برلين تستعيد صيتها «عاصمة للجواسيس»

المخابرات الداخلية ترصد زيادة في عمليات التجسس لأهداف إقتصادية وتقنية

مقر المخابرات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)
مقر المخابرات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)
TT

برلين تستعيد صيتها «عاصمة للجواسيس»

مقر المخابرات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)
مقر المخابرات الداخلية الألمانية في برلين (أ.ف.ب)

في نهاية الحرب العالمية الثانية، تحولت برلين «عاصمة الجواسيس» وشكلت طوال فترة الحرب الباردة، أرضاً خصبة للتجسس وملتقى للقوى العالمية المتخاصمة. لم تكن مدينة أخرى في العالم تجذب ذاك الكم من الجواسيس، من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي آنذاك. وعدد المتاحف التي تروي تاريخ التجسس في برلين قد يكون شاهداً على تلك الحقبة.
تغيرت هذه الصورة عن برلين بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار الجدار الفاصل في المدينة عام 1991. لكن اليوم عادت برلين لتشهد حركة تجسس «ديناميكية ومعقدة»، بحسب اعتراف هيئة حماية الدستور، أي المخابرات الألمانية الداخلية في تقريرها السنوي عن عام 2019 الذي صدر الأسبوع الماضي، حتى إن رئيس الهيئة توماس هالدنفانغ، اعترف خلال جلسة استماع له في البوندستاغ (البرلمان الاتحادي)، قبل أسبوعين، بأن «برلين تحولت إلى عاصمة التجسس منذ فترة»، وأن «مستوى عمليات التجسس ضد مصالح ألمانية هو نفسه كما كان خلال الحرب الباردة أو حتى أكثر».
المخابرات الداخلية ترى أن ازدياد النشاط التجسسي في برلين مرده «القوة الاقتصادية لألمانيا وشركاتها المبتكرة وخدماتها في مجال البحث التطبيقي». وتشير إلى أن عمليات التجسس هي أيضاً «اقتصادية وتقنية» من قبل أجهزة استخبارات أجنبية تسعى إلى سرقة كثير من هذه التكنولوجيا المتطورة.
من بين المخابرات الخارجية الناشطة بقوة في ألمانيا، عدد هالدنفانغ أمام البوندتساغ، المخابرات الروسية والصينية والإيرانية والتركية. وقال حينها إن «الوضع أصبح أكثر حدة» لأن أساليب التجسس المعتمدة باتت أكثر متانة، وأن عمليات الاعتداءات السيبرانية باتت أكثر تطوراً وتعقيداً. وأحصى قرابة 64 ألف رسالة إلكترونية ترسل لمقرات حكومية ألمانية شهرياً، مرفقة بروابط ضارة، في محاولة لقرصنة معلومات سرية.
وفي عام 2015، تعرض البوندستاغ لأكبر عملية قرصنة في تاريخ ألمانيا الحديث استمرت أيام قبل اكتشافها، ونجح من تبين أنهم قراصنة روس مرتبطون بموسكو، في اختراق أجهزة كومبيوتر لنواب في البرلمان وتمكنوا من نسخ رسائل إلكترونية سرية ومحتوى الأجهزة. وقبل بضعة أشهر، قالت المستشارة أنجيلا ميركل نفسها إن الأدلة تشير إلى تورط روسيا بهذه العملية، رغم أن موسكو تنفي الأمر.
لكن عمليات التجسس لا تقتصر على القرصنة والعمليات السيبرانية، بل تمتد لعمليات تجسس تقليدية. وفي الشهادة نفسها أمام البوندستاغ، قال رئيس المخابرات الخارجية برونو كال إن «العملاء مهامهم ليست مقتصرة فقط على جمع المعلومات، فهم لا يخافون من عمليات القتل».
وفي الشهر الماضي، وجه الادعاء اتهامات ضد مشتبه به ينتمي إلى المخابرات الروسية، بقتل معارض لموسكو في حديقة عامة في برلين في وضح النهار الصيف الماضي. وهو أيضاً ما تنفيه موسكو.
لكن ليست المخابرات الروسية وحدها الناشطة بقوة في برلين. ففي تحقيق سابق لـ«الشرق الأوسط» قال خبراء في عمل الاستخبارات إن هناك نحو 8 آلاف عميل تركي ناشطين في ألمانيا، يراقبون ويلاحقون المعارضين للرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشكل أساسي. وأكد حينها الخبير الألماني في شؤون المخابرات التركية إريك شميت إينبوم، أن جهاز الاستخبارات التركي أراد أن ينفذ عمليات اختطاف وحتى قتل لمعارضين أتراك في ألمانيا، لكنه تلقى تحذيراً شديد اللهجة من برلين وتهديداً بأنه «إذا تم تخطي هذا الخط الأحمر فإن ألمانيا سترد بطرد دبلوماسيين أتراك»، خصوصاً أن عمليات أنقرة التجسسية الرئيسية في ألمانيا تمر عبر سفارتها وقنصلياتها.
ويتحدث تقرير المخابرات الألمانية الداخلية السنوي عن عمليات تجسس تركية ليس هدفها فقط مراقبة المعارضين، بل أيضاً الحصول على معلومات يمكن استخدامها للتأثير على السياسية الألمانية تجاه تركيا.
وتعتبر المخابرات الداخلية أن «ألمانيا هي نقطة الاهتمام الرئيسي للمخابرات التركية خارج تركيا».
وإضافة إلى المخابرات التركية، تنشط المخابرات الإيرانية و«فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» كذلك بشكل كبير في برلين. ليس فقط لمراقبة المعارضين، بحسب تقرير المخابرات الداخلية السنوي، بل أيضاً للحصول على معلومات تتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية من خلال عمليات سيبرانية، بهدف استخدامها «للتحايل على العقوبات ضد إيران ومعرفة نيات صناع القرار حول السياسية المخطط لها تجاه إيران بهدف تطوير مناورات لمواجهتها».
عمليات التجسس الإيرانية في ألمانيا هذه زادت منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، بحسب تقرير المخابرات. وفي مارس (آذار) الماضي، حكمت محكمة ألمانية على مترجم ألماني من أصل أفغاني كان يعمل لدى الجيش الألماني، بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التجسس لصالح إيران، ونقل «أسرار دولة ذات طابع عسكري إلى موظف في الاستخبارات الإيرانية». وهناك أكثر من تحقيق جارٍ حالياً بحق أشخاص يشتبه بأنهم قاموا بعمليات تجسس لصالح إيران، بحسب تقرير المخابرات.
كذلك تنشط مخابرات النظام السوري، بحسب التقرير الألماني الذي يشير إلى دخول عدد من عناصرها مع اللاجئين في عز الأزمة عام 2015، بهدف مراقبة السوريين المعارضين في ألمانيا، ومحاولة التأثير على الرأي العام الألماني والسياسية الخارجية في برلين فيما يتعلق بسوريا.
وكالات الاستخبارات هذه ليست إلا عينة من عدد كبير آخر ناشط في برلين، أعاد إلى هذه العاصمة صيتها الذي كسبته خلال الحرب الباردة.
وحتى في عام 2013، كان رئيس المخابرات الألمانية الداخلية آنذاك هانس يورغ ماسن قد وصف برلين بأنها «العاصمة الأوروبية للجواسيس». وقد يكون قرار المخابرات الخارجية نقل مقرها من بلدة بولاش في ضواحي ميونيخ، إلى برلين العام الماضي، دليل على ازياد أهمية العاصمة من هذه الناحية.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.