الأجهزة الأمنية الفلسطينية تتلف وثائق سرية تحسباً لاجتياح إسرائيلي

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرتدي قناعاً واقياً خلال جولة في أحد شوارع رام الله (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرتدي قناعاً واقياً خلال جولة في أحد شوارع رام الله (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الأجهزة الأمنية الفلسطينية تتلف وثائق سرية تحسباً لاجتياح إسرائيلي

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرتدي قناعاً واقياً خلال جولة في أحد شوارع رام الله (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرتدي قناعاً واقياً خلال جولة في أحد شوارع رام الله (أرشيفية - أ.ف.ب)

أتلفت أجهزة الأمن الفلسطينية وثائق سرية تحسباً لاجتياحات إسرائيلية على غرار الاجتياحات التي نفذت في عام 2000 للضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرت مصادر أمنية اليوم (الثلاثاء) لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الثلاثاء).
وقالت هذه المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هوياتها، «تلقينا أوامر عُليا بإتلاف الوثائق السرية التي بحوزتنا، ونفذنا هذه الأوامر بشكل سري».
وأكدت المصادر أن عملية الإتلاف تمت خوفاً من قيام الجيش الإسرائيلي باقتحام الأراضي الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية، والحصول على هذه الوثائق.
وقال أحد المصادر الأمنية، إن المعلومات نُقلت إلى حافظات إلكترونية قبيل إتلاف الوثائق الورقية الأصلية، ووضعت الحافظات في أماكن سرية.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مايو (أيار) الماضي، أن السلطة الفلسطينية في حل من كافة الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، بما في ذلك التنسيق الأمني.
وجاء ذلك في أعقاب إعلان إسرائيل عن مخططها لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، لصحافيين أجانب وإسرائيليين، الأحد، «إذا أقدم نتنياهو على ضم إنش واحد من الأرض الفلسطينية سيعني ذلك القضاء على أي احتمال للسلام».
وبدت السلطة الفلسطينية أكثر حزماً في تنفيذ قرارها وقف التنسيق، إذ أكد أكثر من مسؤول فلسطيني وقف العلاقة بشكل تام مع الجانب الإسرائيلي.
وتتخوف السلطة الفلسطينية من ردة فعل إسرائيلية، يتكرر فيها سيناريو الاجتياحات الذي نفذته رداً على الانتفاضة المسلحة الفلسطينية في عام 2000.
واقتحم الجيش الإسرائيلي حينها العديد من المقرات الأمنية الفلسطينية، وقام بمصادرة وثائق وأسلحة من داخلها عوضاً عن تدمير هذه المقرات بشكل كامل.
وتسيطر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وفق اتفاقية أوسلو الموقعة مع إسرائيل في عام 1993، على كافة المدن الفلسطينية، مع إمكانية دخول الجيش الإسرائيلي إليها لتنفيذ ما عرف باسم «المطاردة الساخنة».
ويشير إعلان الرئيس الفلسطيني الأخير إلى التخلي عن بنود هذا الاتفاق، وهو ما يثير مخاوف لدى الفلسطينيين من أن تقوم إسرائيل باجتياح المدن الفلسطينية.



مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».