اتهام قطر و«الوفاق» بمحاولة عرقلة «الوزاري العربي»

TT

اتهام قطر و«الوفاق» بمحاولة عرقلة «الوزاري العربي»

أثار الإرجاء المفاجئ لاجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن ليبيا، الذي كان منتظراً عقده أمس (الاثنين)، ثم تقرر أن يقام اليوم (الثلاثاء)، تساؤلات حول أسباب التأجيل. وأفادت مصادر بالأمانة العامة للجامعة العربية وأخرى دبلوماسية من وزارة خارجية إحدى الدول الأعضاء، بأن الإرجاء يرجع إلى «محاولات قطرية، وأخرى من حكومة (الوفاق الوطني) الليبية لعرقلة الاجتماع، عبر خلق خلافات وتحفظات بشأن جدول أعماله».
كانت القاهرة دعت إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب بشأن التطورات الحادثة في ليبيا، وتمكنت من حشد الإجماع اللازم لإقامة الاجتماع من الدول الأعضاء، وتقرر أن يعقد عبر «الفيديو كونفرنس»، وهو ما تواكب مع إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن أن بلاده «لن تسمح بتهديد الأمن القومي العربي في ليبيا، عبر جلب الميليشيات والمرتزقة إلى ليبيا»، ومعتبراً أن «الشرعية باتت متوفرة لتدخل مصري مباشر في الأزمة»، وهو ما حظي بدعم من دول عربية عدة، في مقدمتها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، ومملكة البحرين.
وحسب المصادر في الأمانة العامة للجامعة، فإن «حكومة (الوفاق الوطني) الليبية، معها دولة قطر، سعتا إلى بذل جهود كبيرة لتأجيل الاجتماع، أو لإبداء التحفظ المسبق على جدوله ونتائجه، خوفاً من طرح بند يتعلق بعدم شرعية حكومة (الوفاق)، أو استصدار قرارات إدانة للتدخل التركي واحتلاله لدولة عربية شقيقة». وشرحت المصادر أن «مسعى قطر - الوفاق كان يحاول تلافي مطالبة محتملة بتفعيل (اتفاقية الدفاع العربي المشترك)، وإضفاء شرعية مضافة على التدخل المصري في ليبيا».
كذلك، قالت المصادر بالجامعة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمانة العامة نجحت في تهدئة الأجواء، والتوافق بشأن الهدف المشترك بين جميع الدول العربية، وهو وقف إطلاق النار، واستئناف الحل السياسي، وحل الميليشيات وإخراج كل المرتزقة من ليبيا، استناداً إلى القرارات والمواقف السابقة للدول العربية في كل الاجتماعات السابقة».
كما تحدث مصدر دبلوماسي عربي، عن «محاولات حثيثة قامت بها سلطنة عُمان (الرئيس الحالي للجلسة الطارئة)، لخلق توافق بين الدول أعضاء الجامعة»، مؤكداً أن «الاجتماع سيعقد في موعده (الثلاثاء)، بناء على نتائج الاتصالات المشتركة التي أجرتها الجامعة والسلطنة بين الدول الأعضاء».
في السياق ذاته، أعلنت الخارجية المصرية، أمس، أن الوزير المصري سامح شكري، أجرى اتصالاً هاتفياً مع الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان، يوسف بن علوي، باعتباره رئيس الجلسة الطارئة للوزاري العربي.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، المستشار أحمد حافظ، أنه «تم التشاور بشأن مجمل القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع في المنطقة، كما تم التطرق إلى الموضوعات المتوقع مناقشتها في جلسة مجلس الجامعة العربية.
على المستوى الوزاري المقرر عقدها عبر تقنية (الفيديو كونفرنس)، خصوصاً على ضوء رئاسة الوزير العُماني للدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري».
على صعيد الاجتماع نفسه، فإن مصدراً بالجامعة، أوضح أن «قضية (سد النهضة الإثيوبي) ستكون حاضرة في الاجتماع، ولكن في صورة إفادة يقدمها وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمام الدول الأعضاء بشأن أحدث التطورات في الأزمة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.