الكمامات الطبية... تذكار المتاحف الجديد

تحمل نماذج لأعمال فنانين عالميين أو شعارات مؤسسات ثقافية

كمامات رُسمت عليها حشرات تشبه العثة من متحف ستيدليجك للفنون في أمستردام
كمامات رُسمت عليها حشرات تشبه العثة من متحف ستيدليجك للفنون في أمستردام
TT

الكمامات الطبية... تذكار المتاحف الجديد

كمامات رُسمت عليها حشرات تشبه العثة من متحف ستيدليجك للفنون في أمستردام
كمامات رُسمت عليها حشرات تشبه العثة من متحف ستيدليجك للفنون في أمستردام

مع إعادة فتح أبواب المؤسسات الثقافية في أنحاء أوروبا، يتوافر في الكثير منها خدمة بيع أقنعة الوجه الطبية، التي تحمل أشكالا لأعمالها الفنية، أو شعارات تلك المؤسسات، لتكون بذلك وسيلة لتوفير دخل تحتاجه بشدة.
يوم الاثنين الماضي، أخذ الناس يتوافدون وقت الغداء إلى متجر الهدايا المتواجد في المتحف الوطني بالعاصمة البريطانية لندن، باحثين عن تذكارات تخلد ذكرى زيارتهم الأولى للمتحف بعد بدء عودة الأنشطة العامة في بريطانيا. وأخذ الزائرون يجولون ببصرهم، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي، بين الأرفف التي توجد عليها مظلات، ومشروبات، وحافظات أقلام. وسريعاً ما انجذب كثيرون منهم إلى مجموعة الأقنعة الطبية.
تقول جيسيكا ماكدونالد، طالبة (16 سنة): «إنها لطيفة»، بينما تتفحص قناعا طبيا عليه نموذج للوحة «عباد الشمس» لفان غوخ، معروض للبيع بسعر 9.50 جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 12 دولار. وأضافت: «تبحث أمي عن أقنعة وجه طبية لطيفة منذ فترة طويلة حتى لا نُضطر إلى ارتداء مثل تلك التي أرتديها» في إشارة إلى القناع الطبي الأزرق الشائع. كذلك اشترت الفنانة لورنا ماي وادزوورث (40 سنة)، قناعا طبيا يحمل رسوماً لورود من إبداع أمبروزيوس بوسخارت الأكبر، رغم قولها إنه يجعلها تبدو مثل «شجرة عيد الميلاد» بسبب ملابسها المزينة بالكثير من الرسوم والأشكال.
وتعد تلك الأقنعة الطبية من السلع الأكثر مبيعاً في متجر الهدايا منذ إعادة فتحه في 8 يوليو (تموز) على حد قول يومي ناكاجيما الذي يعمل موظفاً في المتجر. رغم أن هذه الأقنعة لم تبهر الجميع، تقول أليسون ريبلي (66 سنة)، إنها تعتقد أن أشكال الورود تقليدية، وتساءلت قائلة: «لما لا تكون مثل تلك الأشكال» في إشارة إلى بطاقة بريدية عليها نموذج للوحة «حمام فينوس» لدييغو فيلازكيز، التي تظهر بها فينوس (أحد الآلهة عن الرومان) وهي ترقد عارية على سرير. وأضافت قائلة: «ينبغي جعل الأقنعة الطبية تبدو غريبة الشكل وجذابة حتى يتحمس الشباب لارتدائها».
ومع بدء عودة فتح المتاحف في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وإلزام الكثير من الدول الناس بارتداء أقنعة طبية للحد من انتشار فيروس «كورونا»، من المرجح أن تنتشر الأقنعة الطبية التي تُباع في متاجر الهدايا. وصرحت الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء الماضي بأنه سيكون من اللازم ارتداء الأقنعة الطبية داخل المتاجر في إنجلترا، وسيُلزم من يمتنع عن ذلك بدفع غرامة مالية. (لم يرد ذكر المتاحف تحديداً في تلك اللوائح التنظيمية الجديدة بشأن الأقنعة الطبية. وطلب المتحف الوطني من الزائرين ارتداء الأقنعة الطبية، لكن من دون تنفيذ لذلك الأمر). في اليوم نفسه في فرنسا صرح إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، بأن ارتداء الأقنعة الطبية سيكون مفروضا في كل الأماكن العامة المغلقة قريباً. وفي الولايات المتحدة الأميركية، بدأت الكثير من الولايات تطبيق قرار ارتداء الأقنعة الطبية، حيث أُلزم الناس بارتدائها في الأماكن العامة التي من الصعب بها الحفاظ على التباعد بين الأفراد.
وذكرت جوديث ماذر، مديرة عمليات الشراء في المتحف الوطني، خلال مقابلة هاتفية، أن قرار بيع الأقنعة الطبية اتُخذ في اللحظة الأخيرة. وقالت إنها كانت في أحد المتاجر خلال شهر يونيو (حزيران)، وأخذت تتطلع في وجوه الناس من حولها، فرأت أن الأقنعة الطبية التي يرتدونها قبيحة، ومثل الأقنعة الطبية التي يستخدمها الجراحون. وقالت: «رأيت أن إضفاء بعض اللمسات الفنية سيكون مختلفا ومذهلا».
سيكون هناك دافع مادي أيضاً بالنسبة إلى متحف الـ«متروبوليتان» للفنون في مدينة نيويورك، حيث قالت ليان غريف، مديرة رفيعة المستوى في فريق تطوير المنتجات بالمتحف، خلال مقابلة هاتفية، إن الأقنعة الطبية طريقة يسيرة بالنسبة للناس لدفع المال إلى المتاحف. ويبيع المتحف بالفعل أربعة نماذج للأقنعة الطبية عبر الإنترنت، عليها رسوم تنتمي إلى المدرسة الانطباعية، ومناظر لأماكن في مدينة نيويورك، ومن المتوقع توفير مجموعة أكبر عند إعادة فتح أبواب المتحف في نهاية أغسطس (آب).
تتنوع تصميمات الأقنعة الطبية في المتاحف كثيراً، فقد طبع متحف «أوفيزي» في فلورنسا شعاره على كل الأقنعة الطبية التي يبيعها، كما تفعل دور الأزياء الإيطالية على الحقائب التي تقدمها. وأعدت مؤسسة «تات»، التي تتولى إدارة العديد من المتاحف في بريطانيا، مجموعة متنوعة من الأقنعة الطبية التي تحمل نماذج للوحات مثل «غروب الشمس في فنيسيا» لتيرنر. ويعد المتحف، الذي حقق أكبر نجاح في بيع الأقنعة الطبية حتى هذه اللحظة، «فيلا كليمت» في فيينا؛ وهو متحف يوجد في واحد من الأماكن التي كان يستخدمها الفنان غوستاف كليمت كمرسم في الماضي. وكان المتحف قد اضطر خلال شهر مارس (آذار) الماضي، إلى إغلاق أبوابه عندما فُرض قرار الإغلاق العام في النمسا حسب باريس ألاكوس، مدير المتحف. وسرعان ما أصبح المتحف بحاجة ماسة إلى المال. وقال باريس: «نحن متحف خاص، لذا لا نحصل على أي دعم من الحكومة. لقد كان الوضع حرجاً للغاية».
واقترحت بريجيت هابر، مصممة الأزياء وواحدة من أحفاد الفنان كليمت، تصنيع أقنعة طبية للمساعدة في توفير المال؛ وابتكرت تصميما بسيطا مستوحى من البحرية يحمل لمسة من التطريز باللون الأبيض الذي يذكر المرء بلوحات كليمت، وصنعت الأقنعة من المادة التي كان عادة ما يستخدمها كليمت في عمل لوحاته. وباع المتحف، الذي عاد لفتح أبوابه في مايو (أيار)، أكثر من 6 آلاف قناع طبي حتى هذه اللحظة، ويبلغ سعر القناع 20 يورو أي ما يعادل نحو 23 دولار. وأوضح ألاكوس قائلا: «لقد مكننا الحصول على هذا المال من دفع كل ما علينا من مستحقات مالية».
مع ذلك لا تبيع كل المتاحف الأقنعة الطبية من أجل المال اللازم لإدارة أعمالها، حيث يبيع متحف «ستيدليك» للفنون في أمستردام أقنعة طبية من تصميم كارلوس إيمورالز، الفنان المكسيكي الذي غُلق معرضه في المتحف بسبب الوباء. وتحمل الأقنعة الطبية صورة لكائن يشبه الفراشة يتحرك عندما يتنفس مرتدي القناع الطبي أو يتكلم. وقد استغل إيمورالز تلك الأرباح في صناعة أقنعة طبية لعمال الشوارع المكسيكيين. وربما يطلب المتحف من فنانين آخرين تصميم أقنعة طبية على حد قول رين وولفز، مدير المتحف، خلال مقابلة هاتفية. وأضاف: «إنها فرصة رائعة يتنافس من خلالها الفنانون».
كذلك تعاون متحف «ريجك» في أمستردام مع مؤسسة خيرية من أجل تصنيع الأقنعة الطبية الخاصة به، التي تحمل بشكل غريب نموذجاً للوحة شخصية ذاتية لرامبرانت. وقالت فيلين هوفمان، رئيسة المتجر في المتحف: «نظراً لأنه قناع وجه، رأينا أنه سيكون من المناسب أن يحمل صورة لوجه». وأضافت: «إذا كان على المرء ارتداءه، فلنضف إليه على الأقل قدراً من حس الدعابة».
وقال الكثير من زائري المتحف الوطني في لندن الاثنين الماضي، إنهم قد أعجبوا بفكرة تقديم تصميمات غير اعتيادية للأقنعة الطبية. وقالت سو باكنيل، (72 سنة)، إنها رأت وزوجها عندما كانا يتجولان في المتحف، صورة تصلح لأن تكون تصميما لقناع طبي وهي لوحة «القديس سيباستيان مخترقاً بالأسهم» لغيريت فان هونتهورست التي تعود إلى القرن السابع عشر. وقالت باكنيل وهي تضحك: «كان المقصد هو تصديه للوباء، لذا أعتقد أنها ستكون مناسبة. يبدو الأمر وكأنه يقول له ابتعد». ورغم تلك الفكرة اشترت باكنيل قناع طبي يحمل نموذج للوحة «زهور دوار الشمس»، الذي كان أفضل من الأقنعة الطبية المملة المنتشرة على حد قولها. وأضافت قائلة: «يعد ذلك دعماً يحتاجه المتحف بوضوح الآن» بينما تشير بيدها في اتجاه القاعات شبه الخاوية داخل المتحف.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».