اختبار أدوية مضادة للالتهابات والسرطان كعلاجات محتملة لـ«كوفيد ـ 19»

«إتش آي في» يزيد مخاطر الوفاة بالفيروس

اختبار أدوية مضادة للالتهابات والسرطان كعلاجات محتملة لـ«كوفيد ـ 19»
TT

اختبار أدوية مضادة للالتهابات والسرطان كعلاجات محتملة لـ«كوفيد ـ 19»

اختبار أدوية مضادة للالتهابات والسرطان كعلاجات محتملة لـ«كوفيد ـ 19»

بدأ في بريطانيا اختبار أدوية مضادة للالتهابات والسرطان كعلاجات محتملة لـ«كوفيد- 19»، بينما أظهر بحث في جنوب أفريقيا أن فيروس «إتش آي في» يزيد مخاطر الوفاة بفيروس «كورونا».
وأعلنت جامعتا «برمنغهام» و«أكسفورد» أمس (الأربعاء) أن اختبارات تُجرى على أدوية تُستخدم في علاج الالتهابات والسرطان، كعلاج مُحتمل لمرضى «كوفيد- 19».
وبحسب ما نقلت «رويترز»، فإن من المعتقد أن الحالات الحادة من مرض «كوفيد- 19» الناتج عن الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد، يتسبب فيها إفراط في رد الفعل من جانب جهاز المناعة، يُعرف باسم «عاصفة سيتوكين»، ويتحرى الباحثون عما إذا كان من الممكن أن تلعب الأدوية التي تكبح عناصر معينة في جهاز المناعة دوراً في وقف التصاعد السريع في الأعراض.
وأول دواء من بين أربعة أدوية مرشحة للاستخدام، هو عقار «ناميلوماب» من إنتاج شركة «إيزانا بيوساينسز»، وهو عبارة عن جسم مضاد وحيد النسيلة، دخل بالفعل مرحلة التجارب الأخيرة على علاج التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض يسمى التهاب الفقار الروماتويدي. وهو يستهدف عامل «السيتوكين» المسمى «جي إم- سي إس إف» المعتقد أنه محفز رئيسي، في المستويات التي لا تخضع للسيطرة، للالتهاب المفرط في الرئتين الذي لوحظ في مرضى «كوفيد- 19».
ويجري اختبار هذا الدواء في إيطاليا كعلاج لـ«كوفيد- 19».
أما الدواء الآخر فهو «إنفليكسيماب» (سي تي- بي 13) الذي طورته شركة «سيلتريون هيلثكير» البريطانية، وهو علاج مضاد لما يسمى عامل نخر الورم، بما في ذلك التهاب المفاصل الروماتويدي، ومتلازمة القولون العصبي.
وقال بن فيشر، المشارك في التجارب السريرية من جامعة برمنغهام: «تبين أدلة بدأت تظهر دوراً حيوياً للأدوية المضادة للالتهابات في (عاصفة السيتوكين) المرتبطة بالعدوى الشديدة بـ(كوفيد- 19)».
إلى ذلك، أظهر تحليل لبيانات صادرة في جنوب أفريقيا، أن الأشخاص الذين يحملون فيروس نقص المناعة البشرية «إتش آي في» المسبب لمرض «الإيدز»، من المحتمل وفاتهم إذا أصيبوا بفيروس «كورونا» المستجد، أكثر ثلاث مرات تقريباً من هؤلاء الذين لا يحملون الفيروس، بغض النظر عما إذا كانوا يتناولون عقاقير مضادة لـ«الإيدز»، طبقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء أمس (الأربعاء).
وتم التوصل إلى تلك النتائج من قبل إدارة الصحة في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، التي تشرف على الخدمات الطبية بالمدينة التي شهدت تسجيل حوالي ثلثي الإصابات المؤكدة بفيروس «كورونا» المستجد في جنوب أفريقيا، وعددها حوالي 53 ألفاً، طبقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
ودرست الإدارة حوالي 13 ألف حالة، من بينها 435 حالة وفاة، لكي تتوصل إلى ما تقول إنه أول تحليل يربط بين «إتش آي في» و«كوفيد- 19».
ومع ذلك، فإن تأثير «إتش آي في» على معدل الوفيات أقل مما يتوقع، وأقل بكثير من تأثير أمراض أخرى، مثل السكر، على الرغم من أنه أعلى من مرض السل، طبقاً للإدارة في تقرير لها. ولدى جنوب أفريقيا أكبر وباء لـ«إتش آي في» في العالم.
وتحدثت نيابة عن إدارة الصحة ماري آن دافيس، مديرة مركز مكافحة الأمراض الوبائية المعدية والأبحاث في جامعة «كيب تاون»: «لقد تمكنَّا من تحديد تأثير (إتش آي في) والسل الذي حتى الآن لم نكن نعرفه، وربما كنا نتوقع أن يكون التأثير كبيراً للغاية». وأضافت: «في الواقع، ما نراه حقاً هو تأثير متواضع إلى حد ما».
يذكر أن هناك حوالي 7.8 مليون شخص في جنوب أفريقيا مصابون بـ«إتش آي في»، بينما يعاني حوالي 300 ألف من مرض السل.
وتبين أن أي شخص يحمل فيروس «إتش آي في» ربما يموت بمعدل أعلى 2.75 مرة، عندما يصاب بفيروس «كورونا» عن أي شخص لا يحمل الفيروس، طبقاً لما ذكره تقرير إدارة الصحة.
أما بالنسبة لشخص يعاني من السل، فنسبة وفاته بفيروس «كورونا» أعلى 2.85 مرة، بينما الشخص الذي تعافى من السل الذي يسبب ضرراً مستمراً للرئة فنسبة وفاته بـ«كورونا» أعلى 1.41 مرة.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟