وزير الخارجية الفرنسي يحذَر: لبنان «على حافة الهاوية»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحفي في بيروت (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحفي في بيروت (إ.ب.أ)
TT

وزير الخارجية الفرنسي يحذَر: لبنان «على حافة الهاوية»

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحفي في بيروت (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحفي في بيروت (إ.ب.أ)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، اليوم (الجمعة)، من أن لبنان بات «على حافة الهاوية»، في ختام زيارة استمرت يومين إلى بيروت كرر خلالها دعوته لتنفيذ إصلاحات ضرورية لحصول لبنان على دعم مالي خارجي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وبدا لودريان حاسماً في تصريحاته خلال الزيارة التي تُعد الأولى لمسؤول رفيع المستوى إلى لبنان منذ تشكيل الحكومة وبدء انتشار وباء «كوفيد - 19» قبل أشهر. وشدد على ضرورة عدم المماطلة والإسراع في الإصلاحات.
وقال لودريان اليوم في حديث للصحافيين: «هذا البلد بات على حافة الهاوية»، في حال لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذه.
وأضاف: «الجميع يعرف المسار الذي يجب اتخاذه، وهناك وسائل للإنعاش. وفرنسا جاهزة لمرافقتهم بشرط أن تتخذ السلطات السياسية القرارات» للسير في طريق الإصلاحات. وأكد أن «هذه طلبات فرنسا، وأعتقد أنها سُمعت».
والتقى لودريان، أمس (الخميس)، كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري ونظيره اللبناني ناصيف حتّي.
ولم يُخفِ خيبة أمله قائلاً: «أكثر ما يذهلنا هو عدم استجابة سلطات هذا البلد» للأزمة الراهنة، مشدداً على الحاجة لـ«أفعال ملموسة طال انتظارها».
بدوره، أفاد مسؤول فرنسي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته بقوله: «لن تُقدم فرنسا على أي التزام مالي ما لم يتم تطبيق إصلاحات»، محذراً من أنه لا يمكن الحصول على شيء من المجتمع الدولي في غياب الثقة. وقال: «بدأ يفوت الأوان».
ولم يوفر الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المائة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب بتآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم. وبات نصف اللبنانيين تقريباً يعيش تحت خط الفقر، ولامَس معدل البطالة 35 في المائة.
وفي مارس (آذار)، تخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه عن تسديد ديونه الخارجية، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي معتمداً على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها الحكومة. لكن بعد جلسات عدة بين ممثلين عن الطرفين، لا تزال المفاوضات تراوح مكانها.
وكان المجتمع الدولي وعلى رأسه فرنسا، اشترط على لبنان تنفيذ إصلاحات جدية لتقديم أي مساعدة له.
وأكد لودريان أمس أنه «لا بديل» عن برنامج لـ«صندوق النقد الدولي» لخروج لبنان من الأزمة.
ويطمح لبنان إلى الحصول على دعم خارجي يفوق 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرها مؤتمر «سيدر» الذي انعقد في 2018 مشترطاً إصلاحات.
وزار لودريان اليوم «مستشفى رفيق الحريري الدولي»، حيث تتركز جهود مكافحة وباء «كوفيد - 19».
والتقى ممثلون عن المدارس الكاثوليكية والفرنكوفونية المعتمدة في لبنان خلال زيارة إلى مدرسة الكارمل قرب بيروت، حيث كرر تعهد بلاده بدعم تلك المدارس التي تعاني أيضاً من الأزمة الاقتصادية، وخصصت لها فرنسا تمويلاً طارئاً.
ويشهد لبنان منذ عقود أزمات متلاحقة وانقسامات طائفية وسياسية عميقة إذ تُوجَّه إلى السياسيين اتهامات بتقاضي رشى وعمولات على كل المشاريع العامة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، انتفض مئات آلاف اللبنانيين ضد الطبقة السياسية التي اتهموها بالفساد والعجز. وتراجع زخم التحركات مع تفشي «كوفيد - 19»، الذي سجل حتى الآن 3. 258 إصابة، بينها 43 وفاة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.