العالم في منافسة محمومة على اللقاحات والعلاجات

بعد الحرب المستعرة حول الكمامات والقفازات

شركات العالم تتنافس على إيجاد لقاح ضد «كورونا»... (أ.ف.ب)
شركات العالم تتنافس على إيجاد لقاح ضد «كورونا»... (أ.ف.ب)
TT

العالم في منافسة محمومة على اللقاحات والعلاجات

شركات العالم تتنافس على إيجاد لقاح ضد «كورونا»... (أ.ف.ب)
شركات العالم تتنافس على إيجاد لقاح ضد «كورونا»... (أ.ف.ب)

منذ ظهور فيروس «كورونا»، (كوفيد19)، وما نشأ عنه من تداعيات كارثية على الصحة والاقتصاد والحياة الاجتماعية، راج الحديث عن أن هذه الأزمة، التي لم يعرف لها العالم مثيلاً في تاريخه الحديث من حيث شموليتها وتشعباتها، تحمل أيضاً فرصاً يمكن الاستفادة منها لإعادة النظر في سلوكيات كثيرة وتصويب سياسات كشف الوباء عن عجزها أو نواقصها.
ومع تمدّد الفيروس وعدم اتضاح آفاق انحساره وترسّخ اليقين بأنه لا عودة ممكنة إلى الحياة الطبيعية من غير لقاح ضده أو دواء فاعل لمعالجته، يتبدّى بوضوح أن «الفرصة» الكبرى في هذه الأزمة العالمية هي التي تحاول الشركات الكبرى لصناعة الأدوية واللقاحات، الانقضاض عليها في سباق محموم تحت راية ما يمكن تسميتها «القومية اللقاحية»، بعد أن شهد العالم طوال أشهر حرباً مستعرة حول الكمامات والقفازات شاركت فيها دول وحكومات.
أكثر من خبير في منظمة الصحة العالمية تحدثت «الشرق الأوسط» إليهم في الأيام الأخيرة، يحذرون من عواقب هذا التسارع على «أدوية معروفة لم تثبت جدواها الكافية في العلاج ولقاحات يتجاوز تطويرها وإنتاجها المراحل العلمية اللازمة لتأكيد فعاليتها». فالدواء الذي تدور حوله المنافسة اليوم «ريمديسيفير»، الذي وضعت له الشركة المنتجة «Gilead»، التي اشترتها مؤخراً إحدى الشركات العملاقة في مجال التكنولوجيا الحيوية، سعراً خياليّاً يتجاوز ألفي دولار، سبق أن استخدم لمعالجة المصابين بوباء «إيبولا» وفيروسات أخرى بفاعلية محدودة، وكل ما يعرف عنه بالنسبة إلى «كوفيد19» أنه يخفّض فترة إقامة الإصابات غير الخطرة في المستشفيات ولا جدوى من استخدامه في معالجة الحالات الخطرة.
ويحذّر خبراء المنظمة الدولية، الذين يفضّلون عدم ذكر أسمائهم، من هذا التهافت العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا على علاجات ولقاحات لم تثبت بعد فعاليتها العلمية الكافية، ويشدّدون أنه لا سبيل غير التنسيق عالميّاً لمواجهة جائحة كهذه أصبحت منتشرة في جميع الدول والقارات. لكنهم يعترفون بأن المنظمات الدولية لا تملك سوى تقديم النصح والإرشاد ورفع التوصيات والتوجيهات إلى الدول، ولا قدرة لها على التصدّي للدوافع التي تحرّك الدول والشركات.
ويقول الإخصائيون في العلوم اللقاحية إن الثابت والمتعارف عليه علميّاً لإنتاج لقاح والسماح باستخدامه على نطاق واسع هو أن يوفّر حماية بنسبة لا تقلّ عن 60 في المائة، لكن معظم المختبرات والشركات التي تعمل على تطوير لقاح ضد «كوفيد19» تبدّي السرعة على الفعالية بعد أن أخذت الضوء الأخضر من السلطات المعنية. ويذكّرون بأن شركة «آسترا - زينيكا» التي تطوّر اللقاح لصالح جامعة أكسفورد قد صرّحت مؤخراً بأن اللقاح الذي سيكون جاهزاً قبل نهاية هذا العام «تقارب فعاليته 50 في المائة» مع كل ما تعنيه عبارة «تقارب». ويحذّر الخبراء من أن هذا التساهل والتغاضي عن قواعد أساسية للموافقة على استخدام اللقاحات من شأنه أن يولّد عواقب صحيّة وخيمة في المستقبل.
هذه «القومية اللقاحية» مرشّحة لتكون عنوان المواجهة لـ«كوفيد19» في المرحلة المقبلة، والتي يرجّح أن تبقى الدول النامية خارجها. وكان خبراء اللقاحات في «المركز الأميركي لمكافحة الأوبئة»، وهو مرجع عالمي في هذا المجال، يحاولون الإجابة الأسبوع الماضي عن السؤال الأساسي الذي سيُطرح عندما يكون اللقاح الفعّال جاهزاً: لمن سيُعطى اللقاح في الدرجة الأولى؟
الجواب الأول كان بديهياً؛ إذ من المسلّم به أن يُبدّى أفراد الطواقم الصحية على غيرهم نظراً لأنهم الأكثر تعرّضاً لخطر الإصابة ولدورهم الحيوي في مواجهة الوباء ومعالجة المرضى. لكن الآراء تضاربت حول من سيأتي بعدهم: الحوامل اللاتي يتعرّضن للإصابة بأمراض خطرة جرّاء الفيروس؛ أم المسنّون الذين يشكّلون الشريحة الأضعف في وجه الوباء؟ وماذا عن الذين يعانون من نقص في جهاز المناعة؟ والذين يعملون في الخدمات الأساسية؟ والمساجين؟... إلى ما هنالك من مجموعات لها ما يبرّر تبديتها على غيرها. أسئلة كثيرة لا بد لأهل العلم من أن يجدوا لها أجوبة سريعة يرفعونها إلى الحكومات التي ليس من المؤكد أنها ستعمل بموجبها.
لكن تحديد الأولويات لتوزيع اللقاح بين الفئات المهنية والاجتماعية قد يكون أسهل من تحديدها بين الفئات الاقتصادية بعد أن تبيّن أن غالبية الضحايا كانت بين الطبقات الفقيرة، خصوصاً في الولايات المتحدة ومعظم دول أميركا اللاتينية. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت مؤخراً توجيهات في هذا الصدد تحت عنوان: «استراتيجية التوزيع» استناداً إلى تجارب سابقة، لكن مسـؤولين في المنظمة يشككون في أن تتجاوب الدول مع هذه التوجيهات، ويعربون عن خشيتهم من أن «العالم الجديد» الذي يتحدث عنه كثيرون وأنه يجب أن يولد من رحم هذه الجائحة والعِبر المستخلصة منها، قد لا يكون مختلفاً عن العالم الذي نعرفه اليوم بكل ما يحمل من تفاوت وتمييز وتناقضات.


مقالات ذات صلة

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أجهزة الاستشعار الورقية الجديدة سريعة وسهلة الاستخدام (جامعة كرانفيلد)

تقنية جديدة تكشف أمراضاً معدية بالصرف الصحي

توصّل باحثون في بريطانيا إلى طريقة لتحديد العلامات البيولوجية للأمراض المعدية في مياه الصرف الصحي باستخدام أجهزة استشعار ورقية بتقنية الأوريغامي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

دراسة جديدة تدعم فرضية تفشي «كوفيد 19» من سوق ووهان

كشفت دراسة حول مصدر فيروس كورونا، نشرت الخميس، عناصر جديدة تعزز فرضية انتقال العدوى إلى البشر عن طريق حيوانات مصابة كانت في سوق في ووهان (الصين) نهاية عام 2019.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مجموعة السبع: أي نزاع إقليمي واسع النطاق ليس في مصلحة أحد

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

مجموعة السبع: أي نزاع إقليمي واسع النطاق ليس في مصلحة أحد

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وعدت مجموعة السبع، اليوم (الأربعاء)، بالعمل بشكل مشترك لخفض التوتر في الشرق الأوسط، وقالت إن الحل الدبلوماسي للنزاع الذي يتسع نطاقه «ما زال ممكناً»، معتبرة أن «نزاعاً إقليمياً واسع النطاق ليس في مصلحة أحد».

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، جاء في بيان أصدرته إيطاليا التي تترأس مجموعة السبع حالياً بعد مباحثات هاتفية دعت إليها، أن المجموعة «تكرر التعبير عن قلقها الشديد إزاء تصعيد النزاع في الشرق الأوسط» و«تدين بشدة» الهجوم الإيراني على إسرائيل الثلاثاء.

وأضاف البيان أن المجموعة وبعدما عبّرت عن «قلقها الشديد إزاء التصعيد في الساعات الأخيرة، أكدت مجدداً أن نزاعاً على نطاق إقليمي ليس في مصلحة أحد وأن حلاً دبلوماسيا ما زال ممكناً»، موضحاً أن «القادة قرروا البقاء على اتصال».

وأوضحت فرنسا أن وزير الخارجية جان-نويل بارو حل محل الرئيس إيمانويل ماكرون خلال هذه المباحثات الهاتفية.

أثار إطلاق إيران صواريخ على إسرائيل مساء الثلاثاء دعوات كثيرة من جانب المجتمع الدولي لضبط النفس وندّد به الغرب بشدة.

وفي وقت سابق الأربعاء، دعت إيطاليا «مجلس الأمن الدولي إلى التفكير في تعزيز مهمة قوة اليونيفيل بهدف ضمان الأمن على الحدود بين إسرائيل ولبنان»، كما أعلن مكتب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني في بيان.

وإيطاليا أكبر مساهم غربي في قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) من حيث عدد العناصر مع نحو 900 عسكري.