النفط الليبي «رهن المساومات» وسلطات طرابلس تتوعد بفتح الحقول

مصفاة نفط في بلدة راس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)
مصفاة نفط في بلدة راس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)
TT

النفط الليبي «رهن المساومات» وسلطات طرابلس تتوعد بفتح الحقول

مصفاة نفط في بلدة راس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)
مصفاة نفط في بلدة راس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)

توعدت سلطات العاصمة الليبية طرابلس بـأنها ماضية في فتح حقول وموانئ النفط في عموم البلاد، بعد قرابة خمسة أشهر من إغلاقها، وذلك على خلفية تشغيل وغلق حقلي الشرارة والفيل بجنوب البلاد، مرات عدة بسبب تدخلات «جماعات مسلحة». وقال مسؤول في المؤسسة الوطنية للنفط لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن هناك «ترتيبات تجرى حالياً استعداداً لإعادة عملية الإنتاج والتصدير من جميع الموانئ بعموم البلاد»، ولم يوضح المصدر كيف يتم ذلك في ظل سيطرة «الجيش الوطني» على منطقة الهلال النفطي، فيما لا تزال باقي الحقول مغلقة.
وبينما قال مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية، التابعة لحكومة «الوفاق» إن استمرار ما سماه بـ«التصرفات الإجرامية» سيدفع مؤسسته للبحث في الخيارات الأخرى المتاحة لديها لإعادة فتح جميع منشآتها المغلقة حالياً في كل أرجاء البلاد، دخلت وزارة الدفاع بحكومة «الوفاق» على خط الأزمة، وزادت من عملية الوعيد، وقالت «إنها وقوات «بركان الغضب»، لن يقفا مكتوفي الأيدي أمام إقفالات المنشآت النفطية».
ووصفت الوزارة اقتحام مجموعات مسلحة مرفأ مليتة للنفط والغاز، وغلق حقلي الشرارة والفيل، بـ«الجرائم المضرة بكيان الدولة الأمني والاقتصادي»، وقالت إنها ماضية في اتخاذ «جميع الوسائل المتاحة للتصدي لهذه الأعمال التخريبية للحفاظ على الوطن ومقدراته»، بما في ذلك «الإجراءات القانونية الرادعة ضد تلك الجماعات».
وأضاف المسؤول بالمؤسسة، الذي رفض ذكر اسمه، أن «فرق الصيانة التابعة للمؤسسة ستبدأ في عملية واسعة لصيانة الخطوط التي من المؤكدة قد تضررت بسبب عملية الإغلاق الطويلة، تمهيداً لبدء العمل».
ووجهت المؤسسة الوطنية للنفط اتهامات ليوسف حسين التباوي آمر كتيبة «خالد بن الوليد»، التابعة لـ«الجيش الوطني» بـ«إجبار العاملين بحقل الفيل على إغلاقه ووقف العمل به مجدداً» بعد أيام قليلة فقط من إعادته للإنتاج، غير أن القيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر لم تصدر أي تعليق بخصوص ذلك. وسبق أن أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن وقف العمل بحقل الشرارة، الذي ينتج ما يقارب ثلث إنتاج ليبيا من النفط بعد عودته للعمل أيضاً وتوقفه ثلاث مرات في يومين؛ وقالت في بيان إنها «لن تسمح بترهيب العاملين والعبث بالقطاع وبمنشآت البلاد النفطية»، مجددة «التزاماتها بسيادة القانون تجاه الإغلاقات النفطية».
وكان الحقلان الشرارة والفيل استؤنف الإنتاج بهما في أعقاب انتصارات حققتها حكومة «الوفاق» في حرب طرابلس، لكنهما تعرضا للإغلاق مرات عدة. ويقول مشايخ بقبائل ليبية أوعزوا بإغلاق الموانئ والحقول في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن إعادة إنتاج النفط «مرهونة بتلبية مطالب الشعب الذي حرم خيره، بينما أُغدقت عائداته على المرتزقة من المقاتلين الأجانب».
ولم يصدر أي تعليق من كتيبة خالد بن الوليد على اتهام آمرها بغلق حقل الشرارة، لكن مؤسسة النفط قالت إن هذا الإجراء «يظهر من جديد فشل حرس المنشآت النفطية بتنفيذ مهامه القانونية المتمثلة بحماية منشآت القطاع والعاملين فيها بل أصبح عبارة عن ميليشيات تنفذ أوامر من قيادات غير قانونية من أجل خدمة المصالح الأجنبية».
ويعدّ حقل الشرارة الواقع بالقرب من مدينة أوباري إحدى أكبر نقاط إنتاج النفط في ليبيا، بطاقة تقارب 315 ألف برميل يومياَ، مما جعله هدفاً «للي ذراع الدولة» منذ اندلاع انتفاضة 17 فبراير عام 2011. وكانت مؤسسة النفط قالت إن الإنتاج عاد إلى حقل الشرارة «بعد مفاوضات طويلة قامت بها المؤسسة لفتح صمام خط الحمادة الذي تم إغلاقه بشكل غير قانوني في يناير الماضي»، علماً بأن النفط الليبي يعاني من الإغلاق على مدار السنوات التسع الماضية، لأسباب مختلفة منها معاناة المناطق التي تقع بها الحقول من الفقر والبطالة.
وحول ملابسات فتح وغلق حقل الشرارة، أوضح صنع الله: «بعد إغلاق الإنتاج تراجع آمر حرس المنشآت النفطية بالجنوب العميد محمد خليفة، عن قراره وسمح بإعادة الإنتاج لساعات قليلة، قبل أن يجبر المدعو أحمد إبراهيم بن نايل، الذي قدم من سبها مع مجموعة مسلحة تابعة لمسعود الجدي السليماني تسمى (الكتيبة 116)، العاملين في الحقل على الإغلاق من جديد، مدعياً أن «لديه أوامر بتنفيذ ذلك». وتابع صنع الله: «تأكد للشعب الليبي وللمجتمع الدولي وبشكل يقيني أن من يقف وراء هذه الإغلاقات هي ميليشيات مسلحة، وعلى هذه المجموعات مراجعة تصرفاتها فوراً والسماح بإعادة الإنتاج فوراً دون أي قيد أو شرط»، متوعداً بـ«ملاحقة المتورطين محلياً ودولياَ».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».