«كورونا» وندرة الخبز يعيدان الوجبات الشعبية إلى موائد السودانيين

«القُراصة» و«الكسرة» و«العصيدة» الأكثر تناولاً

x
x
TT

«كورونا» وندرة الخبز يعيدان الوجبات الشعبية إلى موائد السودانيين

x
x

عاد السودانيون لتناول الوجبة الشعبية الشهيرة «القُرّاصة»، بسبب أزمة الخبز «الرغيف»، وتخوف البعض من الوقوف في الطوابير (الصفوف)، والتقاط فيروس «كوفيد - 19»، وهكذا أعادت الندرة وخوف الوباء القراصة لتتسيد المائدة السودانية بعد غياب، وعادت معها الأطعمة الشعبية الأخرى «العصيدة»، و«الكسرة»
وتصنع «القراصة» من عجين طحين القمح الثقيل بعد تخميره، وتطهى على «طاجن» شديد الحرارة، يفرد فيه العجين حتى يستوي على شكل أقراص مستديرة، ويفضل أن تؤكل ساخنة مع الإدام المتاح، لكن معظم الناس يفضلونها بيخنة اللحم أو الدجاج، أو الإدام «الملاح» الأخضر، المصنوع من البامية أو الملوخية أو الثلج، مع اللحم، وتقدم كذلك كـ«تحلية» بالسمن والعسل أو السكر.
وتغيرت تقاليد السودانيين الغذائية كثيراً في العقود الماضية؛ فبعد أن كان معظم السكان يعتمدون في غذائهم على الأطعمة الشعبية (القرّاصة في الشمال، والكسرة في الوسط، والعصيدة في الغرب)، انتقلوا لتناول الخبز ويسمونه «العيش»، أو «الرغيف»، بيد أنّ الأزمات الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وعجز الدّولة في توفير الخبز وغلاء أسعاره والطوابير الطويلة للحصول عليه، عاد الناس مجدداً لأطعمتهم الشعبية.
وتقول شادية حسن زوجة وأم لخمس أطفال، إنّها اعتادت شراء الخبز بشكل يومي من أقرب مخبز لبيتها، بيد أنّها شرعت في تغيير عادات أسرتها الغذائية، ودفعها لذلك الملل من الوقوف لساعات طويلة في طوابير الحصول على حصتها من الخبز»، وتضيف: «لذلك لجأت للقراصة والوجبات الشعبية الأخرى، قليلة التكلفة نسبياً، في ظل الظروف الاقتصادية».
ويرى الشيخ عمر (55 سنة) أنّ الخرطوم تحولت إلى ريف، لذلك سيطرت فيها الأكلات الشعبية، يقول: «لم يعتد سكان العاصمة على الأكلات الشعبية، مثل سكان الريف؛ فسكان الخرطوم يعتبرون الوجبات الشعبية، كسراً لروتين أطباقهم الرئيسية»، ويستطرد: «اشتهرت مجموعات ثقافية محددة في شمال السودان على أكل القراصة، لكنّها سرعان ما تحوّلت للوجبة الأكثر شعبية في السودان».
وأرجعت عزة عمر، 28 سنة، العودة للقراصة والأطعمة الشعبية الأخرى، إلى أزمة الخبز المستمرة منذ عهد النظام السابق، تقول: «اضطر الناس لتناول البدائل الشعبية للخبز، مثل القراصة، لكنّي أفضل عليها العصيدة، لأنّها خفيفة على المعدة ومشبعة في الوقت ذاته».
وترجع جذور «القراصة» إلى عصور ما قبل التاريخ، وعهد الممالك النوبية في شمال البلاد، وظلت الأسر النوبية تحافظ على تقاليد صناعتها وتعتبرها وجبة رئيسية، قبل أن تتحول إلى وجبة مطلوبة في كل السودان، وهي جزء من تقاليد المطبخ السوداني العتيقة.
وتقارن مريم آدم، وهي بائعة «أكلات شعبية»، بين القراصة والعصيدة - تُصنَع من دقيق الذرة بطريقة شبيهة - فالأولى تصنع سميكة شكل دوائر ثقيلة، بينما تصنع العصيدة على شكل قوالب حسب الحال والرغبة، وتضيف: «الأكلات الشعبية كانت تقدم في المناسبات والأعياد، ويعد طبق (العصيدة) أساسياً في إفطار عيد الفطر».
وظهرت أخيراً أشكال «حديثة» لتقديم الوجبات التقليدية، كأن تقدم القراصة على شكل «بان كيك»، والعصيدة على شكل قوالب قلوب أو ورود أن أو غيرها من الأشكال الهندسية، وذلك لمنافسة أنواع الأطعمة السريعة التي أصبحت تسيطر على أذواق الشباب.
ولمواجهة أزمة الخبز، نشطت مواقع التواصل الاجتماعي في تشجيع العودة للنمط الغذائي الشعبي، للتقليل من استهلاك القمح، والعودة للذرة والدخن، باعتبارها وجبات السودانيين التقليدية التي تخلّوا عنها بعد سيادة ثقافة الاستهلاك، التي نتجت عن السياسات الحكومية التي تأثرت بـ«الفورة النفطية»، العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتقول اختصاصية التغذية سمية القطبي، إنّ القيمة الغذائية للأطعمة الشعبية (القراصة، والعصيدة والكسرة)، تتمثل في احتوائها على «الكاربوهيدات، والبروتينات، والفيتامينات، والأملاح المعدنية»، وهي صحية ومفيدة للجسم، لأنّ إعدادها لا يدخل فيه مكسبات طعم أو ألوان صناعية أو مواد حافظة.
وتتوقع القطبي أن تحسن العودة للأطعمة التقليدية، صحة السودانيين، ولا سيما سكان المدن، الذين اعتمدوا على الوجبات السريعة الغنية بالدهون المشبعة، مثل «الشاورما، والبيرغر، والبيتزا، والنقانق»، وتقول: «ستكون للعودة إلى الوجبات الشعبية فوائد صحية كثيرة لسكان المدن على وجه الخصوص».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.