لبنان يحاول لملمة آثار فضيحة الدجاج الفاسد

TT

لبنان يحاول لملمة آثار فضيحة الدجاج الفاسد

عاد موضوع السلامة الغذائية إلى الواجهة في لبنان من باب مداهمة مستودعات تخزن كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة وتحديدا من الدجاج الذي تحول في الأشهر الأخيرة إلى طعام الفقراء بعد ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى أكثر من ثلاثة أضعاف.
وداهم أمس مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، بمؤازرة القوى الأمنية، مستودعاً للدجاج في منطقة الزلقا (شمال بيروت) بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من دهم عناصر من شعبة المكافحة في مديرية الجمارك برفقة وزير الصحة حمد حسن ثلاثة مستودعات في بلدة زكريت المتنية تحتوي على كمية ضخمة من الدجاج يعود تاريخ صلاحيتها إلى عامي 2016 و2017.
ولفت أبو حيدر إلى أن وزارة الاقتصاد «حصلت من القضاء على أسماء 39 محلا تتسلم بضائع من هذه المستودعات وكذلك محلات عرض مخصصة لبيع الدجاج فقط» لافتا إلى أن الوزارة «سحبت كمية من الدجاج الفاسد وتحاول الوصول إلى جميع المحلات التي تم توزيع البضائع لها لأن كل محل قد يكون له أكثر من فرع».
ويُشار إلى أنه تم العثور في المستودعات التي تعود إلى ثلاث مؤسسات شهيرة، على أكثر من 40 طناً من الدجاج الفاسد موضبة في صناديق، مع العلم أن الدجاج كان يُعاد تصنيعه ويسلم على شكل «الناغتس» و«البرغر» والإسكالوب».
وأوضحت مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة الدكتورة جويس حداد أن «كل المعلومات الموجودة على أجهزة الكومبيوتر حولت إلى القضاء المختص لتحديد الوجهة التي كان يرسل إليها الدجاج» وأن «الفواتير التي عثر عليها حددت الزبائن المباشرين».
ولفتت في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن «الأيام القادمة ستشهد حملات غير مسبوقة في هذا الملف تطال مختلف الجهات من مخازن كبرى ومحلات ومطاعم مع التركيز على المواد الغذائية الأولية». ونفت ما يُشاع من قبل أقرباء صاحب المستودع من أن البضائع كانت معدة للتلف، ولا سيما أنه من غير المنطقي «أن يتكلف تاجر على تبريد وتجميد مواد معدة للتلف لأكثر من ثلاث سنوات»، هذا فضلا عن أن «الكميات الفاسدة ضبطت في منطقة الإنتاج وأفاد مدير المعمل بأنها كانت محضرة للإعداد وليس للتلف».
وعن سبب عدم حصول حالات تسمم جماعية أو بشكل يلفت إلى تواجد مواد غذائية فاسدة، شرحت حداد أن الغش الغذائي يقوم عادة على «خلط كميات من المادة الغذائية الصالحة للاستعمال مع كميات غير صالحة بشكل لا يكون لها آثار تكشف الغش مباشرة»، موضحة «أن هذا لا يعني أبدا عدم وجود خطورة من تناول هذه المواد ففضلا عن التسمم الغذائي الذي قد يوصل إلى الموت في بعض الأحيان، أثبتت الدراسات ارتباط عدد من الأمراض السرطانية بتناول أطعمة غير صالحة وفاسدة».
وعلى خط المحاسبة تم إقفال المستودعات بالشمع الأحمر وحجز البضائع تحضيرا لتلفها وفقا للأصول والقوانين، وأمرت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بتوقيف مدير المستودعات وطاقم العمل والذين يخضعون للتحقيق من الأمن الجمركي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.