كيف تسببت تصرفات البشر في ظهور وتفشي الأوبئة؟

المدن المزدحمة والكثافة السكانية تسهمان في انتشار الأوبئة (رويترز)
المدن المزدحمة والكثافة السكانية تسهمان في انتشار الأوبئة (رويترز)
TT

كيف تسببت تصرفات البشر في ظهور وتفشي الأوبئة؟

المدن المزدحمة والكثافة السكانية تسهمان في انتشار الأوبئة (رويترز)
المدن المزدحمة والكثافة السكانية تسهمان في انتشار الأوبئة (رويترز)

على مدى السنوات الأربعين الماضية، أصبح تفشي الأمراض بين البشر أكثر تواتراً. وغالبية هذه الأمراض هي أمراض «حيوانية المنشأ»، مثل الإيبولا، وفيروس غرب النيل، وربما فيروس «كورونا المستجد».
وحسب موقع «فوكس» الأميركي، فإن السبب في زيادة نسبة تفشي الأمراض «حيوانية المنشأ» مؤخراً بشكل ملحوظ، هو الإنسان.
وتقول الصحافية العلمية سونيا شاه، مؤلفة كتاب «الحمى والوباء» الذي صدر عام 2017 «إن توسع البشر في المزيد من أراضي الكوكب زاد من احتمال تفشي الأمراض بطريقتين. أولاً، عندما ينتقل البشر إلى أماكن كان يسكنها الحيوانات فقط في الماضي، ينتهي بهم الأمر إلى العيش بالقرب من حيوانات حاملة لمسببات أمراض خطيرة. ثانياً، قد يقوم البشر بتدمير أماكن عيش الحيوانات ويقتلونها أحياناً ليحلوا محلها، وهذا الأمر له عواقب خطيرة، حيث إن هذه الحيوانات هي بمثابة «جدار ناري» بين مسببات الأمراض وبيننا، والتخلص منها ليس في صالحنا».
وأعطت شاه مثالاً لذلك بفيروس إيبولا، حيث يعتقد الباحثون أن أول حالة إصابة بالمرض في العالم كانت لطفل في الثانية من عمره يدعى إميل أوامونو كان يعيش في قرية ميلياندو، في غينيا، والتي يقال إنها كانت غابة مليئة بالخفافيش قبل أن يسكنها الإنسان.
ويعتقد الباحثون من معهد «روبرت كوخ» أن إميل أُصيب بالفيروس بينما كان يلعب بالقرب من شجرة كانت تملؤها «الخفافيش حرة الذيل» الناقلة للمرض.
وبعد إصابته، نقل الطفل الفيروس إلى شقيقته ووالدته وجدته واللواتي نقلن المرض إلى باقي القرية ومنها إلى القرى الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن انتقال الأشخاص للعيش في المدن المزدحمة يلعب دوراً كبيراً في انتشار الأوبئة، خصوصاً إذا كانت هذه المدن منفتحة بشكل كبير على المدن الأخرى في العالم.
وتعد الكثافة السكانية أحد أهم العوامل التي تسهم في انتشار الأوبئة. وهو الأمر الذي حدث مؤخراً فيما يتعلق بفيروس «كورونا» الذي ظهر في مدينة ووهان، التي تعد من بين المدن الأكثر كثافة سكانية في وسط الصين، كما أن مدينة نيويورك، أكثر مدن الولايات المتحدة اكتظاظاً بالسكان، كانت من أكبر المتضررين من «كورونا».
وأمس (الثلاثاء)، حذر خبراء في الأمم المتحدة من زيادة عدد الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الحياة البرية.
وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن ظهور الأمراض حيوانية المنشأ يرجع بشكل كبير إلى زيادة الطلب على البروتين الحيواني والتغير المناخي واستغلال الأراضي والحياة البرية.
وأكدوا أنه على مدار العقدين الماضيين وقبل ظهور «كورونا» تسببت الأمراض حيوانية المنشأ في خسائر اقتصادية تقدر بنحو مائة مليار دولار.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
TT

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

والتثاؤب عبارة عن رد فعل معقد، يمكن أن يحدث تلقائياً، أو أن يكون معدياً، عندما نرى أو نسمع حتى نفكر في الأمر في بعض الأحيان، فإننا عادة ما نتثاءب، بحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست».

ومع ذلك، قال الخبراء إن فكرة أننا نتثاءب لأن أدمغتنا تحتاج إلى مزيد من الأكسجين هي خرافة. فقد أفادت دراسة أجريت في ثمانينات القرن العشرين أن استنشاق الأكسجين النقي أو الغازات التي تحتوي على نسبة عالية من ثاني أكسيد الكربون ليس له تأثير كبير على التثاؤب.

التثاؤب هو سلوك بشري غير مفهوم إلى حد ما. «يظل الدماغ صندوقاً أسود»، هكذا قال مارك أندروز، رئيس قسم علم وظائف الأعضاء في كلية الطب العظمي بجامعة دوكين بالولايات المتحدة.

لكن الباحثين لديهم نظريات متعددة حول التثاؤب.

يبدو أن التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية، وخاصة انتقالات النوم والاستيقاظ، عندما يستيقظون أو عندما يكونون ضمن حالة من النعاس ومستعدين للنوم. قد يتثاءبون عندما يشعرون بالملل، أو يعانون من ضائقة نفسية خفيفة مثل القلق.

ومع ذلك، يحدث التثاؤب أيضاً بتردد عالٍ خلال الفترات التي يكون فيها الناس متحمسين للغاية، أو يكون هناك قدر كبير من الترقب، كما شرح أندرو جالوب، أستاذ علم الأحياء السلوكي بجامعة جونز هوبكنز. وأوضح أن هناك تقارير قصصية تفيد بأن الرياضيين الأولمبيين يميلون إلى التثاؤب قبل المنافسة، كما يفعل المظليون قبل القفزة الأولى، والموسيقيون قبل أي أداء.

التثاؤب وتحفيز الدماغ

يرتبط التثاؤب بزيادة الإثارة واليقظة، وقد يساعد الدماغ على الاستيقاظ أو البقاء مستيقظاً أثناء الأنشطة المملة.

تقول إحدى النظريات إنه من خلال تحريك العضلات في الوجه والرقبة، يحفز التثاؤب الشرايين في الرقبة، ما يزيد من تدفق الدم إلى الدماغ ويوقظه.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت دراسة أجريت عام 2012 أن معدل ضربات القلب وحجم الرئة وتوتر عضلات العين تزداد أثناء التثاؤب أو بعده مباشرة.

قال أندروز: «إنه جزء من تمدد العضلات. مع التثاؤب، هناك اتصالات مع أنشطة عضلية أخرى، لذلك فهو يجعلك تستيقظ وتتحرك».

التثاؤب وتبريد الدماغ

عندما ترتفع درجات الحرارة في الدماغ فوق خط الأساس - بسبب الزيادة في المعالجة العقلية أثناء التركيز على مهمة أو ممارسة الرياضة أو الشعور بالقلق أو الإثارة، على سبيل المثال - يبدأ الدماغ في آليات التبريد، بما في ذلك التثاؤب، كما أشار جالوب، الذي درس النظرية.

يعتقد بعض الباحثين أن تنظيم الحرارة هذا يحدث بطريقين. أولاً، يزيد التثاؤب من تدفق الدم إلى المخ، ويعزز تدفق الدم إلى القلب. ثانياً، يُعتقد أن استنشاق الهواء بعمق أثناء التثاؤب يعمل على تبريد الدم في الأوعية الدموية في الأنف والفم. واقترحت إحدى الدراسات أن هاتين العمليتين تعملان معاً على استبدال الدم الساخن بدم أكثر برودة.

ومع ذلك، لا يوجد إجماع حول ما يسبب التثاؤب التلقائي، أو ما الذي يحققه.