مطالب أممية بالتحقيق في 8 مقابر جماعية بترهونة

TT

مطالب أممية بالتحقيق في 8 مقابر جماعية بترهونة

تصاعدت في ليبيا تداعيات العثور على ثماني مقابر جماعية، غالبيتها في مدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس)؛ حيث دعت البعثة الأممية والسفارة الأميركية لدى ليبيا إلى «تحقيق سريع وشفاف» في هذه الجريمة، وسط اتهامات وجهتها سلطات طرابلس إلى ميليشيا «الكانيات» وقوات «الجيش الوطني».
وسارعت حكومة «الوفاق» بالتحقيق في القضية؛ حيث أعلنت وزارة العدل تشكيل لجنة «تتمتع بصلاحيات وزارية واسعة، يشرف عليها النائب العام، تختص بفتح المقابر الجماعية والكشف عن رفات الموتى ومواقع إخفائهم، وحفظ الجثث المجهولة الهوية إلى حين التعرف إليها»، بينما تعهد وزير الداخلية، فتحي باشاغا، أيضاً، بأن القوات الأمنية «ستبحث في أمر هذه المقابر الجماعية للتعرف على هوية الجثث، وتسليمها لذويها، وتعقب الجناة».
وفور الكشف عن المقابر التي توزع بعضها بين صحراء ترهونة ومستشفاها العام ومقر الإدارة العامة للأمن المركزي بالمدينة، وبئر معطلة بمنطقة العواتة الواقعة بين ترهونة وسوق الخميس إمسيحل، عبرت البعثة الأممية عن قلقها الشديد بشأن «التقارير المروعة جداً عن اكتشاف ثماني مقابر جماعية على الأقل خلال الأيام الماضية، معظمها في ترهونة». وقالت إنه وفقاً للقانون الدولي فإنه «يتعين على السلطات إجراء تحقيق سريع وشفاف وفعال»، في التقارير حول ارتكاب حالات قتل خارج نطاق القانون.
وبينما جددت البعثة في بيان أصدرته مساء أول من أمس: «استعدادها لتقديم الدعم المطلوب إذا لزم الأمر»، رحبت «بقرار وزير العدل بـحكومة (الوفاق) تشكيل لجنة تحقيق»، ودعت أعضاء هذه اللجنة إلى «حماية مواقع المقابر الجماعية من العبث، والتعرف على الضحايا وأسباب الوفاة، وإعادة الجثامين إلى ذويهم».
ولم يصدر أي تعليق من «الجيش الوطني» حول العثور على هذه «المقابر الثماني». لكن مصدراً عسكرياً بالقوات المسلحة نفى لـ«الشرق الأوسط» أن تكون قوات الجيش أقدمت على ذلك، بقوله: «هذه الجرائم، إن صحت، فهي من أفعال الميليشيات والجماعات الإرهابية».
ودخلت السفارة الأميركية لدى ليبيا على خط الكشف عن هذه المقابر، وأبدت «انزعاجها ودعمها لجهود السلطات الليبية والكيانات الدولية، في التحقيق بشأن المقابر الجماعية المكتشفة». وشارك حساب السفارة عبر موقع «تويتر»، بيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشأن التقارير عن اكتشاف هذه المقابر الجماعية. وقال إن «الولايات المتحدة تشاطر رعب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتدعم الجهود الفورية التي تبذلها السلطات الليبية، والهيئات الدولية، للتحقيق في هذه الانتهاكات غير المقبولة، وتقديم الجناة إلى العدالة».
ومنذ الإعلان عن اكتشاف هذه المقابر، توافدت أعداد من المواطنين على «دار الرحمة» بالمركز الطبي في العاصمة طرابلس، في حالة من الأسى والترقب، انتظاراً للتعرف على جثث أبنائهم وذويهم، أو تسلم رفاتهم؛ لكن وزارة العدل بحكومة «الوفاق» قالت إن الأمر «سيستغرق وقتاً لحين انتهاء تحقيقات النيابة العامة في هذه الجرائم، بما يشمل جمع رفات الضحايا، والتعرف على ذويهم من خلال التحاليل الجينية».
وأظهرت مقاطع فيديو، بثتها عملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات «الوفاق»، عمليات الكشف وانتشال عشرات الجثث لأشخاص، بعضهم مكبل اليدين، وبينهم أطفال، من مواقع بصحراء ترهونة. كما أظهرت صور انتشال خمسة جثامين متحللة من بئر على عمق نحو 45 متراً بمنطقة العواتة الواقعة بين ترهونة وسوق الخميس إمسيحل.
وكان باشاغا قد قال إن فرق «اللجنة المشتركة» لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان «تابعت استخراج عشرات الجثث من عدد من المقابر الجماعية، وأحد الآبار المهجورة» في ترهونة ومحيطها، بعد تحريرها من ميليشيات «الكانيات» التي كانت تختطفها. إضافة إلى العثور على أكثر من 100 جثة وجدت بمستشفى ترهونة العام، وحاوية حديدية محاطة بالدماء في قصر بن غشير، أُحرق جميع من فيها من معتقلين. كما أعلن عن العثور على مقبرة أخرى تضم رفات ثلاث ضحايا بمقر الإدارة العامة للأمن المركزي لمدينة ترهونة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».