مؤتمر «فقه الطوارئ» الدولي يثني على دور السعودية في مكافحة جائحة كورونا

أشاد بالقرارات المتخذة فيما يتعلق بالعمرة والزيارة والصلوات في الحرمين الشريفين

الشيخ محمد العيسى يلقي كلمته في المؤتمر والشيخ نهيان آل نهيان خلال افتتاحه المؤتمر (الشرق الأوسط)
الشيخ محمد العيسى يلقي كلمته في المؤتمر والشيخ نهيان آل نهيان خلال افتتاحه المؤتمر (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر «فقه الطوارئ» الدولي يثني على دور السعودية في مكافحة جائحة كورونا

الشيخ محمد العيسى يلقي كلمته في المؤتمر والشيخ نهيان آل نهيان خلال افتتاحه المؤتمر (الشرق الأوسط)
الشيخ محمد العيسى يلقي كلمته في المؤتمر والشيخ نهيان آل نهيان خلال افتتاحه المؤتمر (الشرق الأوسط)

شدد المؤتمر الدولي الذي نظمته (عن بُعد) رابطة العالم الإسلامي ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، بعنوان «فقه الطوارئ: معالم فقه ما بعد جائحة كورونا» يوم أمس، على أن الديانات السماوية، وفي مقدمتها الإسلام، تتفق على أن الإحسان في أوقات الشدائد والمحن، ينبغي أن يكون ممتداً لجميع الناس بغض النظر عن دياناتهم، وأن جميع الخلق مشمولون بواجب التضامن في استبقاء الحياة التي هي في أصلها هبة ربانية.
واستعرض المشاركون المرجعيات العلمية من أكثر من 45 دولة بجانب حضور بارز من مئات العلماء والمفتين ووزراء الشؤون الإسلامية والمجامع الفقهية والأكاديميين والمفكرين والباحثين من أنحاء العالم على مدار اليومين الماضية وتدارسوا أحكام المسائل الشرعية الملحة التي نشأت من هذه الجائحة ومحاور المؤتمر وموضوعاته التي تنوعت بين قضايا ومسائل في الاعتقادات والعبادات والمعاملات والصحة والآداب الشرعية.
أكد المؤتمر في بيانه الختامي الصادر أمس أنه من السابق لأوانه استخلاص نتائج نهائية عن طبيعة وباء كورونا وآثاره الاقتصادية ومخلفاته النفسية وانعكاساته الاجتماعية، مبيناً أن هذه الأزمة مست جميع مناحي الحياة في أدق تفاصيلها، مما يستدعي استنفار كل المهتمين والمختصين والخبراء لتشخيص أعراضها واستيعاب أبعادها واقتراح التدابير والخطوات اللازمة للخروج منها بأقل الخسائر الممكنة مادياً ومعنوياً.
وأشار إلى أن من القيم المركزية التي أظهرت هذه الأزمة ضرورتها قيمة التضامن بين البشرية لمواجهة المخاطر التي لا تفرق بين الشعوب والأجناس والألوان والأوطان، بل تصيب الجميع على تنوع أعراقهم وتعدد نحلهم وأديانهم وتفاوت طبقاتهم ومستوياتهم.
وشدد المجتمعون على أن الديانات السماوية، وفي مقدمتها الإسلام، تتفق على أن الإحسان في أوقات الشدائد والمحن، ينبغي أن يكون ممتداً لجميع الناس بغض النظر عن دياناتهم، وأن جميع الخلق مشمولون بواجب التضامن في استبقاء الحياة التي هي في أصلها هبة ربانية.
ونبه المؤتمر إلى خطورة خطاب الكراهية ومن ذلك أصوات رفض عبارات وشعارات الأخوة بين أتباع الأديان والتي أسست لها الشريعة في عدد من النصوص، وما لذلك الرفض من خطورة على مواثيق الأخوة الوطنية في بلدان التنوع الديني وما يُفضي إليه هذا الأمر من إثارة الفتن فيها.
كما تطرق المؤتمر إلى خطورة اجتزاء النصوص الشرعية ومن ذلك ما يتعلق منها بفئات معينة من أهل الكتاب وتعميمها عليهم جميعاً، بينما قال الله تعالى عنهم (ليسوا سواء)، وأكد المؤتمر على ما في هذا التضليل من الكذب على الله ورسوله والإساءة لدين الإسلام والتحريض عليه، مشدداً على أن حياة نفس واحدة كحياة البشر جميعاً، وخسارتها كخسارتهم جميعاً، والتعاطف الإنساني في الأزمات يُجدد شعورهم بالانتماء إلى الأسرة الإنسانية. والقرآن الكريم يؤكد أن السعي في إحياء نفس واحدة إنما هو سعي لإحياء جميع الأنفس.
وأكد أن هذه الأزمة تستدعي استنفار أدوات الاجتهاد الفقهي بكل مراتبه ومولدات الأحكام الجزئية في ظل المقاصد والقواعد الكبرى للتشريع.
وذكر أن مصطلح «الطوارئ» أليق بمعالجة قضايا هذه الأزمة من مصطلح «الجوائح»، لأن هذا الأخير في أصله ذو دلالات جزئية بخلاف الأول الذي يتضمن عنصر المفاجأة وغموض المصدر وشدة الوقع وشمولية الآثار، موضحاً أن فقه الطوارئ فقه مركب من الواقع والدليل الشرعي غايته البحث عن التيسير والرخص لقيام موجبها، ومادته نصوص الوحي المؤصلة للتيسير وما بني عليها من الأدلة والقواعد، والفاعل فيه الفقيه والخبير والحاكم.
وأشاد المؤتمرون بالقرارات الرشيدة التي اتخذتها السعودية فيما يتعلق بالعمرة والزيارة والصلوات في المسجد الحرام والمسجد النبوي.
كما نوهوا برؤية الإمارات في مواجهة هذه الأزمة استشرافاً في التخطيط وحزماً في التطبيق وسرعة في المبادرة ومشاركة في تطوير العلاجات المتطورة وبالدور الريادي الذي اضطلعت به في التضامن مع البلدان المتضررة من هذا الوباء دون النظر إلى دينها أو عرقها، فحركت أساطيلَها البحرية والبرية والجوية لتوفير شريان الحياة للإمدادات الصحية والإنسانية الأساسية لأكثر من 70 دولة للحد من انتشار فيروس كورونا جاعلة من إغاثة الإنسان حيثما كان البوصلة والهدف الأسمى لجهودها.
وأثنوا على دور السعودية الرائد في الإغاثة الدولية المتعلقة بوباء فيروس كورونا المستجد لمكافحة هذه الآفة والتخفيف من آثارها.
وأوصى المشاركون بتكوين لجنة لحصر الأحكام والاجتهادات الفقهية القيمة الواردة في جلسات هذا المؤتمر وإصدار مدونة بها والتوصية ببث تسجيلات جلسات المؤتمر وطبع بحوثه ومخرجاته ليعم النفع بمضامينها ومناهجها وأدلتها وتصل إلى المجامع الفقهية والمؤسسات العلمية والباحثين الشرعيين والجهات ذات الصلة بالبحث الفقهي.
ودعوا المسلمين إلى الاستمرار في أداء واجبهم الإسلامي والإنساني، الشرعي والحضاري، في تقديم الدعم المطلوب من صدقات وزكاة وتبرعات، والعمل على كفاية حاجات المتضررين، كما وجهوا دعوة إلى الأئمة والوعاظ والمنصات الفكرية والعلمية إلى أداء دورهم في إرشاد الناس ودعمهم روحياً وثقافياً بوسائل الاتصال الحديثة، وتبنّي خطاب حضاري إنساني عالمي، وبث روح الأمل والتفاؤل، وإبراز مظاهر التيسير والرحمة في أوقات البلاء والمحن، لما ينشأ عن الاستقرار النفسي من أثر على تعزيز المناعة البدنية.

العيسى: الجائحة حملت العلماء مسؤولية كبرى في مواجهة تيه السؤال وحيرة الجواب
وزير التسامح الإماراتي يؤكد دور الشريعة كمحرك للنظام الاجتماعي

ثمن الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح الإماراتي في كلمة الافتتاح ما يمثله المؤتمر الهام من حرصٍ كبير، على تأكيد دور الشريعة الإسلامية، كمحرك للنظام الاجتماعي العام، مشيراً إلى أن المشاركة الكبيرة التي حظي بها المؤتمر هو دعوة مهمة إلى التعاون الإقليمي والعالمي، من أجل التغلب على المشكلات، والحفاظ على الصحة العامة في كل مكان.
بينما أكد الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة علماء المسلمين، في كلمته بالمؤتمر «إن هذه الجائحة مع كَبَدِ معاناتها، تحمل منافع للناس، فقد فتحت للخلق آفاقاً وتدابيرَ، لم تخطر لهم على بال»، مقدماً شكره للشيخ عبد الله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي لإسهامه الفاعل والمتميز، من تباشير نجاح هذا المؤتمر.
وكان العيسى أشار إلى مناقشة المؤتمر معالم فقه ما بعد جائحة كُورونا؛ «نظراً لما في تضاعيف هذا الفقه من مسائلَ شرعية مهمة، ألحَّت بها المستجدِاتُ والنوازل، وفي طليعتها، بل والباعثُ الرئيسي على عقد هذا المؤتمر تلك الجائحة المستجدة».
وأشار الشيخ العيسى: «لقد نشأت عن هذه النازلة مسائل شرعية ملحة في العبادات والأحوال الشخصية والمعاملات، وكان على حَمَلَة الشريعة، مسؤولية كبرى في بيان أحكامها؛ لئلا تظل عالقة في تيه السؤال، وحيرة الجواب»، مؤكداً: «لقد كان الباعث، على هذا المؤتمرِ تلكم الأسئلة الملحة، والقضايا العالقة، والأجوبة المتعددة، في سياق شتات علمي، حيَّر المستطلع والمستفتي، وكلنا على موعدٍ، مع علماء الأمة الإسلامية للتصدي لتلك المستجدِات الفقهية، عبر هذا الملتقى، موضحين الحكمَ الشرعي في مسائلها وفروعِها (بالبينات والزُّبُر)، اضطلاعاً بالمسؤولية الشرعية».
من جهته، أكد الشيخ عبد الله بن بيّه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن النظرة لهذا المؤتمر تنطلق من الوعي بأنّ هناك جهة ينبغي ألا تَغفُل أو تُغفِل ما يجري، وهي جهة الفقه الذي هو عبارة عن صنوف وقوانين وفلسفة وروحانيات. مشيداً بما قامت به حكومة السعودية المخولة شرعاً ووضعاً برعاية الحرمين الشريفين وأقدس مكانين، من تدابير جنبت الكوارث ورعت الحرمة في مواجهة الأزمة وأدت الأمانة.
وشدد على أنه من اللازم التقيّد والالتزام بما تتخذه حكومة المملكة انطلاقاً من مسؤوليتها السيادية والشرعية في رعاية الحجاج والمعتمرين والزوار، مشيراً إلى أن القرار الذي صدر بتخصيص الحج هذه السنة لحجاج الداخل وتقليص أعداد الحجاج يعود لمصلحة المسلمين لما قد يواجهونه من خطر تفشي المرض بينهم في ظل استمرار جائحة كورونا، مضيفاً: «هو اجتهاد مصلحي صادرٌ من أهله وواقع في محلّه، اجتهاد مضبوط بالضبط الشرعي والمنهجي العلمي الصحيح».
من جانبه، أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، أن فقه التعامل مع جائحة كورونا بيّن مدى الحاجة الملحة إلى الخروج من الآفاق الضيقة التي تمثلت عند بعض المحسوبين على الخطاب الديني في حفظ أحكام بعض المسائل دون النظر بعين الاعتبار في فقه المقاصد، وفقه المآلات، ومراعاة ظروف الزمان والمكان وأحوال الناس ومستجدات العصر وطوارئه.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

في يومهم العالمي… السعودية تفتتح «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» وتستعرض تجربتها

الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)
الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)
TT

في يومهم العالمي… السعودية تفتتح «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» وتستعرض تجربتها

الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)
الدكتور عبد الله الربيعة استعرض جوانب من تجربة السعودية لأكثر من 3 عقود في فصل التوائم الملتصقة (مركز الملك سلمان)

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، اليوم (الأحد)، أعمال «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بمناسبة مرور 30 عاماً على «البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة»، وسط حضور واسع من عدد من المسؤولين المعنيّين والأطباء والمهتمّين بالمجال.

وبرعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، افتتح الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، الحفل، الذي يوافق اليوم الدولي للتوائم الملتصقة، مشيراً خلال كلمة ألقاها نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين، إلى أن عمليات التوائم الملتصقة تعدّ تحديات معقدة بما في ذلك ندرتها، حيث يقدّر معدل حدوثها بنحو 1 لكل 50 ألف ولادة، مما يتطلب تكريس الجهود العلمية والطبية لتجاوز تلك التحديات وتكثيف المساعي الإقليمية والدولية بما يكفل تذليل الصعاب في هذا المجال.

ولفت إلى أن بلاده أولت اهتماماً منذ أكثر من 3 عقود بحالات التوائم الملتصقة، إيماناً بأهمية تمكينهم بحقوقهم في التمتّع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية، مضيفاً أن ذلك أنتج تقديم نموذج متميز في الرعاية الطبية جسّده البرنامج، وتمثّل في رعاية 143 حالة من 26 دولة وإجراء 61 عميلة فصل ناجحة، مما جعله واحداً من أكبر البرامج الطبية الإنسانية المتخصّصة على مستوى العالم.

وأكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين أن «البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة» هو الوحيد المتخصص عالمياً في فصل التوائم الملتصقة، وانطلاقاً من تجربة السعودية الناجحة في عمليات فصل التوائم الملتصقة ودورها، وإيماناً منها بأهمية الاهتمام بهذه الفئة، بادرت المملكة بتقديم مشروع القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، يوماً دولّياً للتوائم الملتصقة، لتعزيز الوعي بحالات التوائم الملتصقة على جميع المستويات.

ودشّن الأمير فيصل بن بندر الموقع الإلكتروني لـ«البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة»، كما رعى عدداً من الاتفاقيات التي وقعها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» مع عدد من الجهات ذات العلاقة لدعم وتمكين أعمالها الإنسانية.

وشهد افتتاح المؤتمر تكريم عدد من الأطباء والشخصيات التي أسهمت في مسيرة عمليات فصل التوائم الملتصقة منذ عقود.

من جانبه، هنّأ تيدروس أدهانوم مدير عام منظمة الصحة العالمية، السعودية على قيادتها في تنظيم هذا المؤتمر المهم بمناسبة اليوم العالمي للتوائم الملتصقة، مؤكّداً أن المؤتمر يوفِّر فرصة لطرح «رؤى حاسمة من الابتكارات الجراحية إلى الاستراتيجيات طويلة المدى»، مما يشكل مبادرات نادرة في المجال، مشدّداً على دعم المنظمة الكامل للسعودية في هذا الإطار.

وأشاد أدهانوم بالدور الرائد للبرنامج السعودي للتوائم الملتصقة، عادّاً أن ما يقدمه البرنامج يمثِّل تقدّماً مذهلاً في العلوم الطبية، ويظهر التزاماً بكرامة وحياة الأطفال المتأثرين وأسرهم، موجّهاً شكراً خاصاً للدكتور عبد الله الربيعة على الدور الذي يلعبه محلّياً وعالمياً في هذا النوع من الجراحات النادرة.

وكشف أدهانوم أن 8 ملايين من الأطفال يعانون من تشوّهات عند ولادتهم، و40 ألفاً يموتون خلال أول شهر من ولادتهم، وتستمر التحدّيات طوال فترة حياة أولئك الأفراد، مثمّناً دور السعودية في مجال التوائم الملتصقة وسجلّها في دعم العائلات وإنشاء منصّات لتوسيع نطاق تسجيل التوائم، مما يساعد الدول ذات المداخيل المتوسطة والقليلة في مواجهة هذه الحالات النادرة.

وأكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف العام على «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، أن هذا التجمع يأتي احتفالاً بمناسبة مرور 3 عقود على بدء البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة، منوّهاً بتوجيه القيادة السعودية بحضور التوائم الذين تم فصلهم في السعودية، «ليكونوا سفراء على تصدّر السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعالم في هذا المجال الإنساني والطبي الدقيق».

وأضاف الربيعة أن البرنامج منذ بدايته عام 1990، رعى 143 حالة من 26 دولة، وجرى فصل 61 توأماً بنجاح، مع بقاء 7 حالات بانتظار قرار الفصل، وسلّط الضوء على أن البرنامج يعكس التوجه الاستثماري لبلاده في تطوير الكوادر الطبية والتعليم المتخصص، مع الاعتماد على التقنيات الحديثة، ونوّه بالدعم المستمر للقيادة السعودية التي أسهمت في تحقيق إنجازات عالمية غير مسبوقة، مشيراً إلى أن كل الطلبات التي رفعت لمقام القيادة لإحضار الحالات من خارج السعودية قوبلت بالموافقة على الدوام إلى جانب الدعم بما في ذلك الدعم المالي.

وشدّد الربيعة على أن البرنامج سيواصل العطاء والتقدم في هذا المجال، مؤكداً الرسالة الإنسانية التي يحملها البرنامج بغض النظر عن اللون أو الدين أو العرق.

وكانت جلسات المؤتمر انطلقت اليوم (الأحد)، وتستمر حتى غد (الاثنين)، وأشار الدكتور عبد الله الربيعة خلال جلسة حوارية، إلى أن السعودية وضعت نظاماً صحيًّا رقميّاً عبر التقنية بهدف العناية بالتوائم الملتصقة، لافتاً إلى هناك أخلاقيات متعلقة بالتوائم الملتصقة وعمليات فصلهم، وشدّد على أنها لا بد أن تشمل عوائلهم.

وعن صعوبة الوصول إلى الحالات التي تحتاج للتدخل الجراحي في مناطق النزاع، كشف الربيعة عن رقم قياسي تمثّل في تنفيذ 40 عملية جراحية في يوم واحد للاجئين في مناطق بسوريا وتركيا عبر «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».

ووفقاً للمسؤولين، سيتبادل المشاركون من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك بعض التوائم الملتصقة الذين تم فصلهم في إطار البرنامج تجاربهم، لتعزيز التفاهم حول التحديات والفرص القائمة في هذا المجال، وتعزيز جبهة موحدة لمعالجة الصعوبات.