هدوء حذر شمال لبنان بعد مواجهات ليلية «دامية»

89 جريحاً بسبب مساعدات أممية متجهة إلى سوريا

عناصر من الجيش اللبناني في مواجهة محتجين في طرابلس ليل السبت (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني في مواجهة محتجين في طرابلس ليل السبت (أ.ف.ب)
TT

هدوء حذر شمال لبنان بعد مواجهات ليلية «دامية»

عناصر من الجيش اللبناني في مواجهة محتجين في طرابلس ليل السبت (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش اللبناني في مواجهة محتجين في طرابلس ليل السبت (أ.ف.ب)

ساد هدوء حذر أمس (الأحد) مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، بعد ليلة طويلة من المواجهات بين الجيش اللبناني والمتظاهرين، كانت قد بدأت على خلفية اعتراض أبناء محلة باب التبانة على مرور شاحنات محملة بالمواد الغذائية إلى سوريا، أعلنت الأمم المتحدة في وقت لاحق أنها تابعة لها وتمر عبر لبنان إلى سوريا.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»، أن المدينة شهدت صباح أمس حالة هدوء تام، بعد مواجهات عنيفة ليلاً، بين الجيش وعدد كبير من الشبان، تخللها إلقاء المحتجين قنابل مولوتوف وحجارة على العناصر العسكرية التي ردت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لإبعاد المتظاهرين.
وكان أبرز مسارح هذه الاشتباكات ساحة النور وشارع سوريا في التبانة، على خلفية توقيف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمتوجهة إلى سوريا، وعمد المحتجون إلى تحطيم العديد من المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة، وأضرموا النيران في بعضها وفي حاويات النفايات، وكذلك في فرع لمصرف «لبنان والمهجر»، وقطعوا العديد من الطرق الرئيسية والفرعية بالإطارات المشتعلة، وألقى أحد الشبان قنبلة مولوتوف على آلية عسكرية فاشتعلت فيها النيران. وأسفرت المواجهات، بحسب الوكالة، عن سقوط أكثر من 80 جريحاً، بينهم عدد من العسكريين تجاوز العشرين.
وعند ساعات الصباح الأولى، تمكنت عناصر من الجيش من استعادة السيطرة على الوضع الميداني وإلزام المحتجين التراجع إلى عمق الشوارع الداخلية، في حين عمدت العناصر بعد ذلك إلى فتح الطرق التي قطعها المحتجون.
وعلى إثر هذه الحوادث، أصدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بياناً أكد فيه أن الشاحنات تابعة له، موضحاً أن «قافلة مكونة من 39 شاحنة تحمل مساعدات غذائية قد انطلقت من مرفأ بيروت باتجاه الأراضي السورية. تم توقيف شاحنتين في مدينة طرابلس في طريقهما إلى مخازن منظمة التابعة للأمم المتحدة في سوريا»، ومؤكداً أن هذه الشاحنات كانت تنقل أكياس سكر تحمل شعار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. وأنه تم استيراد كل المواد الغذائية الموجودة في الشاحنات من الأسواق الدولية عبر مرفأ بيروت الذي يعتبر من أهم ممرات الإمداد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
وبعد هذا التوضيح، رأى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن «من حق أي مواطن يعاني الغلاء الفاحش وفقدان المواد الغذائية أن يرى في رتل الشاحنات المحملة بالمساعدات والمتوجهة إلى سوريا حلقة في مسلسل التهريب اليومي في ظل الحدود السائبة وغياب الثقة بإجراءات الدولة»، معتبراً في الوقت عينه أن «هذا الحق يتوقف عند حدود المسؤولية الوطنية والأخوية تجاه المساعدات التي تنقلها الأمم المتحدة إلى الداخل السوري عبر مرفأ بيروت، وليس بين أهل طرابلس والبداوي والمنية وغيرها من يمكن أن يمنع وصول المساعدات إلى الأشقاء السوريين الذين يعانون مرارات النظام».
وكتب الحريري على حسابه على «تويتر» قائلاً إن الأمور باتت واضحة بعد بيان برنامج الأغذية العالمي فقطع الطريق على مساعدة الأشقاء ليس من شيم أهلنا في الشمال. لكن خوفنا وخوفهم أن يأخذنا عباقرة العهد والحكومة إلى يوم ينتظر فيه اللبنانيون وصول شاحنات برنامج الأغذية العالمي»، وأكد أن «الجيش يبقى ملاذ اللبنانيين إلى سلامتهم وحقهم في التعبير السلمي».
من جهته، قال النائب السابق والقيادي في «تيار المستقبل»، مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل في طرابلس هو وجه من وجوه الفوضى التي قد تشهدها المدينة نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تعيشه عاصمة الشمال على غرار مختلف المناطق اللبنانية، وهو ما قد تستفيد منه أو تستغله أطراف معينة، لجر المنطقة إلى نتائج خطرة.
وفيما يلفت علوش إلى أن أبناء المنطقة قد يكونوا وقعوا في الخطأ عند رؤيتهم الشاحنات يؤكد أن هذا الخطأ تتحمله الأمم المتحدة التي يفترض أن يكون اسمها موجوداً على الشاحنات وهو ما لم يره الطرابلسيون، فكانت أن صدرت عنهم ردة الفعل هذه في ظل معاناتهم كما كل اللبنانيين من التهريب المستمر إلى سوريا.
وبعد الاعتداءات التي طالت ممتلكات خاصة وعامة في ليلة المواجهات الطويلة، استنكر رئيس بلدية طرابلس رياض يمق ما قال إنها اعتداءات متكررة على مبنى بلدية طرابلس وآلياتها وسياراتها وعمالها وشرطتها، معتبراً أن «من يعبث بأمن طرابلس ليس من بيئتها».
واستغرب بعد جولة له في المدينة أمس، الاعتداءات على البلدية وعمالها، وسأل: «هل تكافأ بلدية طرابلس وعمالها وشرطتها بالهجوم عليهم والتخريب في الأملاك العامة البلدية وغيرها؟ وهي التي دعمت كل المواقف والتحركات الشعبية المحقة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وما الفائدة المرجوة من تكسير المبنى البلدي وتخريب الممتلكات العامة وحتى الخاصة»؟.
وأضاف: «إن الذين يعبثون بأمن واستقرار طرابلس ليسوا من بيئتها ولا يمثلون ناسها وقيمها ولا حاضرها ولا ماضيها».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.