عمليات التجميل في لبنان تشهد تراجعاً بنسبة 90 %

الأزمة المالية وغياب السياح العرب من الأسباب

نجوم الفن أكثر مَن يتردد على عيادات التجميل في لبنان
نجوم الفن أكثر مَن يتردد على عيادات التجميل في لبنان
TT

عمليات التجميل في لبنان تشهد تراجعاً بنسبة 90 %

نجوم الفن أكثر مَن يتردد على عيادات التجميل في لبنان
نجوم الفن أكثر مَن يتردد على عيادات التجميل في لبنان

استغل بعض النساء اللبنانيات فرصة الحجر المنزلي لإجراء عمليات تجميل تتطلب منهن الابتعاد عن أعين الآخرين لفترة من الوقت. فقد لوحظ لجوء عدد منهن إلى عيادات الأطباء للخضوع لعملية شفط الدهون أو شد الوجه وتجميل العينين.
ساميا رأت الفرصة مواتية لإجراء عملية تجميل، وقالت عن التجربة: «لقد قمت بعملية تجميل لعيني، بعد أن طلب مني طبيبي ضرورة الخضوع لها بسبب ترهل جلد جفوني، ما كان يعيق حركتها بسهولة. ووجدت في فترة الحجر المنزلي خلال جائحة (كورونا) الوقت المناسب للقيام بذلك. فالزُرقة والورم اللذان ينتجان عادة عن هذا النوع من عمليات التجميل عشته بعيداً عن أعين الناس وعن زملائي في العمل».
وما تقوله ساميا يصح على كثيرات غيرها أقدمن على عمليات تجميل من نوع آخر، وفي مقدمتها شفط الدهون. «أجريت هذه العملية وأمضيت نحو 14 يوماً في المنزل من دون لفت أنظار أحد. فبحجة الوباء والبعد الاجتماعي نجحت في الابتعاد من دون الحاجة إلى تفسيرات وتوضيحات، كنت أخضع لها من قبل جيراني لو أجريت العملية قبل (كورونا)».
ولكن يبدو أن هذه النماذج من النساء لا تشكّل نسبة عالية من مجموع الزبائن (رجالاً ونساء) الذين يقصدون العيادات والمستشفيات لإجراء عمليات التجميل حالياً.
ويعلِّق جراح التجميل دكتور إيلي عبد الحق في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ليس صحيحاً أن فترة الجائحة شهدت نسبة مرتفعة من عمليات التجميل التي تجريها عادة النساء. فالأزمة الاقتصادية التي يئن تحتها لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) الفائت انعكست سلباً على جيب المواطن بشكل عام. فصارت قلة من النساء تستطيع القيام بهذه العمليات في ظل شح مادي يعانين منه. وفي فترة «كورونا» تفاقمت الأزمة إلى حد كبير؛ لا سيما أن العملة الصعبة أصبحت نادرة بعد تدهور سعر صرف الليرة بشكل قياسي أمامها».
ويتابع دكتور عبد الحق: «كانت تسعيرة عمليات التجميل في الماضي القريب نحددها بالدولار. اليوم ومع عدم توفره في المصارف صرنا نسعر كلفة تلك العمليات بما يساويه الدولار بالليرة اللبنانية. وأقل عملية تجميل صارت تحسب بالملايين، وهي مبالغ غير متوفرة مع شريحة كبيرة من اللبنانيين».
وكانت عمليات التجميل في لبنان تشكِّل في السنوات الماضية سياحة خدماتية من نوع آخر. فشهرة أطباء التجميل اللبنانيين التي وصلت الشرق والغرب شجعت النساء في الخليج العربي والأردن وسوريا، على اختيار عيادات ومستشفيات لبنانية للقيام بهذا النوع من العمليات الجراحية. ولكن ومع انتشار الجائحة وإقفال المطارات في غالبية البلدان، أصيب هذا القطاع الطبي بالشلل.
وتروج عمليات تجميل كثيرة في لبنان التي تطال الرجال والنساء معاً، وتتصدرها عمليات شد الوجه والرقبة، وشفط الدهون، وتجميل العينين.
ويقول طبيب التجميل دكتور أنطوان عيد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أجرِ عمليات تجميل خلال الجائحة من موقع مسؤوليتي في تطبيق سياسة البعد الاجتماعي في زمن الوباء». ويتابع: «يمكن القول إننا عدنا إلى ممارسة عملنا على طبيعته منذ نحو الشهر. وفي استطاعتي تأكيد أن عمليات التجميل تراجعت في لبنان بنسبة 90 في المائة. فالنساء القادرات على دفع كلفتها عددهن قليل، في ظل فرض قيود قاسية على السحوبات المالية من المصارف».
ويرى دكتور عيد أن اتكال الأطباء على الزبائن من خارج لبنان وبخاصة من الخليج العربي لم يعد متاحاً بتاتاً اليوم في زمن «كورونا» وإقفال المطارات. ويعلِّق: «المشكلة الرئيسية اليوم هي مالية بامتياز، ولو أن لبنان لم يشهد هذا الانهيار الاقتصادي لكنا استطعنا تجاوز فترة (كورونا) بأقل خسارة ممكنة». ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «فترة الحجر المنزلي سمحت لبعضهن بإجراء عمليات تجميل مستفيدات من بقائهن في بيوتهن. ولكن حتى في حال فتحت المطارات أبوابها ورغب بعض المغتربين أو السياح العرب في الاستفادة من وجودهم في لبنان لإجراء عملية تجميل معينة، فإن الأمر أصبح غير وارد». ويشرح: «ففترة الحجر المنزلي تتألف من 14 يوماً بعد رحلة السفر. وفترة النقاهة ما بعد العملية تستغرق الوقت نفسه. وفي ظل هذه المعادلة يصبح من غير الممكن أن يمضي المغترب أو السائح العربي وقت عطلته محجوراً عليه كل هذه الفترة، ولذلك يستبعد انتعاش هذا القطاع قريباً. فوحده اكتشاف لقاح ضد فيروس (كورونا) يمكنه أن يحركه من جديد».
أما أساليب التجميل عن طريق الحقن فهي لا تزال رائجة في لبنان، ولم تتأثر كثيراً بالجائحة ولا بالتدهور الاقتصادي الذي يعاني منه اللبناني. فأسعار حقن «البوتكس» كما «الفيلر» لا تزال مقبولة، وتتراوح مبالغها بين 200 و500 دولار مقابل العمليات الجراحية التي تكلِّف الأضعاف.
ومن يتابع إطلالات نجوم الفن من رجال ونساء على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، فلا بد من أن يلفته محافظة هؤلاء على طلتهم الجميلة وكأنهم خرجوا للتو من عيادة تجميل. ويوضح دكتور روي مطران، اختصاصي أمراض الجلد وحقن التجميل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نجوم الفن بسبب وجودهم تحت الضوء دائماً عليهم أن يكونوا بكامل لياقتهم وجمالهم بشكل دائم. ولذلك هم يترددون على عيادات أطباء التجميل أكثر من غيرهم». ويتابع: «فالتجميل لا يقتصر على العمليات الجراحية؛ بل أحياناً كثيرة يمكننا أن نستغني عن هذه الأخيرة بواسطة حقن (الفيلر) و(البوتكس) وما إلى هنالك من تقنيات. وعادة لا يتطلب هذا الأمر التوجه إلى العيادات أكثر من مرة في العام الواحد. هذا الأمر تحدده مدى حاجة الزبون لتحسين ملامح وجهه أو رقبته ويديه».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».