقيقي. كما انخفض معدل الشواغر الوظيفية، حيث سجل أقل من 2 في المائة في قطاع التصنيع، فيما انخفض أو استقر في معظم الفئات الوظيفية الأخرى.