اقتصاد اليورو يتحسن بشكل كبير مع تخفيف إجراءات العزل

توقعات متفائلة للعملة الأوروبية الموحدة

تحسنت مؤشرات منطقة اليورو الاقتصادية بشكل كبير بدعم إجراءات المركزي الأوروبي (أ.ف.ب)
تحسنت مؤشرات منطقة اليورو الاقتصادية بشكل كبير بدعم إجراءات المركزي الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد اليورو يتحسن بشكل كبير مع تخفيف إجراءات العزل

تحسنت مؤشرات منطقة اليورو الاقتصادية بشكل كبير بدعم إجراءات المركزي الأوروبي (أ.ف.ب)
تحسنت مؤشرات منطقة اليورو الاقتصادية بشكل كبير بدعم إجراءات المركزي الأوروبي (أ.ف.ب)

أظهر مسح الجمعة أن تراجع أنشطة الشركات بمنطقة اليورو الناجم عن إجراءات العزل العام التي فُرضت لوقف انتشار فيروس «كورونا» الشهر الماضي، انحسر بشدة؛ إذ استأنفت مزيد من الشركات أنشطتها، وغادر المواطنون منازلهم.
وأُصيب نحو 11 مليون شخص في أنحاء العالم بالفيروس؛ لكن مع انخفاض أعداد الإصابات اليومية المسجلة في معظم أنحاء أوروبا، خففت الحكومات القيود المفروضة على حركة المواطنين.
وبهدف دعم الاقتصادات المتضررة، وسَّع البنك المركزي الأوروبي مشترياته للسندات المرتبطة بالجائحة إلى ما إجماليه 1.35 تريليون يورو الشهر الماضي، بينما تحركت الحكومات لتقدم مستويات غير مسبوقة من التحفيز المالي.
وربما كان ذلك يؤتي ثماره، إذ ارتفعت القراءة النهائية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» المجمع لمديري المشتريات، الذي يُعد مؤشراً جيداً لمتانة الاقتصاد، إلى 48.5 في يونيو (حزيران) من 31.9 في مايو (أيار)، ما يتجاوز القراءة الأولية البالغة 47.5، ويقترب من مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش.
وقال جاك آلين - رينولدز من «كابيتال إيكونوميكس»، إن «الزيادات الحادة في مؤشرات مديري المشتريات لمنطقة اليورو في يونيو، تشير إلى أن النشاط ينتعش بسرعة كبيرة؛ لكنه يظل منخفضاً بكثير عن مستوى ما قبل الأزمة».
وتوقع استطلاع للرأي أجرته «رويترز» في يونيو، أن ينكمش اقتصاد التكتل بوتيرة غير مسبوقة بنسبة 12.5 في المائة في الربع الماضي؛ لكنه سينمو 7.9 في المائة في الربع الجاري.
كما عاود النشاط في قطاع الخدمات المهيمن على المنطقة النمو تقريباً الشهر الماضي. وارتفع مؤشره لمديري المشتريات إلى 48.3 من 30.5 ليزيد بفارق مريح عن قراءة أولية عند 47.3. وعاد أيضاً التفاؤل بشأن الاثني عشر شهراً القادمة. وارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي المجمع لمنطقة اليورو إلى المنطقة الإيجابية مجدداً، ليسجل 56.9 مقابل 46.8 في مايو.
ومن جهة أخرى، قال جيفري ساكس، رئيس استراتيجية الاستثمار في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، لدى «سيتي برايفت بنك»، إن اليورو قد يرتفع صوب 1.20 دولار خلال الأشهر الستة المقبلة، وإن هوامش عائدات السندات التي تصدرها دول غير أساسية في منطقة اليورو ربما تنكمش أكثر، إذا تمكن الاتحاد الأوروبي من التوصل لاتفاق بشأن صندوق للتعافي.
وعززت محادثات بشأن صندوق للتعافي يهدف للمساعدة في إنعاش الاقتصادات الأكثر تضرراً بفعل فيروس «كورونا»، وعلى الأخص إيطاليا وإسبانيا، آمال التضامن في التكتل الذي يستخدم العملة الموحدة، واحتمال حدوث انتعاش اقتصادي سريع، مما دفع الأصول الأوروبية للارتفاع في الأشهر الأخيرة.
وقال ساكس خلال عرض تقديمي لتوقعات «سيتي برايفت بنك» لمنتصف العام: «نعتقد أن اليورو سيرتفع قليلاً على مدى الأشهر الستة المقبلة، لأسباب من بينها الموافقة على صندوق التعافي للاتحاد الأوروبي. ليس لمستوى 1.20 دولار تماماً؛ لكنه تحرك في ذلك الاتجاه».
وأضاف أن «هوامش السندات الثانوية ستنكمش أكثر، لقد انكمشت في الستة أشهر الماضية، ونعتقد أنها قد تنكمش إلى نطاق 70 - 90 نقطة أساس، بسبب أن المخاطر المتعلقة بإيطاليا وإسبانيا ستنخفض، فور تلقِّيهما تحويلات مالية من دول أساسية في أوروبا».



لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن قرار مجلس الإدارة بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة للمركزي الأوروبي بمقدار 25 نقطة أساس، يستند إلى التقييم المحدث لآفاق التضخم، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. وأشارت، في المؤتمر الصحافي عقب إصدار القرار، إلى أن عملية خفض التضخم تسير وفق المسار المخطط لها.

ويتوقع موظفو البنك أن يكون متوسط التضخم الرئيسي 2.4 في المائة خلال 2024، و2.1 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة خلال 2026، و2.1 في المائة خلال 2027، عندما يبدأ العمل بنظام تداول الانبعاثات الموسّع في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتضخم، الذي يستثني الطاقة والطعام، يتوقع الموظفون متوسطاً يبلغ 2.9 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة في كل من 2026 و2027.

وأضافت لاغارد: «يشير معظم مقاييس التضخم الأساسي إلى أن التضخم سيستقر حول هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. وعلى الرغم من انخفاض التضخم المحلي قليلاً، فإنه لا يزال مرتفعاً. ويرجع ذلك، في الغالب، إلى أن الأجور والأسعار في بعض القطاعات لا تزال تتكيف مع الزيادة السابقة في التضخم بتأخير ملحوظ».

وتابعت: «جرى تسهيل شروط التمويل، حيث أصبح الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأُسر تدريجياً نتيجة خفض الفائدة الأخير. لكن هذه الشروط لا تزال مشددة؛ لأن سياستنا النقدية تظل تقييدية، والفوائد المرتفعة السابقة لا تزال تؤثر على رصيد الائتمان القائم».

ويتوقع الموظفون، الآن، تعافياً اقتصادياً أبطأ من التوقعات السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى الرغم من تسارع النمو، خلال الربع الثالث من هذا العام، تشير المؤشرات إلى تباطؤه خلال الربع الحالي. ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة خلال 2024، و1.1 في المائة خلال 2025، و1.4 في المائة خلال 2026، و1.3 في المائة خلال 2027.

وقالت لاغارد: «نحن ملتزمون بضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة. سنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويعتمد على الاجتماع تلو الآخر لتحديد السياسة النقدية المناسبة. بشكل خاص، ستكون قراراتنا بشأن الفائدة مبنية على تقييمنا لآفاق التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار معين للفائدة».

النشاط الاقتصادي

نما الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة، خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وكان النمو مدفوعاً أساساً بزيادة الاستهلاك، جزئياً نتيجة العوامل الفريدة التي عزّزت السياحة في الصيف، وبناء الشركات للمخزونات. لكن أحدث المعلومات يشير إلى فقدان الاقتصاد الزخمَ. وتشير الاستطلاعات إلى أن التصنيع لا يزال في حالة انكماش، وأن نمو الخدمات يتباطأ. وتُحجم الشركات عن زيادة الإنفاق على الاستثمار في ظل الطلب الضعيف وآفاق غير مؤكَّدة. كما أن الصادرات ضعيفة، مع مواجهة بعض الصناعات الأوروبية صعوبة في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

ووفق لاغارد، لا تزال سوق العمل مرنة، حيث نما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وظلَّ معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 6.3 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب على العمل في تراجع، حيث انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثالث، وهو أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية من ذروته. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى تقليص خلق الوظائف في الربع الحالي.

تقييم المخاطر

أشارت لاغارد إلى أن المخاطر الاقتصادية تظل مائلة نحو الجانب السلبي، حيث يمكن أن تؤثر الاحتكاكات التجارية والتوترات الجيوسياسية على نمو منطقة اليورو، وتقلل من الصادرات وتضعف الاقتصاد العالمي. كما قد يعوق تراجع الثقة تعافي الاستهلاك والاستثمار. في المقابل، قد يتحسن النمو إذا أسهمت الظروف المالية الميسَّرة وانخفاض التضخم في تسريع التعافي المحلي.

وأضافت: «قد يرتفع التضخم إذا زادت الأجور أو الأرباح أكثر من المتوقع، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع أسعار الطاقة والشحن إلى الارتفاع، وتؤثر سلباً على التجارة العالمية. علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر. في المقابل، قد ينخفض التضخم إذا أدى انخفاض الثقة والمخاوف الجيوسياسية إلى إبطاء تعافي الاستهلاك والاستثمار، أو إذا كانت السياسة النقدية تعوق الطلب أكثر من المتوقع، أو إذا تفاقم الوضع الاقتصادي عالمياً. كما يمكن أن تزيد التوترات التجارية من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم في منطقة اليورو».