لا يزال فيروس «كورونا» يشكِّل مادة دسمة للتعليقات الساخرة وإطلاق النكات بالنسبة للمصريين، سواء في أحاديثهم اليومية على أرض الواقع، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وربما يكون ذلك بحجم القلق نفسه الذي ينتابهم تجاه الجائحة بما تمثله من خطر جسيم.
وقد انضم الفن التشكيلي أخيراً إلى المشهد الساخر بقوة، عبر قطع فنية تتخذ شكل كمامات ضاحكة تدعو للبهجة؛ دعماً لمحاولات رفع الروح المعنوية التي تُعد من أهم سبل تعزيز الجهاز المناعي. فقد أطلقت الفنانة المصرية نيها حته، مبادرة توعوية تحت عنوان «ما تخليش الكمامة تخفي الابتسامة» التي لاقت صدى كبيراً من جانب مجموعة من التشكيليين، فبدأوا يقدمون كمامات تبرز الابتسامة وتدعو إلى الضحك.
بدأت الفكرة تدور في ذهن نيها حين طلب منها أحد الإعلاميين المشاركة في حملة للتوعية بإحدى القنوات التلفزيونية الإقليمية، ضد فيروس «كورونا»، وحين بدأت تنتقي العبارات التي ستذكرها توصلت إلى جملة معبرة وغير تقليدية، وهي: «ما تخليش الكمامة تخفي الابتسامة»، ووجدت أنها أثارت ضحك الموجودين، كما لاقت استحساناً واضحاً من جانب الجمهور في تعليقاتهم على صفحات القناة على «السوشيال ميديا»؛ ما دفع نيها إلى تطويرها إلى مبادرة تحتفي بمواجهة «كورونا» عبر ثنائي الفن والضحك.
«أصبح الجميع محاصراً بالدعوة إلى البقاء في البيت، واتباع خطوات التعقيم، وفي هذه المبادرة أردت أن أقدم مفهوماً جديداً ومختلفاً للمواجهة»، بحسب تعبير نيها حته التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أجد أفضل من الضحك وإطلاق النكات سبيلاً لاستقطاب المتلقي، وإقناعه بتحدي الفيروس؛ لأنها الوسيلة التي يفضلها دوماً المصريون الذين يطلقون العنان لخيالهم، ويحولون أصعب الأزمات إلى تعليقات ومواقف مضحكة».
نيها أطلقت «هاشتاغ» على مواقع التواصل الاجتماعي، يحمل شعار المبادرة: «وجدته يحمل التفاؤل والأمل وخفة الظل، بأسلوب سهل بعيداً عن التعليمات والنصائح المباشرة، ثم بدأت في تصميم كمامات ساخرة، وكان أبرزها فم كبير يظهر الأسنان بوضوح، في دلالة على الضحك، وتعمدت المبالغة في حجم الفم؛ للتأكيد على أن الضحك ضروري حتى في ظل أزمة (كورونا)؛ بل أردت أن أقول للجمهور: لطالما كنت تهتم بالابتسامة والضحك، والآن أصبح الأمر يستدعي مزيداً منهما لهزيمة (كورونا)، وهو شيء لا ينبع من الفراغ؛ حيث يثبت العلم كل يوم ذلك الارتباط الوثيق بين الروح المعنوية المرتفعة وقوة المناعة».
كما طلبت الفنانة المصرية من أصدقائها التشكيليين الانضمام للمبادرة، مع توظيف هذه الكمامات «الفنية» لتحقيق عنصر الحماية من الفيروس، بجانب دورها الساخر الذي يبث التفاؤل.
وكانت شيماء المهدي واحدة من أكثر الفنانات تأثراً بالمبادرة، وبتحقيق التوافق بين شقيها الوظيفي والاجتماعي، بعدما رسمت يدوياً على كمامات من القماش من تصميمها، تتضمن كافة المواصفات الكفيلة بالوقاية من المرض، ويمكن غسلها مرات عديدة، كما قررت أن تنتقي شخصياتها من الأوبريت الشهير «الليلة الكبيرة» مصحوبة بعبارات ضاحكة منه، مثل: «أنا شجيع السيما»، و«فتح عينك تاكل ملبن»، مع استخدام ألوان مبهجة، انطلاقاً من ضرورة «تلمُّس الجمال والبعد المضيء في كل شيء حولنا، حتى لو كان الأمر يتعلق بأزمة في حجم انتشار فيروس (كورونا)» على حد تعبير المهدي التي تضيف لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «الفن يجب أن يبرز ذلك، ويوثقه، وقد رأيت أن مبادرة الفنانة نيها حته بشأن الكمامة الفنية الساخرة، إنما هي وسيلة جيدة للغاية من وجهة نظري، للتعبير عن هذا المفهوم».
وترى أنه إذا كان كثير من المصريين يجدون صعوبة في قبول الكمامة، فها هو الفن يجمِّلها، ويمنحها طابعاً مبهجاً أنيقاً، ليصبح قادراً على إقناع المتلقي بارتدائها، مع أهميتها الوقائية.
كمامات تدعو للبهجة في «زمن كورونا» بمصر
عبر مبادرة فنية تحث على الابتسامة رغم تداعيات الجائحة
كمامات تدعو للبهجة في «زمن كورونا» بمصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة