«برنامج الأغذية العالمي» يطلق حملة تبرعات على شبكات التواصل الاجتماعي

بهدف جمع 64 مليون دولار بعد إعلانه تعليق المساعدات للاجئين السوريين بسبب نقص التمويل

لاجئون سوريون بمخيم في زحلة بالبقاع اللبناني ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)
لاجئون سوريون بمخيم في زحلة بالبقاع اللبناني ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)
TT

«برنامج الأغذية العالمي» يطلق حملة تبرعات على شبكات التواصل الاجتماعي

لاجئون سوريون بمخيم في زحلة بالبقاع اللبناني ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)
لاجئون سوريون بمخيم في زحلة بالبقاع اللبناني ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)

أطلق برنامج الأغذية العالمي حملة تبرعات على شبكات التواصل الاجتماعي لجمع مبلغ 64 مليون دولار وهو المبلغ الضروري لاستئناف المساعدة الغذائية بأسرع وقت ممكن لـ1.7 مليون لاجئ سوري، بعدما كان الاثنين الماضي قد أعلن تعليق مساعداته بسبب نقص التمويل.
وقالت الناطقة باسم البرنامج جويل عيد إنّ البرنامج قرّر الاعتماد على هذه الحملة عبر صفحة خاصة على الإنترنت في محاولة لتأمين أكبر قدر ممكن من المساعدات، بعدما أعلنت بعض الدول عدم قدرتها على تقديم المزيد من الأموال، ومنها الولايات المتحدة الأميركية.
وأوضحت عيد في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنّ المرحلة الأولى لهذه الحملة العالمية ستكون خلال 72 ساعة، وبناء على مدى الاستجابة معها ستمدّد أو يعلن توقيفها.
وكان هادي البحرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، قال في تصريح ردا على القرار، إن تعليق المساعدات الغذائية لمليون و700 ألف لاجئ سوري في دول الجوار بسبب نقص في التمويل؛ هو مدعاة للقلق الشديد، خاصة أن نسبة كبيرة من اللاجئين تعتمد اعتمادا كبيرا على هذه المساعدات، خصوصا وهم مقبلون على شتاء قارس، وقد بدأت الآثار الكارثية لفصل الشتاء بالتسبب بمعاناة هائلة، بعد أن أفادت تقارير بوفاة بعض اللاجئين السوريين في لبنان من شدة البرد.
وتابع بقوله إن تعليق القسائم التي توزعها الأمم المتحدة سوف يعرض الآلاف من الأسر للموت جوعا، وسوف يضع المزيد من الضغوط على البلدان المضيفة التي استنزفت مواردها وهي تحاول استيعاب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
وشدد البحرة على أن «المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية لمنع المجاعة التي تلوح في الأفق وتهدد المئات من اللاجئين، ومن واجبه توفير الأموال اللازمة للاستمرار في تقديم المساعدات عن طريق برنامج الغذاء العالمي. إن تحميل اللاجئين الذين فروا من أعمال العنف والقتل في سوريا المزيد من المعاناة أمر غير مقبول أبدا، ولا يمكن أن يُتركوا ليكافحوا من أجل البقاء على قيد الحياة في مثل هذه الظروف شديدة القسوة».
وقالت مديرة برنامج الأغذية ارثرين كوزان في بيان: «إن كل دولار يمكن أن يفعل الفرق. نقول للناس: بالنسبة إليكم هو دولار، لكن بالنسبة إليهم هي مسألة بقاء».
وشددت على القول: «يكفي فقط أن يعطي كل من 64 مليون شخص دولارا واحدا».
ودعت متصفحي الإنترنت إلى تناقل هذا النداء على كل شبكات التواصل الاجتماعي، مرفقين ذلك على سبيل المثال بعبارة: «دولار للاجئين السوريين»، ويمكن أن تقدم الهبات عبر الموقع الإلكتروني لبرنامج الأغذية العالمي.
وأشارت عيد إلى أنّ برنامج الأغذية وضع الجهات المعنية، من الدول المانحة وحكومات الدول التي تستقبل اللاجئين، في أجواء الأزمة التي يمرّ بها البرنامج منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي حين أطلق نداء شرح فيه المشكلات المالية التي يعانيها، محذرا من الوصول إلى مرحلة التوقف عن تقديم المساعدات. وأكّدت أنّ السوريين لن يحصلوا على المساعدات التي اعتادوا عليها في شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي إذا لم تتأمّن المبالغ اللازمة أو استدراك الأمر وتنفيذ الدول المانحة وعودها بتقديم الأموال، مضيفة: «إذا حصلنا عليها اليوم فستصل الأموال غدا إلى بطاقات اللاجئين».
وكانت كازين قالت في نداء إلى الجهات المانحة: «إنّ تعليق المساعدات سوف يعرض صحة وسلامة هؤلاء اللاجئين للخطر، ومن المحتمل أن يسبب المزيد من التوتر وعدم الاستقرار وانعدام الأمن في البلدان المضيفة المجاورة».
وأضافت: «اللاجئون السوريون في المخيمات والمستوطنات غير الرسمية في جميع أنحاء المنطقة غير مستعدين لبدء شتاء قارس آخر، وخاصة في لبنان والأردن، حيث يوجد الكثير من الأطفال حفاة الأقدام ولا يملكون الملابس المناسبة، كما أنّ الكثير من الخيام غارقة في الوحل والأوضاع الصحية يزداد تعرضها للمخاطر».
واعتاد البرنامج أن يقدّم المساعدات للاجئين بواسطة قسائم شراء لمئات آلاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ظروف بائسة في الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر. وهو يحتاج لـ64 مليون دولار (51 مليون يورو) لاستئناف مساعدته لشهر ديسمبر الحالي. ويستقبل لبنان النسبة الكبرى من اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم المليون ونصف المليون، موزعين بشكل أساسي في مناطق البقاع والشمال ويعانون بدورهم من قلة المساعدات.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، نجح برنامج الأغذية العالمي، رغم النزاعات وصعوبات الوصول لبعض المناطق، في تلبية الاحتياجات الغذائية للملايين من النازحين داخل سوريا ووصل إلى 1.8 مليون لاجئ في الدول المجاورة: لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».