اكتشاف تماسيح نادرة نجت من «الانقراض العظيم» في مصر

علماء أميركيون عثروا على الحفرية بصحراء الفيوم

شكل متخيل لتماسيح عائلة (سيباكوسوكيا)
صورة ثلاثية الأبعاد للجزء الأيمن من حفرية التمساح
شكل متخيل لتماسيح عائلة (سيباكوسوكيا) صورة ثلاثية الأبعاد للجزء الأيمن من حفرية التمساح
TT

اكتشاف تماسيح نادرة نجت من «الانقراض العظيم» في مصر

شكل متخيل لتماسيح عائلة (سيباكوسوكيا)
صورة ثلاثية الأبعاد للجزء الأيمن من حفرية التمساح
شكل متخيل لتماسيح عائلة (سيباكوسوكيا) صورة ثلاثية الأبعاد للجزء الأيمن من حفرية التمساح

قبل نحو 65 مليون عام بين العصرين الطباشيري والباليوجيني حدثت موجة انقراض كبيرة تُعرف باسم «الانقراض العظيم»، حين تسبب اصطدام نيزك ضخم بالأرض في إطلاق سحب من الغبار والحطام إلى الغلاف الجوي، مما حجب ضوء الشمس وغيّر المناخ، وتسبب في انقراض الحيوانات، بما فيها الأنواع الضخمة مثل الديناصورات، غير أنّ قلة هي التي نجت من هذا الحدث، ومنها نوع من التماسيح المنقرضة، التي تنتمي إلى عائلة تعرف باسم «سيباكوسوكيا».
وتوجد حفريات لهذه العائلة من التماسيح في أوروبا ومدغشقر وبعض دول شمال أفريقيا، ونجح فريق بحثي أميركي أخيراً في إضافة مصر لقائمة الدول التي عرفت في الماضي تماسيح هذه العائلة بعد قيامهم بتوصيف عينة كانت ضمن مقتنيات بعثة الحفريات التابعة لجامعة ديوك، التي عملت لفترة في صحراء الفيوم.
ولم تُوصّف العينة وقت اكتشافها على أنّها تنتمي لعائلة «سيباكوسوكيا»، ولكن الدراسات التي أُجريت عليها لاحقاً أثبتت ذلك، وتم توصيفها وإثبات نسبها لتلك العائلة خلال دراسة نُشرت في أبريل (نيسان) الماضي بدورية «علم الحفريات الفقارية».
ويقول د.هشام سلام، أستاذ الحفريات الفقارية في جامعة المنصورة المصرية، وقائد الفريق البحثي مكتشف الديناصور الشهير «منصوراصورس» لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «قيمة هذا الاكتشاف تكمن في أنه يدفع الباحثين المصريين للعودة إلى صحراء الفيوم بحثاً عن عينات أخرى لتماسيح عائلة (سيباكوسوكيا)، لعلهم يعثرون على عينة فريدة من نوعها، يمكن أن تعطي اسما جديداً».
ويوضح سلام أنّ العينة التي عمل عليها الفريق البحثي الأميركي مكّنتهم فقط من إثبات أنّها تنتمي لعائلة (سيباكوسوكيا)، الناجية من الانقراض العظيم، لكنّها لم تكن فريدة من نوعها، ولذلك لم تُمنح اسماً جديداً خاصاً بها.
ويضيف: «الفريق البحثي الأميركي، إذا كان قد نجح في إثبات أنّها عينة فريدة من نوعها، سيكون ذلك مسوغاً لمصر كي تطالب بعودة هذه العينة».
ووفقاً لاتفاقيات الشراكة التي تُوقّع مع الجامعات الأجنبية والتي تقوم بالحفريات في بعض المناطق مثل الفيوم والواحات البحرية، فإنّ من حقها الحصول على بعض من الحفريات، شريطة ألا تكون حفرية فريدة من نوعها.
وعن مواصفات التمساح المكتشف، يقول سلام، إنّ تماسيح عائلة (سيباكوسوكيا) بشكل عام تتميز بالجمجمة الصغيرة جداً، ويد أمامية أصغر من الخلفية، ولديها قدرة كبيرة على الركض.
من جانبه، يصف الدكتور محمد سامح مدير إدارة الحفريات والجيولوجيا في وزارة البيئة، هذا الاكتشاف لتمساح عائلة (سيباكوسوكيا) بـ«الاكتشاف المهم».
ويقول في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إن العثور على كائنات نجت من الأحداث المناخية الضخمة التي صاحبت حدث الانقراض العظيم، أمر مهم من الناحية العلمية».
ونجت هذه التماسيح من الانقراض العظيم (قبل 65 مليون سنة)، وظلت حية 45 مليون سنة، حتى انقرضت قبل 20 مليون سنة، والعثور على حفرية لعائلة من الحيوانات عاشت كل هذه الفترة بعد نجاتها من الانقراض «يضيف لقيمة منطقة الفيوم العلمية»، كما يؤكد سامح.
وشهدت محافظة الفيوم (100 كيلومتر جنوب القاهرة) اكتشاف العديد من الحفريات ذات القيمة العلمية الكبيرة، كما أنّها تضمّ منطقة «وادي الحيتان» التي تصنف كمنطقة تراث عالمي، واختارتها اليونيسكو كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان.
وعن أسباب نجاة هذه التماسيح من الانقراض قبل 65 مليون عام، يقول سامح: «ربما ساعدها على ذلك جسمها الصغير وقدرتها على السباحة».


مقالات ذات صلة

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

يوميات الشرق السمكة المجدافية كما أعلن عنها معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

جرف البحر سمكة نادرة تعيش في أعماق البحار، إلى أحد شواطئ جنوب كاليفورنيا، بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
يوميات الشرق ولادة بمنزلة أمل (غيتي)

طائر فلامنغو نادر يولَد من رحم الحياة

نجحت حديقة الحياة البرية بجزيرة مان، الواقعة في البحر الآيرلندي بين بريطانيا العظمى وآيرلندا بتوليد فرخ لطائر الفلامنغو النادر للمرّة الأولى منذ 18 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تعرف على أفضل 10 دول في العالم من حيث جودة الحياة (رويترز)

الدنمارك رقم 1 في جودة الحياة... تعرف على ترتيب أفضل 10 دول

أصدرت مجلة «U.S. News and World Report» مؤخراً تصنيفها لأفضل الدول في العالم بناءً على جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق العمر الطويل خلفه حكاية (غيتي)

ما سرّ عيش أقدم شجرة صنوبر في العالم لـ4800 سنة؟

تحتضن ولاية كاليفورنيا الأميركية أقدم شجرة صنوبر مخروطية، يبلغ عمرها أكثر من 4800 عام، وتُعرَف باسم «ميثوسيلا».

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
يوميات الشرق السعودية تواصل جهودها المكثّفة للحفاظ على الفهد الصياد من خلال توظيف البحث العلمي (الشرق الأوسط)

«الحياة الفطرية السعودية» تعلن ولادة 4 أشبال للفهد الصياد

أعلنت السعودية إحراز تقدم في برنامج إعادة توطين الفهد، بولادة أربعة أشبال من الفهد الصياد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».