مطالبات لواشنطن بالمساعدة على نزع السلاح «غير الشرعي» في لبنان

انتحار مواطن ثالث خلال يومين ومخاوف من انقطاع الكهرباء اعتباراً من اليوم

مظاهرة قرب مقر السفارة الأميركية شمال بيروت أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة قرب مقر السفارة الأميركية شمال بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

مطالبات لواشنطن بالمساعدة على نزع السلاح «غير الشرعي» في لبنان

مظاهرة قرب مقر السفارة الأميركية شمال بيروت أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة قرب مقر السفارة الأميركية شمال بيروت أمس (إ.ب.أ)

دعا متظاهرون لبنانيون الولايات المتحدة إلى المساعدة على تطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرار 1559 الداعي إلى نزع السلاح غير الشرعي في لبنان، وذلك خلال تحرك أمام مبنى السفارة في عوكر شمال بيروت، وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية، وتسجيل حالة انتحار ثالثة خلال يومين، ذهب ضحيتها مواطن في مدينة صور.
ونفذ «أصدقاء دونالد ترمب في لبنان» و«مجموعة 128»، وعدد من المجموعات الأخرى، تحركاً في ساحة عوكر في اتجاه سفارة الولايات المتحدة، للمطالبة بتطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرار 1559، وسط انتشار عناصر الجيش والقوى الأمنية الذين قطعوا الطريق المؤدية إلى السفارة بالأسلاك الشائكة. وجاء التحرك في يوم احتفال الولايات المتحدة بعيدها الوطني.
ورفع المتظاهرون الأعلام اللبنانية والأميركية، وسلموا ممثل السفارة رسالة شكر للمواقف الأميركية الداعمة للبنان والجيش، مطالبين الولايات المتحدة بـ«المساعدة في تطبيق القرارات الدولية، لا سيما 1559».
وينص القرار 1559 على نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وبسط سلطة الحكومة على كافة التراب اللبناني، وصدر في عام 2004.
ورفع المعتصمون شعارات داعمة للسفارة الأميركية، مطالبين بأن يكون السلاح حصراً بيد الجيش اللبناني، وقرار الحرب والسلم بيد الحكومة وحدها. وقال المعتصمون: «نحن في مجاعة وانهيارٍ تام، والخطر بات وجودياً».
واعتبر المتظاهرون أن «لا خلاص للبنان إلا بتطبيق هذه القرارات وحل الميليشيات ونزع سلاحها وحصره بيد الجيش، وحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة، وبسط سلطتها على كل الأراضي». وطالبوا بـ«إلغاء معادلة (جيش شعب مقاومة)، وتحويلها إلى معادلة (وطن شعب جيش)، ومساعدة لبنان للخروج من الوضع الاقتصادي الذي يتخبط به، واستكمال ترسيم الحدود مع سوريا، وإقفال المعابر غير الشرعية».
وفي رد على المبادرة، غردت السفارة الأميركية عبر «تويتر» قائلة: «شكراً للمجموعة من اللبنانيين التي جعلت يوم استقلالنا مميزاً، وعبَّرت خلال التجمع عن تقديرها للولايات المتحدة على شراكتها ودعمها المستمرة لتحديات لبنان الأمنية والإنسانية والتنموية».
ويأتي ذلك في ظل تفاقم الأزمات المعيشية والمالية والاقتصادية، التي دفعت أمس رجلاً لبنانياً للانتحار، هو الثالث الذي يقدم على الانتحار خلال 24 ساعة، بإطلاق النار على نفسه في قضاء صور، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وذلك غداة الإعلان عن حالتي انتحار إحداهما في بيروت، والثانية في جدرا في منطقة الشوف.
وتواصلت التحركات المتفرقة أمس، احتجاجاً على تدهور الواقع المعيشي، إذ تجمع عدد من المتظاهرين في فرن الشباك، وأحرقوا الإطارات، وأضرموا النار في مستوعبات النفايات، وأقفلوا الطرقات. وعمدت قوة من الجيش إلى فتح الطريق.
وفي مرجعيون في جنوب لبنان، شهدت المنطقة تهافتاً ملحوظاً على مادة «الكاز»؛ حيث وصل سعر الـ20 ليتراً إلى مائة ألف ليرة (66 دولاراً بحسب السعر الرسمي)، وهو غير متوفر في كل المحطات، ويحصل التهافت خوفاً من انقطاع التيار الكهربائي بالكامل وتقنين ساعات المولدات. ولجأ المواطنون إلى تنظيف القناديل القديمة ومسح الغبار عنها لاستعمالها للإنارة، بعد ارتفاع سعر الشموع.
وحذر رئيس تجمع المولدات في لبنان، عبدو سعادة، من إطفاء المولدات اليوم الأحد، إذا لم تتأمن مادة المازوت. كما ناشد المسؤولين إيجاد آلية لتأمين المادة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.