وصول عسكريين أتراك إلى طرابلس للمشاركة في تفكيك الألغام

تحشيد متبادل في سرت... وصالح ينفي وجود «مرتزقة» روس في «الجيش الليبي»

خبراء ألغام أتراك في العاصمة الليبية (قوات الوفاق)
خبراء ألغام أتراك في العاصمة الليبية (قوات الوفاق)
TT

وصول عسكريين أتراك إلى طرابلس للمشاركة في تفكيك الألغام

خبراء ألغام أتراك في العاصمة الليبية (قوات الوفاق)
خبراء ألغام أتراك في العاصمة الليبية (قوات الوفاق)

وسط تصاعد حدة المواجهات بين «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات «الوفاق» التي يرأسها فائز السراج، في معارك بمحيط مدينة سرت، وصل خبراء عسكريون أتراك إلى العاصمة طرابلس للمشاركة في عملية تفكيك الألغام الأرضية بمحيط العاصمة طرابلس.
وتحدثت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة «الوفاق»، عن وصول من وصفتهم بخبراء من القوات المسلحة التركية إلى طرابلس، مشيرة إلى أنهم سيقدمون المساعدة في تفكيك الألغام التي تتهم «الوفاق» «الجيش الوطني» بزرعها في منازل المدنيين بمناطق جنوب العاصمة التي شهدت كثيراً من حوادث انفجار الألغام التي أودت بحياة بعض النازحين الذين عادوا إلى منازلهم، وعناصر من الهندسة العسكرية.
وأدرجت تقارير إعلامية لحكومة «الوفاق» وصول هؤلاء الخبراء «في إطار تنفيذ بنود مذكرة التفاهم الأمنية» المثيرة للجدل التي أبرمها السراج مع تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
وبدا أمس أن استعانة قوات «الوفاق» بالخبراء العسكريين الأتراك يتجاوز العاصمة، حيث قالت مصادر عسكرية بـ«الجيش الوطني» إن هؤلاء الخبراء الذين لم يتم تحديد عددهم أو رتبهم العسكرية «أشرفوا على عملية زرع قوات (الوفاق) لحقول ألغام في منطقة السدادة»، غرب مدينة سرت الاستراتيجية الساحلية في وسط البلاد.
وتزامن ذلك مع استمرار التحشيد العسكري المتبادل في سرت، إذ قالت غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابعة لحكومة «الوفاق»، إنه «استعداداً للمرحلة المقبلة، وتنفيذاً للخطة المرسومة لتحرير سرت، فإن جحافل القوات وأرتالها وتعزيزاتها الكبيرة من الدعم العسكري واللوجيستي تواصل وصولها إلى مشارف سرت، دعماً لعملية (دروب النصر) حتى السيطرة على كامل المنطقة، وتطهيرها من القوات الغازية ومرتزقتهم». وقال الناطق باسم الغرفة إن قواتها ما زالت تنتظر التعليمات لبدء عملية تحرير المدينة.
وفي غضون ذلك، نفى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي «وجود مرتزقة روس ضمن قوات الجيش الوطني»، لافتاً إلى أن الجيش «استعان فقط بخبراء في عمل لوجيستي وفني»، وقال إنه «إذا لم يلتزم الطرف الآخر بوقف إطلاق النار، فإن قوات الجيش جاهزة للقيام بعملها، ولن نستجدي أحداً، والشعب مستعد وجاهز للدفاع عن ليبيا، وليس للانتقام من أحد»، مضيفا: «عندما نحصل على ضمانات من المجتمع الدولي بأن دخل النفط سيذهب إلى مكان آمن، فستتم تسوية الأمور، نحن ليست لدينا مصلحة في استمرار غلق النفط»، نافياً وجود خلاف مع المشير حفتر في هذا الخصوص.
ويأتي ذلك فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي كبير، أول من أمس، أن الولايات المتحدة تحقق وتحاول التوصل إلى حقيقة التقارير التي تفيد بأن طائرة القائد حفتر كانت في العاصمة الفنزويلية كراكاس الأسبوع الماضي، في إطار محاولة لإبرام صفقة نفطية.
وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، إن «هذه المزاعم تثير القلق»، منوهاً بأن «عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة تسري على من يصدرون النفط الليبي خارج الإشراف القانوني للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط».
وفي شأن قريب، قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، إن «موقف الجامعة ثابت ولم يتغير، من رفض وإدانة التدخلات التركية، سواء في ليبيا أو سوريا أو العراق»، مشيراً إلى أن ذلك يستند إلى قرار مجلس وزراء الخارجية العرب، في الرابع من مارس (آذار) الماضي، بالقاهرة، الذي يرفض ويدين التدخل التركي في ليبيا، وجلب المقاتلين الإرهابيين إليها.
ومن جهة ثانية، اتهمت المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة الليبية «مجموعة مسلحة بالاستيلاء على حقل الشرارة النفطي، بجنوب البلاد، والعبث به على نحو يساهم في تدميره»، وقالت إن «الحالة الأمنية في حقل الشرارة تردت إلى حد خطير».
وأضافت إدارة المؤسسة الوطنية، في بيان لها أمس، أن «مجموعات مسلحة مقاتلة قادمة إلى حقل الشرارة من مدينة سبها، مساء الاثنين الماضي، أغلقت إنتاج الحقل بالقوة المسلحة، وهو لا يزال متوقفاً عن الإنتاج حتى الآن»، منوهة إلى أن هذه القوة تتبع الكتيبتين 116 و128، واللواء 12، بقيادة مسعود الجدي وأحمد إبراهيم بن نايل.
ولم يصدر أي تعليق من «الجيش الوطني» على عملية إغلاق الحقل الذي كان ينتج قبل إقفاله 315 ألف برميل يومياً، إلا أن المؤسسة قالت إن عدداً من أفراد هذه «الميليشيات المسلحة تسببوا في فوضى عارمة أدت لحدوث بعض المشاجرات المسلحة فيما بينهم».
وانتهت المؤسسة إلى أن «الهجوم المسلح على المنشآت النفطية، وإرهاب العاملين فيها، ومحاولة عسكرتها وتدميرها، تعد من الجرائم التي ترتقي لدرجة الخيانة العظمى، والتي لا تسقط بالتقادم، وسيظل مرتكبوها مطاردين من قبل القانون حتى يطالهم العقاب العادل».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.