سينما «درايف إن» تعود إلى الهواء الطلق في جبيل اللبنانية

بعد غيابها عن الساحة لأكثر من 40 عاماً

تنطلق سينما «درايف إن» بلبنان في 17 الجاري
تنطلق سينما «درايف إن» بلبنان في 17 الجاري
TT

سينما «درايف إن» تعود إلى الهواء الطلق في جبيل اللبنانية

تنطلق سينما «درايف إن» بلبنان في 17 الجاري
تنطلق سينما «درايف إن» بلبنان في 17 الجاري

في أوائل الثمانينات، شهد لبنان وبالتحديد منطقة طبرجا أول صالة سينما في الهواء الطلق التي تعرف عالميا بـ«درايف إن سينما». يومها كان اللبنانيون يبحثون عن متنفس لهم بعيدا عن أجواء الحرب السائدة في البلاد. فوجدوا في هذا الحدث ركن تسلية يرفهون فيه عن أنفسهم سيما وأنه يشمل أفراد العائلة الواحدة. فكانوا يركنون سياراتهم ضمن صفوف منظمة تقع مقابل شاشة عرض ضخمة. يفتحون أبوابها بالصيف أو يقفلونها في الشتاء ليمضوا نحو 90 دقيقة في داخلها. ومن زجاج سياراتهم كانوا يتابعون أحداث فيلم مشوق وهم يقرمشون حبات الـ«بوشار» أو يرتشفون فنجان قهوة أو زجاجة مشروبات غازية. وكان يحيط بهذا المكان الذي تفوق مساحته الـ5000 متر مربع، مطاعم تؤمن وجبات الأكل السريعة. فمن يصل قبل موعد العرض في استطاعته تناول طبق «همبرغر» مع البطاطا المقلية أو سندويش نقانق على الطريقة الأميركية المغمور بصلصلة المايونيز، وغيرها من الأطباق الشهية.
اليوم وفي عام 2020 التاريخ يعيد نفسه، وسيتسنى للبنانيين في زمن التباعد الاجتماعي أن يعيشوا التجربة عينها التي عاشها أهاليهم منذ 40 عاما. فلقد قررت مجموعة من الطلاب خريجي أقسام مختلفة من جامعات لبنانية، إطلاق المشروع نفسه مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليه. فهم سيواكبون زمن «كورونا» على طريقتهم مقدمين نشاطا ترفيهيا يحفظ شروط الوقاية من الوباء. فالدولة اللبنانية لم تصدر حتى اليوم قرارا يقضي بإعادة فتح صالات السينما ضمن حالة التعبئة العامة التي فرضتها منذ مارس (آذار) الفائت.
وفي 17 من الجاري تنطلق العروض السينمائية الأولى لسينما «درايف إن» من منطقة جبيل على مساحة كبيرة تتسع لنحو 25 سيارة. وعلى مقربة من ميناء المدينة سيكون اللبنانيون على موعد مع أحداث أفلام اجتماعية تناسب أفراد العائلات.
ويقول كريم أبو غيدا، واحد من الطلاب الـ21 المشاركين في المشروع في حديث لـ(الشرق الأوسط): «كما يعلم الجميع الفكرة ليست بالجديدة على لبنان. هناك أجيال قديمة عاشت هذه التجربة واستمتعت بها». ويتابع: «إننا نثق بقدراتنا ونعرف تماما أنه في استطاعتنا إجراء التغيير على الأرض من خلال مشاريع مشابهة نخفف عن اللبناني ونساهم في الترفيه عنه. بعض الاختلافات ستلامس مشروعنا هذا عن سابقيه. فالربح الذي نحققه، سيعود إلى مؤسسات خيرية تستفيد لمساعدة المحتاجين».
ومن التعديلات الأخرى التي ستشهدها «سينما درايف إن» الحديثة هي السماح فقط لـ25 سيارة بالركون في المساحة الخاصة بالمشروع المعروفة بموقف سيارات «وايغون بارك»: «يمكن أن يتواجد في كل سيارة نحو ثلاثة أشخاص ليس أكثر لأنه سيكون من الصعب مشاهدة الفيلم بوضوح من المقاعد الخلفية للسيارة. ويتابعون العرض السينمائي على شاشة ضخمة من نوع «إل إي دي». أما الحفلات فستوزع على دوامين: الثامنة والعاشرة مساء. وسيتاح لرواد السينما في الهواء الطلق شراء مبردات وأكلات عادة ما ترافقنا في صالات السينما المقفلة. فإضافة إلى الفوشار ورقائق البطاطا مع الصلصة، هناك محلات تبيع الكعك بالصعتر والجبن وغيرها من الأكلات الخفيفة».
أما طلبات الرواد فستتم عبر تطبيق «واتس أب» الإلكتروني. «سيطلبون ما يرغبون به من مأكل ومشرب بعد أن يحددوا رقم الصف الذي يركنون فيه سياراتهم».
وتجدر الإشارة إلى أن أصحاب المحلات التجارية التي تؤمن منتجات الطعام والشراب تم اختيارهم من بين طلاب عاديين يرغبون في فتح مشاريع صغيرة (small business) يعتاشون منها. «هي كناية عن ثلاثة محلات لا ترتبط بتاتا بأي سلسلة مطاعم معروفة ومشهورة في لبنان. وأردنا من خلال هذه المبادرة تشجيع جيل الشباب الموجود في لبنان ولم يرغب في الهجرة إلى الخارج».
يعزز كريم وزملائه مسألة الأمن في هذا المشروع ويقول في سياق حديثه لـ(الشرق الأوسط): «سيجري فرز عناصر أمنية تابعة لبلدية جبيل تقوم بتسيير دوريات لها بين السيارات حفاظا منها على الأمن، ولقطع الطريق على أي شخص يرغب في إثارة المشاكل».
أما سعر البطاقة الواحدة لحضور فيلم سينمائي في هذا المشروع فتبلغ 35 ألف ليرة. «لن نتعامل مع شركات توزيع أفلام سينمائية معروفة في لبنان إذ فتحنا خط اتصال خاص بنا مع الشركات الأجنبية المسؤولة». وعن نوع الفيلم الأول الذي سيجري افتتاح المشروع به يرد كريم: «لن أستطيع الإعلان عن نوع واسم هذا الفيلم حاليا لأننا لا نزال بصدد التشاور حول ذلك».
ولكن أين سيحط هذا المشروع بعد مدينة جبيل؟ يوضح كريم أبو غيدا: «إننا نخطط لفتح فرع آخر له في بيروت كي يكون متاحا أمام أهالي المدينة وجوارها. ولكننا اليوم نركز على مشروعنا في جبيل وبعدها سنعمل على إطلاق فرعنا الثاني».


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».