استياء أوروبي من «الاحتكار» الأميركي لـ«ريمديسيفير»

«الأوروبية للأدوية» طمأنت أن مخزونها من العقار كافٍ لمواجهة الوضع الوبائي الراهن

شركة غيلياد للأدوية في «أوشن سايد» بكاليفورنيا (رويترز)
شركة غيلياد للأدوية في «أوشن سايد» بكاليفورنيا (رويترز)
TT

استياء أوروبي من «الاحتكار» الأميركي لـ«ريمديسيفير»

شركة غيلياد للأدوية في «أوشن سايد» بكاليفورنيا (رويترز)
شركة غيلياد للأدوية في «أوشن سايد» بكاليفورنيا (رويترز)

أثار الإعلان المفاجئ عن شراء الولايات المتحدة كامل الإنتاج العالمي تقريباً من المضاد الفيروسي «ريمديسيفير» حتى نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، عميق الاستياء في الاتحاد الأوروبي وبين الخبراء والهيئات التي تدعو إلى شمولية الحصول على الأدوية في العالم وعدم إخضاعها لمعادلة العرض والطلب وتجاذبات المنافسة بين الشركات.
وفي منظمة الصحة العالمية، كان القلق بادياً في أوساط الخبراء الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أمس (الخميس)؛ حيث أعربوا عن «الخشية من أن تشكل هذه الخطوة سابقة في ذروة الانتشار العالمي للوباء، قبل التوصل إلى إنتاج لقاح ضده، من شأنها أن تفتح الباب على منافسات تجارية تحدّ من فرص الحصول على الأدوية، وتُضعف التعاون الدولي الأساسي في مواجهة (كوفيد - 19)».
الوكالة الأوروبية للأدوية، وفي أول رد فعل لها على الخبر، أكدت أن ثمة مخزوناً كافياً من هذا العقار لمواجهة الوضع الوبائي الراهن وعودة الفيروس إلى الظهور في بؤر جديدة. وكانت الشركة المنتجة للعقار قد أعلنت أنها ستواصل تزويد البلدان الأوروبية بما تحتاجه من هذا الدواء لأغراض «الاستخدام الرحيم»، إلى أن تنتهي إجراءات الموافقة النهائية على استخدامه في أوروبا.
ومن جهتها، أعلنت المفوضية الأوروبية، على لسان مفوضة الشؤون الصحية، ستيلا كيرياكيديس، أنها تجري مفاوضات مع الشركة المعنية لزيادة قدرتها الإنتاجية، بما يضمن شراء الكميات الكافية من الدواء للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ولم يخفِ المسؤولون الأوروبيون امتعاضهم من القرار الأميركي؛ حيث جاء في بيان المفوضية أن «الاتحاد الأوروبي يحيط علماً بالإعلان الصادر عن الولايات المتحدة»، فيما كان بعضهم يتذكر «حرب الكمامات» ومحاولة الإدارة الأميركية شراء الشركة الألمانية CureVac المتقدمة في البحوث المخبرية لإنتاج اللقاح.
أوساط منظمة الصحة العالمية قلقة من التداعيات المحتملة للخطوة الأميركية، واكتفت حتى الآن بالقول إنها تحاول التحقق من المعلومات والنظر فيما يمكن أن ينجم عنها من تبعات. ويقول خبراء الوبائيات في المنظمة إن هذا الدواء «يساعد في معالجة بعض الحالات، لكنه بعيد جداً عن أن يكون العلاج الذي يوقف الجائحة»، ويذكرون بأن التجارب التي على أساسها أجيز استخدامه «تخفض مدة استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي للمرضى المصابين بالتهاب القصبات الهوائية من 15 إلى 11 يوماً... وهم الذين يعتبر خطورة حالتهم متوسطة ويشكلون أقل من 20 في المائة من مجموع المصابين بالفيروس». ويضيف أحدهم أن عقار «ديكساميتازون» مثلاً هو أكثر نجاعة على الصعيد العلاجي، وهو متوفر في الأسواق بأسعار زهيدة، وتؤكد البيانات أنه أنقذ كثيراً من المرضى.
الدكتور سانتياغو كارفاخال، وهو اختصاصي في علم الوبائيات، يقول عن «ريمديسيفير» إنه «يخفض فترة البقاء في المستشفى، لكنه لا يحد من نسبة الوفيات، ولا من العلاج في العناية الفائقة... وما زلنا نجهل كثيراً عن هذا العقار الذي ننتظر معرفة نتائج 3 تجارب كبيرة تجري حوله في الوقت الراهن».
وتجدر الإشارة إلى أن خطورة الجائحة وسرعة انتشارها دفع بالاتحاد الأوروبي إلى تسريع إجراءات اعتماد هذا العقار بصورة استثنائية، وكانت الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر لاستخدامه في شهر مايو (أيار) الماضي في الحالات الطارئة. وبعد أن وافقت الوكالة الأوروبية للأدوية في الأسبوع الماضي على المرحلة الأخيرة من اعتماده، ينتظر أن تصدر الموافقة النهائية لاستخدامه في أوروبا قبل نهاية الأسبوع الحالي.

- جدل حول سعر العقار
الإعلان عن الصفقة التي وقّعتها الولايات المتحدة الأميركية مع شركة Gilead المنتجة لعقار «ريمديسيفير» جاء بعد يومين فقط من إعلان الشركة عن سعر بيع الدواء في البلدان الصناعية بمبلغ 350 يورو للجرعة الواحدة. وبما أن الطريقة المعتمدة لتناول هذا العلاج هي 6 جرعات على مدى 5 أيام، يصل السعر الإجمالي إلى ما يزيد بقليل عن 2000 يورو.
المنظمة غير الحكومية «الحقّ في الصحة» التي تدافع عن شمولية تعميم الحصول على جميع الأدوية بأسعار معقولة تصف هذا السعر بأنه «استغلال فاضح»، وتقول: «أظهرت الحسابات التي أجريت في جامعة ليفربول البريطانية أن تكلفة إنتاج هذا العقار، مضافاً إليها هامش للربح المعقول، لا تتجاوز الدولار الواحد». وتضيف الناطقة بلسان هذه المنظمة أن «الاستثمارات الضخمة التي تضعها الحكومات لتمويل المراحل الأولى من تطوير وإنتاج الأدوية تؤدي كالعادة إلى أرباح طائلة تحققها الشركة المصنعة. هذه الأسعار، واتفاق كالذي وقّعته الولايات المتحدة، تجعل من المستحيل أن يحصل جميع المحتاجين على هذا الدواء».
شركة Gilead تقول إنها تبذل جهداً كبيراً لمضاعفة قدرتها الإنتاجية، بعد أن خفّضت مهلة الإنتاج من سنة إلى 6 أشهر، وتتذرع بأن خفض مدة إقامة المرضى في المستشفيات تعني توفيراً قدره 12 ألف دولار عن كل مريض في الولايات المتحدة. في المقابل، يقول خبراء المفوضية الأوروبية إن التوفير المحتمل في المستشفيات الأوروبية أقل بكثير من الولايات المتحدة، فيما يرى خبراء منظمة الصحة العالمية أن هذه الأسعار تضع البلدان النامية والفقراء في البلدان الصناعية خارج دائرة الاستفادة من هذا العلاج.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.