الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

مواقع التواصل تشعل المنافسة بـ«تريند» الطعام الجديد

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
TT

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

«الحلو إيه؟» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات متلاحقة، والعقد الماضي كان الأبرز من حيث تغيير البصمة الأصلية لمذاق الحلويات.

وعزا بعض المطلعين على سوق الطعام تغيير ذوق المصريين في «الحلو» إلى «ضيوف» مصر من الجاليات العربية، خاصة السوريين المعروفين بمهارات الطهي، سواء في الحلو أو الحادق، بينما أرجع آخرون الفضل إلى مواقع التواصل التي أشعلت المنافسة وفرضت ثقافة «التريند».

ظلت «التحلية» على الطريقة المصرية تُزينها أصناف محدودة حتى سنوات قريبة، كان الأمر مقتصراً على وصفات يمكن تحضيرها في المنزل، مثل البسبوسة، والكنافة، والجلاش المحشي بالمكسرات، والكيك، وأم علي، حتى الأرز بلبن وسكر، إن خلا المطبخ من مكونات الزبد والدقيق والبيض والسميد.

كشري حلو (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الوصفات عينها كانت متوفرة لدى محال الحلوى الشهيرة التي لا يزورها إلا ميسورو الحال، وكانت تقدم الغربي أولاً، الممثل في قطع الكيك المُزين بالكريم شانتي والفاكهة الطازجة، وربما طبقات الشوكولاتة، ثم تسللت وصفات الحلوى الشرقية، وباتت منافساً يتقاسم السوق.

تبدل الحال الآن، وظهرت أصناف عدة لا يمكن إدراجها وفقاً للتصنيف الكلاسيكي للحلوى بين «الشرقي والغربي»، وحلّت «تريندات الحلو»، التي كان لضيوف مصر من الجاليات العربية عظيم الأثر في صعودها، حتى بات المصري يتطلع بعد الأكل لصحن القشطوطة أو الكاساتا بالبستاشيو، أما إذا كنت من عشاق المغامرات فعليك بصحن السعادة أو ما يطلق عليه تجارياً «طلب السيروتونين»، وهو طبقات من أنواع حلوى عدة، مثل الأرز بلبن مع البسبوسة والأيس كريم.

وعن تطور ذوق المصريين في الحلويات، ترى ريم عمرو، مستشارة تسويق وصاحبة شركة متخصصة في تطوير العلامات التجارية للحلويات، أن ثقافة «التحلية» لدى المصريين باتت أكثر ارتباطاً بالمتعة بعدما تنوعت الاختيارات، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة الحلوى في مصر تعود لأكثر من قرن من الزمان، وثمة علامات كلاسيكية يتخطى عمرها مائة عام، مثل جروبي، وتسيباس، وسيموندس، جميعها كانت محالاً يمتلكها أجانب، لذلك اعتمدوا في البداية الكيك أو الحلوى الغربية فقط».

وأضافت: «تطور بعد ذلك مفهوم الحلواني، وباتت الحلويات الشرقية مثل البسبوسة والكنافة والبقلاوة تظهر كمنافس بفضل الانفتاح الثقافي، خصوصاً مع ظهور علامات تجارية، مثل (العبد) ذات الأصول المصرية الخالصة، وكذلك (عبد الرحيم قويدر) الذي تمتلكه عائلة مصرية منحدرة من أصول سورية، لينقسم مفهوم التحلية لدى المصريين بين الشرقي والغربي».

وتشير مستشارة التسويق إلى أن «لكل موسم حلوى خاصة به، مثل حلوى (المولد النبوي) وكعك العيد وكيك الكريسماس، كل هذا يعكس العلاقة العاطفية المتأصلة في الثقافة المصرية، التي تربط بين تناول الحلو والشعور بالسعادة».

وتلفت إلى أنه «خلال السنوات العشر الماضية تطور ذوق المصريين وباتت تفضيلاتهم تشمل أصنافاً غير مألوفة، وتصاعد التغيير بالتوازي مع استقبال مصر للأشقاء العرب من سوريا وليبيا والعراق، وأخيراً السودان».

وتنوه إلى أن «الوجود السوري كان حاضراً في سوق الحلويات قبل استقبال مصر للسوريين الفارين من الحرب، وخلال العقد الماضي تأصل هذا الحضور بوصفات الكنافة على الفحم والكنافة بالجبن، بالإضافة إلى البقلاوة التركية التي يبرع الطهاة السوريون في تحضيرها».

وقالت: «الحضور السوري في البداية كان يتماشى مع الأصناف الشرقية المعروفة لدى المصريين، غير أنه مع مزيد من الاندماج ظهرت محال مثل (بلبن) الذي رفع شعار التجديد بأطباق حلوى، مثل الطسطوسة المكونة من طبقات الكيك الغارق في الزبدة مع الكنافة والكريمة والقشدة».

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

عدّت ريم ما يشهده الذوق المصري في «الحلو» تغييراً ناتجاً عن «الانفتاح الثقافي والاندماج المجتمعي». وقالت: «مع هذا الاتجاه تأصل مفهوم المقهى الذي يقدم حلوى أكثر عصرية، مثل الكاب كيك والوافل والبراونيز والدوناتس والمافن، وارتبطت هذه الثقافة أكثر بجيل الشباب».

ثقافة «التريند»

كما تعزو ريم تنوع مذاقات الحلو لدى المصريين إلى «التريند»، وقالت إن «السوشيال ميديا ساهمت في اشتعال المنافسة بين صنّاع الحلوى، ولم تعد السوق مقتصرة على الأسماء الرنانة، بينما دخل المنافس العربي والهواة، كما اتسعت السوق واحتضنت رغبات الشباب بأفكار غير تقليدية».

وأضافت أن «حالة الزخم هذه لحقت بها أفكار جاذبة، بعضها يعود إلى ثقافة المحافظات المصرية، مثل المدلعة التي تعود أصولها إلى طنطا، ثم ظهرت حلوى المقلوبة والمدلوقة والشرقانة والغرقانة والمكشكشة والمدحرجة والمكسوفة والمكشوفة، وصولاً إلى الهايصة واللايصة».

وترى خبيرة التسويق «أن كل هذه الاتجاهات ما هي إلا طرق لجذب انتباه المستهلك، لأن جميعها تتكون من طبقات الحلوى التقليدية مثل البسبوسة مع طبقات القشدة والكنافة وتوليفات أخرى تأخذ اسماً غير مألوف بهدف الجذب فقط، ولا يمكن تسميتها بصفة التجديد».

وتقول الطاهية المصرية ملك ذكري، مؤسسة علامة «كيكة»، إن الاندماج الثقافي بين المطبخ المصري والعربي أثرى سوق الحلوى، وخلق فرصاً واعدة. وأضافت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن ذوق المصريين بات أكثر تقبلاً للاتجاهات العصرية، كما غدا يتوق للتجارب العصرية والذوبان في مذاقات تنتمي لثقافات مختلفة، غير أن الأصالة والجودة هي معيار جذب المصريين أصحاب المزاج والذوق».

وتضيف ذكري أن تطوير مفهوم التحلية تأثر بمنصات التواصل الاجتماعي، وتقول: «عندما يشاهد المستهلك (تريند) يشعر بالرغبة في التجربة بحثاً عن الشعور بالانتماء للمجموعة، وهو سلوك يعزز الثقة بالنفس، غير أن الإقبال المؤقت لا يعني الاستمرارية، لا أعني بحديثي أن التطور مرفوض ويؤثر على هوية المطبخ المصري، بينما أعني أن ثمة اتجاهات تصعد وتنتشر بوتيرة متسارعة ثم تختفي نهائياً، الرهان هنا هو الجودة وتقديم مذاق مبتكر يبقى في الخيال ويدفع صاحبه لتكرار التجربة».

وتضرب ذكري مثالاً بحلوى «الكروكي»، وهي مزيج من طبقات الكرواسون مع الكوكيز، وتقول: «المزج بين رقائق الكرواسون والقوام الهش المقرمش للكوكيز أضاف تجربة لاقت استحسان المستهلك، لذلك اعتمدها عدد من صناع الحلوى، سواء في المحال الشهيرة أو أصحاب المشروعات الصغيرة».


مقالات ذات صلة

الفول واللوز والبازلاء الخضراء ..نكهة الذكريات

مذاقات الكعك التقليدي الذي يباع على كورنيش المنارة في بيروت (فيسبوك)

الفول واللوز والبازلاء الخضراء ..نكهة الذكريات

ما إنْ يصل فصل الربيع حتى تتفتّح معه براعم ذكريات أجيال من اللبنانيين. الأمر يتعلّق بخضراوات وفاكهة تكتظ بها الأسواق في موعدها هذا من كل سنة.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات كشري إسكندراني بالبيض و العدس من شيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

كيف تزيد نسبة البروتين في طعامك؟

ليست اللحوم وحدها هي طريقك إلى زيادة البروتين في أطباقك؛ لقد انتهى هذا العصر، الآن يمكنك فعل ذلك بسهولة من دون أن تغير أسلوبك في الطهي

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات صب زبدة البندق المذابة مع الشوكولاتة فوق أنواع  الحلويات

نصائح الطهاة لتصنيع واستخدام زبدة المكسرات

ما بين إضافتها لطبق المعكرونة أو أنواع مختلفة من العصير، أصبحت لديك بدائل كثيرة لتصنيع زبدة المكسرات واستخدامها منزلياً

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات آيس كريم بكمأة فاخرة (تريبيون ميديا)

ما هي أغلى 9 حلويات في العالم؟

يعتبر الكثير من الناس الحلوى نوعاً من الترف والرفاهية - فهي فاخرة، وغنية بالسعرات الحرارية، والنكهات، وفي كثير من الأحيان تكون غنية بالشوكولاته.

شانون كارول (نيويورك)
سفر وسياحة تجتذب رحلات الصيد مختلف الأعمار  (الشرق الأوسط)

رحلات الصيد البحري تجذب الهواة من جميع أصقاع العالم

يجذب البحر الأحمر في مصر هواة الصيد من جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى طول سواحله الممتدة لمئات الكيلومترات

أحمد عدلي (القاهرة)

ماذا تضمنت قائمة غداء ترمب في الرياض؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى قصر اليمامة بالرياض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى قصر اليمامة بالرياض (أ.ف.ب)
TT

ماذا تضمنت قائمة غداء ترمب في الرياض؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى قصر اليمامة بالرياض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى قصر اليمامة بالرياض (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صباح اليوم (الثلاثاء)، إلى السعودية، في أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه، وفي مستهل جولة تستمر 4 أيام وتشمل قطر والإمارات.

وفي حين احتسى ترمب القهوة السعودية خلال تبادله الأحاديث الودية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في استراحة قصيرة بصالة التشريفات في مطار الملك خالد الدولي فور وصوله. سيقام في قصر اليمامة غداء للرئيس الأميركي والوفد المرافق.

ماذا على قائمة الغداء للرئيس ترمب والوفد المرافق له؟

حسب قائمة الطعام المتداولة، فإن المقبلات كانت عبارة عن لحم الميسو الذي يٌقدم مع الخضراوات واللحم المقدد.

والطبق الرئيسي هو لحم أبقار الأنغوس المشوي، ويٌقدم مع البطاطس وسلطة الأعشاب.

أما الحلويات فكانت بارفيه زيت الزيتون البكر وسلطة الفراولة.

قائمة طعام غداء الرئيس الأميركي والوفد المرافق باللغتين العربية والإنجليزية (الشرق الأوسط)

وحطت طائرة ترمب في مطار الملك خالد الدولي بالرياض حوالي الساعة 9:50 صباحاً بتوقيت المملكة، ورافقتها مقاتلات «إف-15» سعودية قبيل هبوطها، وأثناء نزوله عزفت الأبواق، وأطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيباً بقدومه، بينما كان في استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.