السودان يتقدم بمقترحات لتجاوز خلافات «السد»... وروسيا تعرض المساعدة

مصر تتهم إثيوبيا بـ«تضييق» فرص الاتفاق

TT

السودان يتقدم بمقترحات لتجاوز خلافات «السد»... وروسيا تعرض المساعدة

قدّم السودان مقترحات جديدة لتجاوز نقاط الخلاف بشأن سد النهضة الإثيوبي، في حين اتهمت مصر إثيوبيا بـ«تضييق» فرص التوصل إلى اتفاق خلال المفاوضات التي تشهد إخفاقات متتالية في التوافق على قواعد ملء وتشغيل السد، المقام على نهر «النيل الأزرق»، والذي يثير مخاوف مصرية - سودانية. ودخلت روسيا من جانب ثالث على خط الوساطات، بإعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تقديم «مساعدة فنية» للدول الثلاث، تسهم في حل النزاع الممتد لما يقرب من عقد.
ودفع وزير الري السوداني، ياسر عباس، لفريق المراقبين رؤية السودان لكيفية معالجة النقاط الخلافية بين الدول الثلاث في الجوانب الفنية والقانونية. وذكر بيان وزارة الري السودانية، أن وفدها تقدم بمقترحات بشأن صيغة الملء وإعادة الملء في سنوات الجفاف، بشأن التشغيل المستمر ومدى التغيير اليومي لتدفقات المياه نحو سد الروصيرص السوداني على النهر الأزرق. وقال البيان إن قضية مشروعات المياه المستقبلية على النيل الأزرق وعلاقتها باستخدامات المياه بين الدول الثلاث تحظى باهتمام الخبراء، مشيراً إلى أن المناقشات تميزت بالشفافية والوضوح. وأشار البيان إلى أن الوفود الثلاثة عقدت جلسات ثنائية منفصلة مع فريق المراقبين والخبراء، وأجاب الوفد السوداني عن كثير من الأسئلة والاستفسارات التي طرحها المراقبون. ويرفض السودان ربط اتفاق الملء الأول وتشغيل سد النهضة بأي اتفاقيات تتعلق بتقسيم حصص المياه، بجانب الخلاف في آلية فض النزاعات. ويأمل السودان أن يساعد وجود المراقبين في تقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة.
واستؤنفت المفاوضات بين الدول الثلاث بمبادرة من رئيس جنوب أفريقيا، سيريل راموفوزا، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، بعد تعثرها في 17 من يونيو (حزيران) الماضي. ويشارك فيها عدد من المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، وممثلو مكتب الاتحاد الأفريقي ومفوضية الاتحاد الأفريقي، وخبراء قانونيون من مكتب الاتحاد الأفريقي.
وذكرت وزارة الري المصرية أنه تم عقد اجتماعين على التوازي للفرق الفنية والقانونية من الدول الثلاث، بهدف محاولة تقريب وجهات النظر بشأن النقاط الخلافية في كلا المسارين، غير أنه اتضح من خلال المناقشات استمرار الخلافات بين الدول الثلاث في معالجة إجراءات مجابهة فترات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات شحيحة الإيراد خلال الملء والتشغيل، رغم المرونة التي قدّمتها مصر في مقترحاتها. هذا بالإضافة إلى وجود خلافات بشأن قواعد إعادة الملء بعد فترات الجفاف الممتد؛ حيث ستكون السدود عند أدنى مناسيب للتشغيل. وقالت الوزارة إن مصر تتمسك بتطبيق قواعد معينة لإعادة الملء، غير أن إثيوبيا تتمسك بتطبيق قواعد الملء الأول نفسها، بما يمثل إضافة أعباء على السد العالي، إضافة إلى آثار فترة الجفاف، وقد ظلت هذه أيضاً نقطة خلاف رئيسية. وذكرت وزارة الري المصرية أن إثيوبيا رفضت إدراج منحنى التشغيل السنوي للسد بالاتفاق في إطار تمسكها بالانفراد بتغيير قواعد التشغيل، بطريقة أحادية وبإرادة منفردة، ثم تبلغ بها دول المصب، وهو الأمر الذي رفضته كل من السودان ومصر.
من جهته، عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، تقديم المساعدة الفنية لمصر والسودان وإثيوبيا. وقال الوزير الروسي بعد محادثات مع وزراء خارجية «الترويكا»، التابعة للاتحاد الأفريقي، والتي تضم جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، وجنوب أفريقيا: «لقد عرضنا على المشاركين في مفاوضات سد النهضة مساعدتهم، بما في ذلك المساعدة التقنية. وهناك أشياء يمكن أن تكون مفيدة. إنهم يعرفون ذلك». ونقلت «روسيا اليوم» عن لافروف قوله: «الولايات المتحدة عرضت عليهم أيضاً خدماتها. وعقدت عدة اجتماعات في واشنطن، ورحبنا بالتقدم الذي تم إحرازه.
ومن المشجع الآن أن الأطراف اتفقت على تسريع الاتصالات بين الوزراء المسؤولين». وجاء الاجتماع الروسي - الأفريقي، أمس، في إطار متابعة نتائج قمة أفريقيا - روسيا الأولى، التي عُقدت بمدينة سوتشي الروسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتحضير للقمة المقبلة خلال عام 2022.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.