قصص تشكيلية على كمامات تنشر الوعي والفن

تعرض في حدث فني ترعاه مؤسسة «أراك» المصرية

TT

قصص تشكيلية على كمامات تنشر الوعي والفن

وجد عدد من الفنانين التشكيليين في مصر مُتنفساً تعبيرياً لهم عبر الاشتباك فنياً مع الكمامات، بعد أن صارت أسلوب حياة فرضها فيروس «كورونا» على الجميع، فأطلقت مؤسسة «أراك للفنون والثقافة» في مصر مبادرة للرسم على الكمامات، داعية الفنانين لابتكار تصميماتها وخطوطها وألوانها، والتقاط الصور بها مدعومة بأكثر من هاشتاغ على غرار «ارسم قناعك»، و«انشر الوعي»، و«انشر الفن».
شارك عدد من الفنانين المحترفين والهُواة على السواء في المبادرة، التي يقول عنها الفنان المصري أشرف رضا، الأستاذ في كلية الفنون الجميلة ومؤسس «أراك للفنون والثقافة»، إنّها مبادرة للمشاركة في التوعية المجتمعية عبر الفن التشكيلي، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي يصلنا فيه من منظمة الصحة العالمية أنباء تفيد بعدم اقتراب نهاية جائحة كورونا بعد، باتت الكمامة من أساليب الحياة الجديدة التي يتم الإجماع على ضرورة الالتزام بها، وفي مؤسسة (أراك) وجدنا أن دعم فكرة الالتزام بالكمامة عبر مباردة للفنانين الذين قاموا بالرسم على كماماتهم، قد تكون وسيلة لنشر الفن والوعي على حد سواء».
ويضيف الدكتور أشرف رضا «وصلتنا مشاركات من عدد كبير من الفنانين والهواة وكذلك من ذوي الاحتياجات الخاصة من محبي الفنون الذين قاموا بالرسم على كماماتهم في دعم كبير للمبادرة، ومن المنتظر أن يتم عرض جميع تلك الكمامات في معرض فني سيُنظّم مع بداية فتح الغاليريهات الفنية بشكل أكبر، بحيث سيكون هذا المعرض من أوائل المعارض الفنية التي ستعرض أحد نتاجات مبادرات الانطباعات الفنية عن كورونا، إذ إنّ كل الكمامات تُجسد الأسلوب الفني الخاص لكل فنان، ولكن بدلا من التعبير على اللوحات اعتمد التعبير الفني هنا على وسيط مُغاير وهو الكمامة».
وقد شملت قرارات الحكومة المصرية، منتصف يونيو (حزيران) الماضي، إعادة فتح العديد من المرافق من بينها المطاعم والمقاهي، والمنشآت الثقافية كالمسارح ودور السينما والمراكز الثقافية وغيرها، بنسبة 25 في المائة من طاقتها الاستيعابية، وبدأت الغاليريهات الفنية في مصر تنفيذ القرار لكن بشكل محدود، خاصة أنها تُخفف من أنشطتها بشكل عام خلال أشهر العطلة الصيفية، لتعود لذروة فعالياتها مع بدايات أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ومن وراء الكمامات هناك دوماً قصص عن العزلة والتباعد الاجتماعي التي ألهمت فنانيها، منهم الفنانة التشكيلية المصرية سالي الزيني، أستاذ مساعد بقسم الغرافيك بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، التي اعتبرت الكمامة مُسطحاً لنقل الأفكار المرتبطة بكورونا ومشاعر العزلة بشكل جمالي، وتُشارك الزيني برسم كمامة تُعد ترجمة بصرية لواحدة من خواطرها التي كتبتها وأطلقت عليها «لا حظر على التحليق»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت خلال فترة العزلة والحظر كتابة تدوينات تخص تأملاتي في تلك الفترة، وكانت إحداها مستوحاة من عصفور يتنقل بحرية خلف نافذتي، وشعرت بحريته التي نحن محرومون منها داخل البيوت، وقمت بنقل تلك المشاعر على سطح الكمامة التي أشارك بها في المبادرة في محاولة لنشر الفن والوعي في تلك الفترة».
يتوسط العصفور الطليق سطح الكمامة مُحاطاً بالورود والأغصان، تقول الدكتورة سالي الزيني «رسمت على الكمامة بألوان الأكريليك، واستخدمت الوسائط المتعددة في التصميم فوظّفت الكولاج، ومن المنتظر أن تُعرض الكمامة ضمن المعرض الذي سيعرض التصاميم الفنية بالكمامات»، وتضيف الزيني أنّ الكمامة بشكلها الأولي غير مُصممة للوقاية من الفيروس، ولكنّه يمكن إضافة فلاتر هوائية داخل طبقتها الداخلية، وبالإضافة لذلك «يمكن أن يُستعان بالتصاميم المختلفة للفنانين من خلال طباعتها على الكمامات المُجهزة والصالحة لأغراض الوقاية من فيروس كورونا».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».