غليان مناخي وشعبي جنوب العراق

رغم إقالة واستقالة غالبية المسؤولين المحليين

TT

غليان مناخي وشعبي جنوب العراق

لم تحل ظروف المناخ الصعبة وملامسة درجة حرارة الجو سقف 50 درجة مئوية في محافظة ذي قار جنوب العراق وكبرى مدنها الناصرية، دون خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين، أمس، في مناطق مختلفة، خصوصاً في مركزها.
وفي أحدث موجة من الاحتجاجات، أظهرت «فيديوهات» بثها ناشطون مئات المحتجين ترافقهم عجلات «التوك توك» والدراجات النارية وهم يعبرون «جسر الحضارات» من الجهة الغربية للمدينة باتجاه المعقل الرئيسي للاحتجاجات في ساحة الحبوبي، مرددين هتافات منددة بسوء الإدارة والفساد ونقص الخدمات، ومطالبة بإقالة ما تبقى من المسؤولين المحليين في مناصبهم.
وتظاهر العشرات أمام «شركة نفط ذي قار» وأغلقوا 3 من بواباتها بالإطارات المحترقة، كما تظاهروا أمام ديوان محافظة ذي قار، وفي قضاء «سوق الشيوخ» ومناطق أخرى في المحافظة عمد متظاهرون إلى إغلاق بعض الدوائر الحكومية للمطالبة بإقالة قائمقام القضاء، قبل أن يقوموا بالانسحاب وفتح الدوائر بعد فترة الظهيرة من يوم أمس.
واقتحم العشرات محطة الطاقة الكهربائية في الناصرية وقاموا بطرد مديرها، كما تظاهر العشرات من موظفي العقود في مديرية شبكات الجنوب الغربي للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة لأكثر من 5 أشهر وتحويلهم من عقود استثمارية إلى عقود وزارية لتحسين مرتباتهم الشهرية، وأفادت الأنباء الواردة من هناك بأن عددهم يناهز ألفي متعاقد.
بدوره، التقى محافظ ذي قار ناظم الوائلي، أمس، المتظاهرين أمام ديوان المحافظة، وتعهد أمامهم بإجراء سلسلة تغيرات إدارية تطال غالبية المسؤولين المحليين المنتمين لأحزاب سياسية من مناصبهم. وأكد الوائلي خلال كلمة أمام المتظاهرين على «مشروعية المطالب الشعبية، وإدارة المحافظة جزء من الشارع وتستجيب لرغباته في تحسين الواقع الخدمي»، ورفض السماح بأي احتكاك مع المتظاهرين السلميين.
وأشار إلى أن إدارته «ماضية في إقالة وإعفاء المسؤولين، ولن نسمح بعودة أي مدير يثبت فساده بعمله أبداً، بل سيحال للجهات المختصة لغرض المحاسبة». وأعرب الوائلي عن أمله في «تلبية رغبة المتظاهرين السلميين، المتمثلة بمحاربة الفساد وتحسين الواقع الخدمي».
وأظهرت وثائق رسمية تداولها ناشطون بعد ظهر أمس، صادرة بتوقيع المحافظ الوائلي، تؤيد قبول استقالة نحو 20 مسؤولاً في المحافظة.
من جانبه، يرى الناشط رعد الغزي أنه «ليس أمام المحافظ الوائلي الكثير ليفعله بشأن إقالة المسؤولين؛ إذ إنه سبق أن أقال أكثر من 20 مسؤولاً محلياً». وكان مديرو دوائر الصحة والتربية والبلديات قدموا الشهر الماضي استقالاتهم الرسمية تحت ضغط المطالبات الشعبية. ويقول الغزي لـ«الشرق الأوسط»: «في بعض الأحيان يتبادر لذهني شعور بأن الناس تخرج للتظاهر لمجرد التظاهر، وأظن أن ثمة اتجاهات حزبية تحرك الناس في اتجاهات تخدم مصالحها وليس مصالح المتظاهرين أو المدينة». غير أن الناشط وعضو تحالف «شباب التغيير» عباس السعداوي، يرى أن «المظاهرات وحملات الضغط ضد المسؤولين وإجبارهم على الاستقالة ضرورية في هذا الوقت».
ويقول السعداوي لـ«الشرق الأوسط»: «الناصرية وجميع مناطق ذي قار تعاني الأمرّين على المستويات كافة، ومع ذلك يراقب الناس ويرون بأعينهم حالة اللامبالاة التي يصر عليها غالبية المسؤولين المحليين، وعلى سبيل المثال، تعاني المحافظة منذ أيام من أزمة كبيرة في تجهيز المنازل بالكهرباء مع أنها تملك أكبر محطات التوليد للطاقة في البلاد. لذلك عمد المتظاهرون إلى طرد مدير المحطة».
ويضيف: «المشكلة أن الأحزاب والقوى النافذة تصر على وضع الموالين لها في المناصب الحكومية، ولا تأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والاختصاص. إنهم يدفعون الناس دفعاً إلى الاحتجاج والتظاهر، وثمة شعور متنامٍ لدي قطاعات كبيرة في المحافظة بأن مواصلة الاحتجاجات كفيلة بتحقيق المطالب».
وتعد محافظة ذي قار من أهم معاقل الاحتجاجات العراقية التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، واستمرت لأكثر من 5 أشهر متواصلة، وعرف محتجوها من بين أكثر الناشطين شراسة في مواجهة الأحزاب والفصائل الموالية لإيران، وقاموا بحرق معظم مقارهم هناك خلال الاحتجاجات، وما زالت جميع الأحزاب والفصائل لا تجرؤ على إعادة فتح مقارها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.