تعيين إيما واتسون عضواً في مجلس إدارة «كيرينغ» لكسب الشباب وتحقيق التوازن

إيما واتسون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
إيما واتسون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
TT

تعيين إيما واتسون عضواً في مجلس إدارة «كيرينغ» لكسب الشباب وتحقيق التوازن

إيما واتسون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
إيما واتسون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

عالم الموضة يعيش حالة من الفوضى. فوضاه تتجلى في تخبطه بحثاً عن حلول جذرية تعيد له قوته، وفي الوقت ذاته تعمل على تغيير صورته الرأسمالية إلى صورة أكثر إنسانية تؤكد أنه يُنصت لنبض الشارع. فشهر العسل الذي عاشه في السنوات الأخيرة بعد تجاوزه أزمة 2008، وانتعاش الأسواق العالمية، أنهاه فيروس كورونا المستجد، ثم انتفاضة «حياة السود مهمة»، وقبل ذلك حرائق أستراليا، وثورات شبابية صغيرة شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي تنادي بحماية البيئة وحقوق الإنسان.
ثقافة الشارع، وثوراته الصغيرة هاته، كانت دائماً المحرك الأول في التغييرات التي تشهدها الموضة، بدليل الحركة النسوية في الستينات التي تبناها إيف سان لوران وأمثاله، ثم الحركة الشبابية في السبعينات التي تبنتها فيفيان ويستوود وهكذا. الفرق أن الموضة كانت في السابق تلعب إما دوراً فاعلاً، أو مسانداً، وبالتالي لم تفقد حب الناس.
لم يكن يخطر على البال أن تدخل يوماً قفص الاتهام. فهي، حسب الأمم المتحدة، تستهلك حالياً طاقة أكثر من قطاع الطيران والشحن مجتمعين، كما أنها من أكبر المسؤولين عن تلويث البيئة بإنتاجها كميات ضخمة يتم التخلص منها بطرق غير مستدامة. بل إن البعض يذهب حالياً إلى القول إنها رأس الأفعى فيما آل إليه العالم من نزعات رأسمالية استهلاكية أثرت على حياة الفقراء، وزادت الفجوة بينهم وبين الأغنياء؛ صور عمال في بنغلاديش أو الهند وهم ساهرون بظهور منحنية على تنفيذ أزياء تقدر بمئات وآلاف الدولارات مقابل مبالغ لا تسد رمقهم، بدأت تتداول قبل جائحة «كورونا»، لكنها اكتسب زخماً بعدها. ثم جاءت انتفاضة «حياة السود مهمة» لتزيد الأمر سوءاً بفتحها ملفات قديمة تُؤذن بتغييرات كثيرة لن تقتصر على الوظائف الإدارية الحساسة.
فاعتذار عرابة الموضة ورئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الأميركية عن كونها لم تُعط السوداوات حقهن على مدى عقود، لن يُنهي المشكلة، لأن التاريخ يؤكد أنه عندما تبدأ التنازلات تزيد الطلبات قبل أن تستقر الأمور، ويحصل التوافق.
تعيين مجموعة «كيرينغ» للممثلة البريطانية إيما واتسون، التي اشتهرت في دور «هيرميون غرايجر» في سلسلة أفلام «هاري بوتر» عضواً في مجلس إدارتها مؤخراً، خطوة لافتة للاهتمام. هذه الأهمية لا تعود إلى كونها ممثلة مشهورة يعرفها الصغار قبل الكبار، ولا حتى إلى كونها ناشطة في مجالات حقوق المرأة والبيئة فحسب، بل لأن كيرينغ، بالأساس، واحدة من بين المجموعات الضخمة التي لعبت دوراً كبيراً في تغيير شخصية الموضة، وما آلت إليه.
فمنذ أن بدأت هذه المجموعات، على رأسها «إل في آم آش»، تستولي على بيوت أزياء كبيرة، وتفرض سياساتها عليها، تعالت أصوات المصممين بأن جانب الإبداع تراجع لصالح تحقيق الربح السريع بإلحاح من المساهمين. مجموعة «كرينيغ» المالكة لـ«سيلين»، و«غوتشي»، و«سان لوران»، و«بوتيغا فينيتا»، و«ألكسندر ماكوين»، و«بالنسياغا»، وغيرها من بيوت الأزياء، كانت أفضل من غيرها، من حيث اهتمامها بجانب الاستدامة والتفاعل الإنساني مع مصمميها.
كانت أول من احتضن المصممة ستيلا ماكرتني، في وقت كان فيه مفهوم الاستدامة وعدم استعمال جلود طبيعية، في أوله. أي ليس «موضة».
كانت المقارنات بينها وبين مجموعة «إل في آم آش» تنتهي دائماً لصالحها. المشكلة أن ستيلا ماكارتني هجرت «كيرينغ» في العام الماضي، وارتمت في حضن منافستها «إل في آم آش» كمستشارة في أمور الاستدامة. فهذه الأخيرة انتبهت إلى أن استراتيجيات المستقبل، بما فيها كسب ود الزبائن الشباب، تستدعي الموازنة بين تحقيق الأرباح وبناء صورة إنسانية تهتم بالبيئة والتنوع الثقافي بكل أشكاله، واتخذت تدابير تُحصنها. حجم المنافسة والضغوطات جعلت «كيرينغ» تتراجع وتتعرض للكثير من الانتقادات في العام الماضي. فبيوتها، مثل «غوتشي» و«سان لوران» و«بالنسياغا» قد تكون حققت لها أرباحاً طائلة في العام الماضي تقدر بـ2.3 مليار يورو، إلا أنها في الوقت ذاته باتت تُجسد كل ما يعنيه قطاع الموضة من مساوئ من ناحية التقصير في احتضان التنوع الثقافي ومفهوم الاستدامة. لهذا كان تعيين إيما واتسون في مجلس إدارتها ضربة معلم.
فهي من الوجوه التي يعرفها الشباب جيداً، بفضل دورها في «هاري بوتر»، وأيضاً مصداقيتها كناشطة في حقوق الإنسان وحماية البيئة.
هذه القوة والقدرة على تجسيد ثقافة الشباب حالياً، هي ما تعول عليه مجموعة «كيرينغ» لاستعادة توازنها ومكانتها في سوق تبنى نفسها من جديد.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».