الحصرم... بديل الحامض الأول

مصر في مقدمة الدول العربية المنتجة وسوريا بعدها

الحصرم... بديل الحامض الأول
TT
20

الحصرم... بديل الحامض الأول

الحصرم... بديل الحامض الأول

الحصرم واحد من أنواع الفاكهة المشهورة في المناطق الريفية والزراعية في العالم العربي. وهو كما يعرف أول العنب، أي العنب قبل أن ينضج ويصبح أكثر حلاوة. ويكثر الحصرم في بدايات فصل الصيف، أي قبل أن يستوي وينضج ويصبح عنباً نهاية الفصل. لكن الحصرم لا يستخدم كفاكهة بحد ذاتها، بل يحضر ويستغل للاستخدامات المطبخية الكثيرة خلافاً للعنب وبديلاً للحامض والخل بالتحديد.
وتعتبر مصر من أهم الدول في العالم والعالم العربي في إنتاج الحصرم والعنب، وتأتي بعدها سوريا التي تنتج 10 في المائة من محصول العنب في العالم العربي وفي المرتبة الـ8 في العالم، وتتركز زراعته في محافظة دمشق والغوطتين الشرقية والغربية ومناطق القنيطرة في الجنوب والسويداء وبساتين إدلب وحماة وحمص وحلب، وغيرها من المناطق الزراعية الرئيسية. ويقول الباحثون السوريون في هذا المضمار، إن إنتاج العنب يستهلك طازجاً في معظمه والبقية يستخدم لإنتاج الدبس وعصير العنب والزبيب والملبن والخل، أما الـ«تفل» (بقايا الحصرم أو العنب) فيستخدم «علفاً للحيوانات وأسمدة عضوية جيدة لتحسين نوعية التربة، وتستعمل البذور أحياناً بديلاً للتبن وتستخرج منها بعض الزيوت». وقد جرت محاولات عدة لتصنيع عصير الحصرم على نطاق استهلاكي واسع في سوريا، إلا أن تواصل الحرب الأهلية هناك منع هذه الجهود من أن تؤتي ثمارها.
إن حموضة الحصرم الطبيعية هي ما تعطيه قيمته العالية وأهميته المطبخية. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن نسبة الأحماض العضوية في الحصرم عالية جداً على عكس نسبة السكريات القليلة، وهو يحتوي على الفلافونوئيدات - Flavonoids (مركبات عضوية تتحلل في الماء) المضادة للأكسدة والبكتيريا والفطريات والطفرات الوراثية والفيروسات. وهذه المركبات موجودة في الكثير من أنواع الفاكهة والخضراوات، وتساهم بشكل كبير كما أشارت الدراسات الطبية الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية في محاربة السمنة والتخلص من الوزن، وهو أمر محط اهتمام الكثير من الناس الراغبين في التخلص من الوزن ومن الاختصاصيين وبحاثة الغذاء في الدول الغربية التي تعاني من داء السمنة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية وجنوب أفريقيا، والأهم في العالم العربي في الكويت والسعودية وقطر ومصر وغيره.
وللاستخدام عادة ما يعمل الناس على تجفيفه وتخزينه للاستخدام المستقبلي، كما يحصل مع العنب للحصول على الزبيب، والأهم أنه يتم طحنه أو عصره قبل تصفيته بفوطة المطبخ القطنية للتخلص من شوائبه وبقاياه أو ما يسمى بالـ«تفل». وبعد ذلك يحفظ العصير في البراد ليستخدم لأطول مدة ممكنة، وبالطبع كبديل للحامض والخل وفي عملية إنتاج الكثير من الصلصات، وخصوصاً صلصة الخردل.
يستخدم عصير الحصرم الطازج في طبخ ورق العنب وما يعرف باليبرق وفي طبخ المحاشي الأخرى مثل الكوسا والباذنجان والبندورة، كما يستخدم لتحضير سلطة الفتوش وسلطة التبولة وسلطات الخضرة على أنواعها كما سبق وذكرنا كبديل للحامض. ومن هذه السلطات سلطة البندورة بالنعناع والبصل الأخضر وزيت الزيتون والملح. ويستخدم البعض عصير الحصرم أيضاً ليضيفه على شرائح الكوسا والباذنجان والقرنبيط المقلية مع الثوم، أما البعض الآخر فيستخدم في عملية طبخ الدجاج بالفرن (تنقع قطع الدجاج بالعصير قبل الطبخ). وقد جرت العادة أن يُستخدم العنقود كاملاً من دون عصير فوق اليخنات والمحاشي لإكسابها طعماً حامضاً فريداً وطيباً لا مثيل له.
وهناك من الناس ما يخلل الحصرم عبر تمليحه ووضعه في المرطبان مع الثوم المفروم وزيت الزيتون، ويضيف الفلسطينيون الحر إلى الخلطة. ومن الناس ما يخلله بشكل عادي وتقليدي، أي مع الملح والماء والسكر فقط. كما يمكن أن يضاف عصير الحصرم إلى طبق البقلة أو الفرفحينة مع البندورة والثوم واللحم. كما يحضر الكثير من الناس عصير الحصرم لشربه كبقية أنواع العصير مع السكر في فصل الصيف، وهو من أنواع العصير المثلجة والمنعشة والمغذية. ويستخدم هذا النوع من العصير كثيراً في مناطق الشمال السوري، وخصوصاً منطقة حلب. ويعمل أهل حلب أيضاً على استغلال واستخدام الـ«تفل» بعد تجفيفه تحت الشمس وتخزينه، وأهم هذه الاستخدامات هي إدخاله مادةً أساسية في تحضير الزعتر الحلبي المعروف جداً بدلاً من استخدام ملح الليمون السام.
جاء ذكر الحصرم واستخداماته الطبية في كتب الطب القديم ومنها كتاب «تقويم الصحة» لابن بطلان في بغداد في القرن الحادي عشر للميلاد والذي ترجم إلى الكثير من اللغات، وخصوصاً اللاتينية. وبشكل عام قيل عنه قديماً إنه «يعقل البطن ويولد المغص والريح». ويبدو أن الناس قديماً استخدموا مسحوق الحصرم المجفف لتدليك البدن لأنه مفيد في تقويته وعلاج بعض الأمراض الجلدية. كما استخدمه البعض أيضاً لعلاج «البواسير والتقرحات المزمنة. أما مزج عصارة الحصرم المجفف مع العسل فينفع في بعض آفات الحلق واللسان واللثة وفي تخفيف وجع الأذن الملتهبة». وحالياً يعرف أن الحصرم وعصيره ومشتقاته مفيد جداً للقضاء على العطش و«تقوية المعدة والكبد ونافع في تهدئة التقيؤات والإسهال، كما يشير موقع «لحن الحياة».
كما أنه مفيد للحوامل بحيث يساهم في منع سقوط الجنين، ومضاد للأكسدة والتقرح كما ذكرنا سابقاً، ويعمل على تخفيض كمية الكوليسترول الضار في الدم ويعالج مشاكل عصر الهضم ويعزز الجهاز الهضمي لكن ينصح بالا يستخدم بكثرة حتى لا يضعف المعدة. والأهم من هذا كله أنه يحارب السمنة كما ذكرنا لغناه بالألياف ويمنح البشرة نعومتها ورونقها الطبيعيين ويمنع تجعدها. وتقول بعض الدراسات إن الحصرم يعزز جهاز المناعة في الجسم مما يحمي الفرد من الكثير من الأمراض، ويحمي من مرض السكري. كما يعتبر الحصرم من المواد التي تحارب حب الشباب وتقلل من ارتفاع ضغط الدم ودعم صحة القلب والكبد والطحال وحماية الشرايين من الانسداد، ويحمي من سرطانات المعدة والجلد والقولون.
بأية حال، فإن الحصرم مادة رائعة وحيوية ومتعددة الاستخدامات كما هو الحال مع العنب وفوائده الطبية والصحية جمة تحصى ولا تعد.


مقالات ذات صلة

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

مذاقات تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

ظاهرة «Dine and Dash» أو الخروج من المطعم دون دفع الفاتورة تعدّ مشكلة متزايدة في كثير من المطاعم في بريطانيا، وبالأخص في لندن.

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

في إحدى الليالي المعتدلة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا، تتحرك الحشود في شوارع حي «كور جوليان» المركزي الذي تتناثر فيه رسومات الغرافيتي.

ليلي رادزييمسكي (مرسيليا)
مذاقات «محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات «الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

«الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

برقائق الشوكولاتة المتناثرة على سطحها، اكتسبت «الكوكيز» الأميركية شعبية كبيرة خلال السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك 4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

4 حقائق صحية تدعوك إلى تناول الفطر

لا يحتاج الفطر «عيش الغراب» (Mushrooms) إلى ضوء الشمس لينمو، ويتضاعف حجم الفطر كل 24 ساعة، ويُزرع ويُحصد على مدار العام.

د. عبير مبارك (الرياض)

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)
بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)
TT
20

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)
بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)

في إحدى الليالي المعتدلة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا، تتحرك الحشود في شوارع حي «كور جوليان» المركزي الذي تتناثر فيه رسومات الغرافيتي. تتوزع المباني الملونة كما لو أن مياه البحر الأبيض المتوسط القريبة قد غمرتها ثم انحسرت عنها وخلفت وراءها أصباغ قوس قزح متناثرة.

إنه منتصف الليل تقريباً. لا تزال الساحة تعج بالناس. أغلب المطاعم مغلقة، لكن الوهج الدافئ يلوح من طاولات أخرى مفتوحة، حيث تفوح رائحة صلصة الطماطم والجبن والعجين في الهواء.

قال لي صديقي سيمون، المولود في مرسيليا، عندما انتقلت إلى المدينة منذ أكثر من عام بقليل: «هنا، الطعام في وقت متأخر من الليل، ليس الكباب أو الكريب إنها البيتزا».

تتميز بيتزا مرسيليا بقشرة أقسى من بيتزا نابولي اللينة. وعادة ما تُصنع بجبن الإيمنتال بدلاً من جبن الموزاريلا. ويقول البعض إن السبب في ذلك هو أن جبن الإيمنتال كان متاحاً أكثر؛ بينما يؤكد آخرون أنه أكثر ملوحة وغنى. وكثيراً ما يستبدل صانعو البيتزا البردقوش البروفنسالي بالأوريغانو؛ وأحياناً ينثرون الثوم النيء فوقها.

أما شريحة بيتزا مرسيليا الكلاسيكية، فهي فطيرة الـ«مواتييه مواتييه» (النصف نصف)، وهي فطيرة من الطماطم محشوة بالأنشوجة على جانب واحد والجبن على الجانب الآخر. أما البيتزا الأرمينية، فإنها تحتوي على لحم البقر المفروم والبصل والفلفل. وتوجد نقانق فيغاتيلي الحلوة مع الجبن الذي يشبه الريكوتا فوق الفطيرة الكورسيكية. تتوفر البيتزا الحلال في حي «نواي» القريب من الميناء.

ويعكس هذا التنوع طابع المدينة نفسها. جلب الإيطاليون البيتزا للمرة الأولى إلى مرسيليا في أواخر القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الحين، احتضنت المدينة موجات من المهاجرين، من أماكن مثل أرمينيا وكورسيكا والجزائر، وجميعهم احتضنوا الطبق الإيطالي الأصل وجعلوه طبقاً خاصاً بهم.

تقول سيلين رينيارد، المؤرخة المحلية: «لا يختلف الأمر كثيراً في مرسيليا عن المدن الساحلية الصناعية الكبرى الأخرى، لكن ما يميز مرسيليا، ربما مثل نيويورك بعض الشيء، هو أن هناك طابعاً كوزموبوليتانياً عالمياً. إذ تعدُّ المدينة نفسها بوتقة انصهار للجميع».

مرسيليا هي فسيفساء من الناس والثقافة والتاريخ. والبيتزا هي مجرد وسيلة لاستكشاف ذلك المزيج.

وصل المهاجرون الإيطاليون إلى مرسيليا بأعداد كبيرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حيث استقر الكثير منهم في «لو بانييه»، أقدم أحياء المدينة، حيث افتتحوا مطاعم مثل «لا بيلا بيتزا»، أول مطعم بيتزا مسجل في المدينة.

بيتزا "مواتييه مواتييه" في مرسيليا (نيويورك تايمز)
بيتزا "مواتييه مواتييه" في مرسيليا (نيويورك تايمز)

كانت جوزفين روكارو وزوجها يديران مزرعة في صقلية قبل أن ينتقلا إلى مرسيليا في وقت ما من عشرينات القرن الماضي - وعائلتهما غير متأكدة من السنة التي هاجرا فيها على وجه التحديد. في البداية كانت روكارو تبيع البيتزا في الشارع من صندوق خشبي. ثم افتتحت مطعم «لا بيلا بيتزا» في عام 1924.

لم يعد المطعم الأصلي موجوداً. لكن بالقرب من «كور جوليان»، ينفتح باب أسود خفي على صوت أزيز مسموع من غرفة مزدحمة ذات إضاءة خافتة. تلف صانعة البيتزا العجين وتديره على خلفية فرن ناري مشتعل. المكان ضيق، لكن عندما يكون الطقس لطيفاً - وهو ما يحدث أغلب الوقت في مرسيليا - يتدفق رواد المطعم إلى الشرفة. هذا هو مطعم «لا بيلا بيتزا» اليوم، ويديره رومان سابينزا، وهو حفيد حفيد روكارو.

خلال إحدى زياراتنا الأخيرة، خرج سابينزا من خلف المنضدة بابتسامة عريضة. افتتح المطعم في عام 2021 بعد أن قضى سنوات في وظيفة مكتبية. وقال إنه كان متحمساً للعمل بيديه، حيث كان يقوم بحركة عجن عجينة البيتزا.

عندما نشأ في بلدة قريبة، كان منزل والديه وأجداده - الذي كان يبعد أقل من نصف ميل عن بعضهما بعضاً - مجهزاً بأفران البيتزا في الفناء الخلفي، كما قال وهو يقلب في بعض الصور القديمة الممسوحة ضوئياً على هاتفه.

في إحدى الصور، تجتمع العائلة حول طاولة بلاستيكية بيضاء مغطاة بقماش مزين بالزهور بينما كانت جدته تقطع البيتزا. قال سابينزا إن أجداده كانوا يملكون مطعمهم الخاص في مرسيليا، الذي كان يحمل اسماً مختلفاً في الستينات. وقال إن تجار المخدرات والقوادين كانوا يتناولون الطعام هناك بجانب رئيس الشرطة والسياح.

تُصنع البيتزا في مطعم «لا بيلا بيتزا» على طريقة مرسيليا مغطاة بالثوم الطازج؛ ويقول سابينزا إن شريحة البيتزا يجب أن تكون مقرمشة بما يكفي للإمساك بها بثلاثة أصابع - الإبهام والسبابة والوسطى - ويجب أن تكون صلبة من الأسفل ولينة من الداخل.

وقال أيضاً: «بيتزا مرسيليا هي بيتزا لها قصة. فنحن نشعر بالتاريخ والإنسانية والثقافة من خلال الطعام وكيفية تناوله».

طلبات البيتزا الجاهزة كبيرة ورائجة في مرسيليا؛ حيث تجوب المدينة أكثر من 50 شاحنة حول المدينة وتقف في مواقع مختلفة حسب اليوم. يأخذ الناس البيتزا لتناولها على الشاطئ، ويعرضون أحياناً مشاركتها مع أي شخص قريب. عندما يلعب فريق كرة القدم المحلي «أولمبيك مارسيليا» مباراة ما، يبدو الأمر كما لو أن كل شخص في المدينة لديه شريحة بيتزا في يده. حتى أن الكثيرين يتناولونها أثناء التنقل، وهو أمر نادر في فرنسا، حيث يعدُّ الجلوس لتناول الوجبات أمراً مقدساً.

في أيام الخميس، بدءاً من نحو الساعة الرابعة عصراً تقريباً، عادة ما تركن شاحنة بيضاء تابعة لـ»برونو لافوري» (48 عاماً)، أمين صندوق اتحاد شاحنات البيتزا المحلي، مقابل كنيسة «نوتردام دو مونت»، على بعد خطوات قليلة من مطعم «لا بيلا بيتزا».

وفي ظهيرة أحد أيام الأسبوع، كان أحد زملاء لافوري يقف خلف منضدة المطبخ. كان يتحرك في إيقاع ثابت، جاعلاً تعدد المهام يبدو وكأنه رقصة لا شعورية من دون عناء. كان يسجل طلباً، ويدور ويدخل الفطيرة في الفرن قبل أن يدور عائداً إلى المنضدة ويمد يده إلى الأعلى ليحضر المناديل. قدَّم الخدمة للزبائن، ثم عاد إلى الثلاجة، وأمسك بكومة من العجين ووضعها بقوة على المنضدة وعجنها ومدها، ثم نشر الصلصة ونثر الجبن ثم أدخلها إلى الفرن.

على مدار 15 عاماً، كان لافوري يدير هذه العملية اللذيذة، لكن غير الموصوفة: قال لي عندما جلست معه لتناول القهوة: «لا يوجد اسم معين لها. إنها فقط الشاحنة، هذا هو الاسم».

تحتوي «بيتزا بيانكا»، وهي شاحنة في ساحة «سيباستوبول» - وهي ساحة تضم مقاهي ومحال بقالة متخصصة وسوقاً في صباح السبت - على أكثر من 50 نوعاً من البيتزا الكاملة، بالإضافة إلى شرائح البيتزا في قائمة الطعام الخاصة بها. قشرة البيتزا الكورسيكية رقيقة وصلبة ومتماسكة، لكنها ليست مقرمشة. ويضيف الجبن نكهة كريمية خفيفة ومالحة إلى الصلصة، أما النقانق فهي ذات مذاق أشبه بالعسل.

في منتصف المسافة تقريباً بين «بيتزا بيانكا» وحي «كور جوليان»، تقع شاحنة بيتزا «جيه دي» بلونها الأصفر الكناري، حيث تقدم شاحنة بيتزا «جيه دي» الصفراء مجموعة واسعة مماثلة من العروض والخيارات (هذا هو المكان الذي صنع فيه أنتوني بوردان والشيف إريك ريبيرت البيتزا في مسلسل «أجزاء غير معروفة: مرسيليا»). القشرة سميكة وناعمة والشرائح كبيرة. تُعدُّ البيتزا الأرمينية، التي تحتوي على الفلفل الأخضر والأحمر الذي يكمل اللحم المفروم والبصل مدرجة تحت فئة «البيتزا التقليدية» في قائمة الطعام.

في جميع أنحاء مرسيليا، هناك عدد لا يحصى من المطاعم المتواضعة التي قد تحتوي على عدد من الفطائر المعروضة أكثر من عدد الطاولات. أحد هذه الأماكن هو مطعم «بيتزا شارلي» - وهو متجر تديره عائلة أسسته منذ أكثر من 60 عاماً، ولديه الآن ثلاثة فروع في جميع أنحاء المدينة - وهو من المؤسسات المحلية البارزة هنا.

يقع «بيتزا شارلي» الأصلي قبالة سوق «مارشيه دي نواي»، وقفت نبية عليوي (67 عاماً)، التي تعمل في المطعم، على طاولة خارج واجهته الحمراء، تلف الحلويات الرمضانية. جميع أنواع البيتزا التي يقدمها مطعم «شارلي» حلال؛ فهناك شرائح لحم الديك الرومي والمرقاز (السجق العربي) إلى جانب الجبن والأنشوجة. قشرة البيتزا رقيقة ومتينة، لكنها لا تتشقق عند طيها، والصلصة ذات نكهة عشبية. انتقلت السيدة عليوي من الجزائر إلى مرسيليا منذ نحو 40 عاماً إلى المبنى في الشارع المقابل للمطعم، وسرعان ما بدأت في التواجد في الطابق السفلي مع شارلي رودوسيو، ابن مؤسس المطعم، الذي كان مالكا للمطعم وقتذاك، والآن، يمتلك ابنها، شارلي رودوسيو جونيور المطعم.

* خدمة «نيويورك تايمز»