الحصرم... بديل الحامض الأول

مصر في مقدمة الدول العربية المنتجة وسوريا بعدها

الحصرم... بديل الحامض الأول
TT

الحصرم... بديل الحامض الأول

الحصرم... بديل الحامض الأول

الحصرم واحد من أنواع الفاكهة المشهورة في المناطق الريفية والزراعية في العالم العربي. وهو كما يعرف أول العنب، أي العنب قبل أن ينضج ويصبح أكثر حلاوة. ويكثر الحصرم في بدايات فصل الصيف، أي قبل أن يستوي وينضج ويصبح عنباً نهاية الفصل. لكن الحصرم لا يستخدم كفاكهة بحد ذاتها، بل يحضر ويستغل للاستخدامات المطبخية الكثيرة خلافاً للعنب وبديلاً للحامض والخل بالتحديد.
وتعتبر مصر من أهم الدول في العالم والعالم العربي في إنتاج الحصرم والعنب، وتأتي بعدها سوريا التي تنتج 10 في المائة من محصول العنب في العالم العربي وفي المرتبة الـ8 في العالم، وتتركز زراعته في محافظة دمشق والغوطتين الشرقية والغربية ومناطق القنيطرة في الجنوب والسويداء وبساتين إدلب وحماة وحمص وحلب، وغيرها من المناطق الزراعية الرئيسية. ويقول الباحثون السوريون في هذا المضمار، إن إنتاج العنب يستهلك طازجاً في معظمه والبقية يستخدم لإنتاج الدبس وعصير العنب والزبيب والملبن والخل، أما الـ«تفل» (بقايا الحصرم أو العنب) فيستخدم «علفاً للحيوانات وأسمدة عضوية جيدة لتحسين نوعية التربة، وتستعمل البذور أحياناً بديلاً للتبن وتستخرج منها بعض الزيوت». وقد جرت محاولات عدة لتصنيع عصير الحصرم على نطاق استهلاكي واسع في سوريا، إلا أن تواصل الحرب الأهلية هناك منع هذه الجهود من أن تؤتي ثمارها.
إن حموضة الحصرم الطبيعية هي ما تعطيه قيمته العالية وأهميته المطبخية. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن نسبة الأحماض العضوية في الحصرم عالية جداً على عكس نسبة السكريات القليلة، وهو يحتوي على الفلافونوئيدات - Flavonoids (مركبات عضوية تتحلل في الماء) المضادة للأكسدة والبكتيريا والفطريات والطفرات الوراثية والفيروسات. وهذه المركبات موجودة في الكثير من أنواع الفاكهة والخضراوات، وتساهم بشكل كبير كما أشارت الدراسات الطبية الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية في محاربة السمنة والتخلص من الوزن، وهو أمر محط اهتمام الكثير من الناس الراغبين في التخلص من الوزن ومن الاختصاصيين وبحاثة الغذاء في الدول الغربية التي تعاني من داء السمنة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية وجنوب أفريقيا، والأهم في العالم العربي في الكويت والسعودية وقطر ومصر وغيره.
وللاستخدام عادة ما يعمل الناس على تجفيفه وتخزينه للاستخدام المستقبلي، كما يحصل مع العنب للحصول على الزبيب، والأهم أنه يتم طحنه أو عصره قبل تصفيته بفوطة المطبخ القطنية للتخلص من شوائبه وبقاياه أو ما يسمى بالـ«تفل». وبعد ذلك يحفظ العصير في البراد ليستخدم لأطول مدة ممكنة، وبالطبع كبديل للحامض والخل وفي عملية إنتاج الكثير من الصلصات، وخصوصاً صلصة الخردل.
يستخدم عصير الحصرم الطازج في طبخ ورق العنب وما يعرف باليبرق وفي طبخ المحاشي الأخرى مثل الكوسا والباذنجان والبندورة، كما يستخدم لتحضير سلطة الفتوش وسلطة التبولة وسلطات الخضرة على أنواعها كما سبق وذكرنا كبديل للحامض. ومن هذه السلطات سلطة البندورة بالنعناع والبصل الأخضر وزيت الزيتون والملح. ويستخدم البعض عصير الحصرم أيضاً ليضيفه على شرائح الكوسا والباذنجان والقرنبيط المقلية مع الثوم، أما البعض الآخر فيستخدم في عملية طبخ الدجاج بالفرن (تنقع قطع الدجاج بالعصير قبل الطبخ). وقد جرت العادة أن يُستخدم العنقود كاملاً من دون عصير فوق اليخنات والمحاشي لإكسابها طعماً حامضاً فريداً وطيباً لا مثيل له.
وهناك من الناس ما يخلل الحصرم عبر تمليحه ووضعه في المرطبان مع الثوم المفروم وزيت الزيتون، ويضيف الفلسطينيون الحر إلى الخلطة. ومن الناس ما يخلله بشكل عادي وتقليدي، أي مع الملح والماء والسكر فقط. كما يمكن أن يضاف عصير الحصرم إلى طبق البقلة أو الفرفحينة مع البندورة والثوم واللحم. كما يحضر الكثير من الناس عصير الحصرم لشربه كبقية أنواع العصير مع السكر في فصل الصيف، وهو من أنواع العصير المثلجة والمنعشة والمغذية. ويستخدم هذا النوع من العصير كثيراً في مناطق الشمال السوري، وخصوصاً منطقة حلب. ويعمل أهل حلب أيضاً على استغلال واستخدام الـ«تفل» بعد تجفيفه تحت الشمس وتخزينه، وأهم هذه الاستخدامات هي إدخاله مادةً أساسية في تحضير الزعتر الحلبي المعروف جداً بدلاً من استخدام ملح الليمون السام.
جاء ذكر الحصرم واستخداماته الطبية في كتب الطب القديم ومنها كتاب «تقويم الصحة» لابن بطلان في بغداد في القرن الحادي عشر للميلاد والذي ترجم إلى الكثير من اللغات، وخصوصاً اللاتينية. وبشكل عام قيل عنه قديماً إنه «يعقل البطن ويولد المغص والريح». ويبدو أن الناس قديماً استخدموا مسحوق الحصرم المجفف لتدليك البدن لأنه مفيد في تقويته وعلاج بعض الأمراض الجلدية. كما استخدمه البعض أيضاً لعلاج «البواسير والتقرحات المزمنة. أما مزج عصارة الحصرم المجفف مع العسل فينفع في بعض آفات الحلق واللسان واللثة وفي تخفيف وجع الأذن الملتهبة». وحالياً يعرف أن الحصرم وعصيره ومشتقاته مفيد جداً للقضاء على العطش و«تقوية المعدة والكبد ونافع في تهدئة التقيؤات والإسهال، كما يشير موقع «لحن الحياة».
كما أنه مفيد للحوامل بحيث يساهم في منع سقوط الجنين، ومضاد للأكسدة والتقرح كما ذكرنا سابقاً، ويعمل على تخفيض كمية الكوليسترول الضار في الدم ويعالج مشاكل عصر الهضم ويعزز الجهاز الهضمي لكن ينصح بالا يستخدم بكثرة حتى لا يضعف المعدة. والأهم من هذا كله أنه يحارب السمنة كما ذكرنا لغناه بالألياف ويمنح البشرة نعومتها ورونقها الطبيعيين ويمنع تجعدها. وتقول بعض الدراسات إن الحصرم يعزز جهاز المناعة في الجسم مما يحمي الفرد من الكثير من الأمراض، ويحمي من مرض السكري. كما يعتبر الحصرم من المواد التي تحارب حب الشباب وتقلل من ارتفاع ضغط الدم ودعم صحة القلب والكبد والطحال وحماية الشرايين من الانسداد، ويحمي من سرطانات المعدة والجلد والقولون.
بأية حال، فإن الحصرم مادة رائعة وحيوية ومتعددة الاستخدامات كما هو الحال مع العنب وفوائده الطبية والصحية جمة تحصى ولا تعد.


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

ما هي نصائح الطهاة لاستخدام السمسم في الطعام؟

نودلز بالدجاج والسمسم طبق للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)
نودلز بالدجاج والسمسم طبق للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)
TT

ما هي نصائح الطهاة لاستخدام السمسم في الطعام؟

نودلز بالدجاج والسمسم طبق للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)
نودلز بالدجاج والسمسم طبق للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)

رشة خفيفة من السمسم على طعامك تنقل طعم ما تتناوله إلى مساحات جديدة من المتعة واللذة، ولكن ما الأطباق التي يُفضّل تزيينها بالسمسم؟ وما الطريقة المثلى لذلك؟ في هذه القصة يضع مجموعة من الطهاة نصائح وإرشادات للاستفادة من هذه الحبة ذات اللونين الفاتح والداكن.

الشيف علي عبد الحميد يستعرض طبق لحم كانتون (الشرق الأوسط)

يقول الشيف علي عبد الحميد إن «هناك كثيراً من الفوائد الصحية للطهي باستخدام السمسم المليء بالدهون الصحية والبروتينات والألياف الغذائية ومضادات الأكسدة وعدد كبير من المعادن الأساسية، إذ يحتوي ربع كوب منه على كمية من الكالسيوم أكثر من كوب من الحليب».

ويرى أن بذور السمسم تتناسب جداً مع الدجاج والأسماك والخضراوات والفول السوداني والأرز والمعكرونة والصلصات والحشوات والتغميسات، كما أنها تستخدم في كثير من خلطات التوابل الكلاسيكية، مثل الزعتر الشامي، ومزيج التوابل السبعة اليابانية.

ومن الأطباق التي يحضّرها عبد الحميد بالسمسم «لحم كانتون مع الأرز»، المكون من اللحم، والنشا، والبصل، والثوم، والزنجبيل، وزيت سمسم، بالإضافة إلى قليل من بذور السمسم والكركم والأرز.

مقرمشات صحية بالسمسم للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)

وتعد كرات السمسم من الوجبات المحببة والمغذية للأطفال، كما يمكن دمجها بمكونات مثل الشوفان وبذور الكتان.

أما السلمون المقلي مع الفوريكاكي بالسمسم فهذا طبق آخر يحضّره عبد الحميد، استدعاه من المطبخ الآسيوي، ويجري تقديمه مع نودلز السوبا، ويقول: «إن العنصر الرئيسي في توابل الفوريكاكي اليابانية هو السمسم المحمص، مع رقائق السمك المجففة أو مسحوقه، والملح والسكر والبهارات الأخرى. وهو لذلك مثالي مع طبق السمك عموماً، لا السلمون وحده».

«في هذا الطبق يمكن أيضاً استخدام زيت السمسم، حتى تكتمل النكهة المعززة مع الشكل الأنيق» حسب الشيف، ويلفت إلى أن تقديمه مع النودلز أو الشعرية يُكسبه مزيداً من الجاذبية، فضلاً عن التجديد بالنسبة للمتذوق المصري.

سلمون مكعبات بقطع القرنبيط والصويا صوص للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)

«لكن بالنسبة للشخص التقليدي الذي لا يفضّل الخروج بعيداً عن مذاق مطبخ بلاده، فيستطيع تقديم السلمون مع الأرز المغطى بالفوريكاكي بدلاً من النودلز»، هكذا يقول الشيف عبد الحميد.

السلمون المحضر بالسمسم تقدمه أيضاً الشيف مها شعراوي، لكن بمكونات أخرى، وباسم آخر هو «وعاء أرز السلمون والقرنبيط»، وتقول: «هو طبق يساير اتجاه الطهي العصري، فهو أكلة متكاملة صحية ومشبعة وذات مذاق فريد».

وتعتمد شعراوي في تحضيره على سلمون مكعبات، والثوم، وصويا صوص، وسويت تشيلى صوص، وقرنبيط مفروم خشن مع الخيار والجزر وخل الأرز والكمون، وتضيف زيت السمسم، وبذوره أيضاً.

منين بالعجوة والسمسم للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)

نودلز الدجاج بالمشروم والسمسم واحد من الأطباق الرئيسية الأخرى التي تقدمها الشيف المصرية على مدونتها «cuisine_ de_ maha».

كما تقدم شعراوي مجموعة سلطات باستخدام السمسم، وتقول: «إنها منعشة وصيفية ومفيدة للغاية»، ومنها سلطة صدور الدجاج بالخس والجرجير والبنجر والبيض وجبن الفيتا، مع دريسنج خاص بها.

أما سلطة السبرينج رولز، فتعدها بالمانجو والسمسم والكاجو والكرنب الأحمر والفاصوليا الخضراء وورق سبرنغ رولز والبصل الأخضر مع دريسنج مكون من الثوم والجنزبيل وزيت السمسم والليمون.

ومن أطباقها التي تجتذب الكبار والصغار، ويمكن تناولها بديلاً عن المقرمشات المعلبة في السوبر ماركت، التي يرفضها كثيرون بسبب المواد الحافظة أو الزيوت المستخدمة، تبرز المقرمشات الصحية بالسمسم، وتقترح التهامها مع كوب الشاي أمام التلفاز أو كسناك خفيف حتى الانتهاء من الغذاء في المصيف، وتعده من دقيق الحمص ومعجون الفلفل الأحمر أو الأخضر المشوي، والزعتر وزيت الزيتون والكمون.

كما تقدم من الوصفات الحلوة والمعجنات بالسمسم «مُنين العجوة» المغطى بالسمسم، والبريوش، والسميط التركي.

مخبوزات بالسمسم للشيف مها شعراوي (الشرق الأوسط)

السمسم الأبيض أم الأسود

أما عن الحيرة التي يقع فيها كثيرون بين اختيار بذور السمسم الأسود أم الأبيض، فيحسم الشيف ماجد رائف هذا الاختيار، قائلاً: «يعتقد معظم الناس أن بذور السمسم إما بيضاء وإما سوداء، لكنها تأتي أيضاً بألوان أخرى، بما في ذلك الرمادي والذهبي!، لكن الأكثر انتشاراً هما اللونان الأبيض والأسود».

ويتابع: «تميل بذور السمسم السوداء إلى أن تكون أكثر قرمشة وإشباعاً من بذور السمسم الأبيض، كما أن بذور السمسم الأسود لها طعم جوزي أقوى وأكثر كثافة، في حين أن الأبيض لها نكهة جوزية أكثر اعتدالاً».

وعلى الرغم من أن الأمر يخضع للذوق الشخصي في بعض الأحيان، فإن ثمة قواعد أساسية للانحياز إلى أحدهما عند الطهي.

ويوضح: «لا يمكن استخدام هذه البذور بالتبادل في بعض الحالات، إذ تعدّ بذور السمسم الأسود أكثر ملاءمة لأطباق مطبخ الشرق. ويشمل ذلك المعكرونة، السوبا، السوشي، الأسماك، بالإضافة إلى الحلويات».

أما بذور السمسم الأبيض «فتعمل بشكل جيد مع الوجبات الغربية التقليدية والوجبات الخفيفة والسلطات والمخبوزات والبطاطس المقلية».

زيت السمسم

إذن تتبقى «التركات» الخاصة بزيت السمسم، أيهما نستخدم؛ المعالج بالبذور الخام، أم المحمصة؟ يجيب رائف: «الزيت المعتمد على البذور المحمصة يكون أقوى، ويستخدم لتعزيز نكهة الأطباق الرئيسية متعددة التوابل، وكذلك يناسب الأطباق الحارة». وينصح «عند شراء زيت السمسم أن تتحقق من قراءة ملصق البيانات، للتأكد من أنه يحتوي على بذور السمسم فقط، ولم يتم خلطه مع نوع آخر من الزيوت لتخفيفه».