أفضلية المنتوج المحلي... خطة مغربية لتقليص الاعتماد على الخارج

مشروع قانون الموازنة المعدل أمام لجنة نيابية

أفضلية المنتوج المحلي... خطة مغربية لتقليص الاعتماد على الخارج
TT

أفضلية المنتوج المحلي... خطة مغربية لتقليص الاعتماد على الخارج

أفضلية المنتوج المحلي... خطة مغربية لتقليص الاعتماد على الخارج

قدم وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون، أمام لجنة المالية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) أمس مشروع قانون الموازنة المعدل لسنة 2020. بعد المصادقة عليه في مجلس وزاري عقد الاثنين تحت رئاسة الملك محمد السادس.
وتضمن المشروع إجراءات جديدة لمواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، أبرزها اعتماد «الأفضلية الوطنية»، سواء بالنسبة للمقاولات المغربية أو للمنتوج المغربي، وذلك بهدف تقليص الاعتماد على الاستيراد والحد من اختلال الميزان التجاري.
ونص مشروع قانون الموازنة المعدل أيضاً على مراجعة «منظومة الطلبيات العمومية» لتشجيع القطاعات «ذات القيمة المضافة المحلية العالية»، واعتماد «دعم قوي لاستهلاك المنتوج المغربي» يشمل التسويق والترويج والمواكبة الإدارية والضريبية.
في سياق ذلك، نص مشروع الموازنة المعدل على رفع رسوم الاستيراد المفروضة على بعض المنتجات الكاملة الصنع من 25 إلى 30 في المائة، كما نص على رفع رسوم استيراد المنتجات مكتملة الصنع الموجهة للاستهلاك من 30 إلى 40 في المائة، في حدود النسب المسموح بها من طرف منظمة التجارة العالمية.
وسيكون على أصحاب المشاريع، منح الأفضلية بالنسبة للعروض المقدمة من طرف المقاولات المغربية، واحترام المواصفات المغربية.
وجاء في مذكرة مرفقة بمشروع قانون الموازنة المعدل، أنه في سياق الأزمة الصحية الكبيرة التي تسبب في تباطؤ الاقتصاد العالمي «أصبح تعزيز الإنتاج الوطني ضرورياً لمواكبة الجهود المبذولة من أجل دعم المقاولات المغربية في وضعية صعبة». كما أن الضغط على احتياطيات المغرب من العملات الأجنبية يفرض اتخاذ تدابير «ترمي لتشجيع تعويض الواردات بالإنتاج الوطني».
ويأتي هذا الإجراء ضمن إجراءات أخرى تضمنها مشروع قانون الموازنة المعدل المعروض على البرلمان، بعد تسجيل تراجع كبير في الموارد العادية للموازنة بلغ 44.6 مليار درهم (4.46 مليار دولار) بنسبة انخفاض تصل 17.3 في المائة. كما ألغت الحكومة عمليات التخصيص المبرمجة هذا العام، وأجلتها للعام المقبل، وهي عملية كان يتوقع أن تجني من ورائها 3 مليارات درهم (300 مليون دولار)، بسبب الصعوبات الاقتصادية.
وبالمقابل لجأت الحكومة لزيادة الاقتراض بحيث سجلت القروض المتوسطة والطويلة الأجل، ارتفاعاً في مشروع قانون الموازنة المعدل بمبلغ 39 مليار درهم (3.9 مليار دولار) بنسبة 40.12 في المائة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.