مخاوف علمية من إنتاج لقاح لـ«كورونا» قبل إتمام التجارب السريرية

باحثون يخشون من تكرار تجربة التشكيك في «هيدروكسي كلوروكين»

مخاوف من سعي شركات إلى انتاج لقاح لـ {كورونا} المستجد قبل التأكد التام من فاعليته (رويترز)
مخاوف من سعي شركات إلى انتاج لقاح لـ {كورونا} المستجد قبل التأكد التام من فاعليته (رويترز)
TT

مخاوف علمية من إنتاج لقاح لـ«كورونا» قبل إتمام التجارب السريرية

مخاوف من سعي شركات إلى انتاج لقاح لـ {كورونا} المستجد قبل التأكد التام من فاعليته (رويترز)
مخاوف من سعي شركات إلى انتاج لقاح لـ {كورونا} المستجد قبل التأكد التام من فاعليته (رويترز)

لم تتجاوز الشركات العاملة على لقاح فيروس «كورونا المستجد» المسبب لمرض (كوفيد - 19)، مرحلة التجارب السريرية الثلاث، التي يتعين الانتهاء منها قبل التصريح بالإنتاج والتوزيع، وأعلنت البدء في الإنتاج مع ظهور نتائج مبشرة في المرحلة الأولى، وذلك بغية أن تكون جاهزة بكميات كبيرة من اللقاحات مع انتهاء تلك التجارب، وهو ما يثير مخاوفاً علمية من هذا الإجراء غير المعتاد.
وقبل أيام، أعلنت شركة الأدوية متعددة الجنسيات «أسترازينيكا»، العاملة على إنتاج اللقاح الذي يعده الفريق البحثي بجامعة أكسفورد البريطانية، أنها بصدد البدء في إنتاجه، كما أعلنت شركة «سينوفاك» الصينية في 5 مايو (أيار) الماضي أنها تستعد لإنتاج 100 مليون جرعة من لقاح يعمل عليه باحثوها، وأعلنت شركة «موديرنا» الأمريكية إنتاج الدفعات الأولى من لقاح ثالث في يوليو (تموز) المقبل، بهدف الوصول إلى مليار جرعة من اللقاح.
وتستغرق عملية إقرار اللقاحات تمهيداً لإنتاجها 11 عاما في الظروف الطبيعية، غير أن هذه الشركات استفادت من إمكانية اختصار الفترة الفاصلة بين التجارب السريرية الثلاث في وقت الطوارئ والأزمات، كما حصل بعضها على تصاريح بإجراء تجربتين في تجربة واحدة.
وتطمئن التجربة السريرية الأولى التي تجرى على عدد محدود من المرضى على سلامة اللقاح، وتحدد حجم الجرعة المناسبة، وتجرى المرحلة الثانية على عدد أكبر من المرضى وهدفها بيان كفاءة اللقاح، أي معرفة هل الجرعة الواحدة كافية أم نحتاج لجرعات أخرى، وكم هي الفترة الزمنية الفاصلة بين الجرعات، وهل توجد آثار جانبية، وتجمع المرحلة الثالثة من التجارب التي تجرى على عدد أكبر من مرضى المرحلة السابقة بين اختبارات السلامة والفاعلية.
ولقاح شركة «أسترازينيكا» هو الوحيد في سباق اللقاحات الذي يجمع حاليا بين تجارب المرحلة الثانية والثالثة، بينما يجمع لقاح شركة «سينوفاك» الصينية بين المرحلتين الأولى والثانية، ويوجد لقاح شركة «موديرنا» الأمريكية حاليا في المرحلة الثانية من التجارب.
وقبل ظهور نتيجة هذه المرحلة من التجارب التي اختصرت بها شركة «أسترازينيكا» الزمن، قال رئيس الشركة، باسكال سوريوت، لشبكة «بي بي سي» في 5 يونيو (حزيران) الجاري، إنه «يتعين عليهم البدء في الإنتاج من الآن حتى يمكنهم تلبية الطلب حال ثبوت فاعلية اللقاح».
هذه المجازفة المالية التي تعني أن كل شيء سيضيع هباء إذا لم يُظهر اللقاح فاعلية، تدفع باحثين إلى التخوف، من احتمالية نشر نتائج لهذه التجارب السريرية مخالفة للحقيقة، لإظهار فاعلية غير موجودة في اللقاحات، لا سيما أنه لا يوجد ضمان لقدرة لقاحات تجاوزت مرحلة التجارب المعملية والمرحلة الأولى من التجارب السريرية، على المضي قدما نحو إجازتها، إذ ربما تفشل في المرحلة الثانية أو الثالثة.
ويقول الدكتور محمود شحاتة، الباحث في قسم الفيروسات بالمركز القومي للبحوث في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: « ما زال احتمال الفشل قائما، فهناك لقاحات يمكن أن تنجح معمليا ثم تفشل في أول تجربة سريرية، وهناك لقاحات تنجح في المرحلة الأولى من التجارب السريرية، وتفشل في تجاوز باقي المراحل».
ويضيف «عملية إنتاج اللقاحات تظل عملية ليست سهلة، بدليل أن العالم لم يتمكن حتى الآن من إنتاج لقاح لفيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز، بالرغم من اكتشاف المرض منذ أكثر من 30 عاما».
وفي أبريل (نيسان) من عام 1984، قدمت وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية آنذاك مارغريت هيكلر، بيانا متفائلا في أحد المؤتمرات الصحافية بشأن إنتاج لقاح للإيدز يكون جاهزا للاختبار خلال عامين، استنادا إلى محادثة مع الدكتور روبرت غالو وهو واحد ممن شاركوا في اكتشاف الفيروس، غير أنه بعد مرور أكثر من 30 عاما، لا يوجد لقاح مرخص للفيروس حتى الآن.
تخوف آخر يشير إليه الدكتور محمد سمير، أستاذ الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري جامعة الزقازيق (شمال شرق القاهرة)، والباحث السابق بمعهد هلمهولتز لأبحاث الأمراض المعدية بألمانيا، ويعلق أن عملية تسريع الإنتاج قد يكون هدفها الاستفادة من الاهتمام العالمي بالفيروس، قبل انحساره، حتى لا تتكرر تجربة متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس).
وتحول سارس إلى تهديد عالمي في مارس (آذار) من عام 2003، ورغم مرور 17 عاما على هذا التاريخ، لم ينتج العالم أي لقاح له، حيث توقفت جهود إنتاج لقاحات سارس، بعد أن فقد العالم الاهتمام بالمرض بسبب انحساره.
ومن المخاوف الأخرى التي يشير إليها الدكتور سمير، تلك التي تتعلق بأن «ضغط الوقت والرغبة في إظهار نتائج إيجابية لتجنب الشركة خسائر الإنتاج قبل التأكد التام من فاعلية اللقاح، قد يؤدي إلى نتائج متسرعة أو غير دقيقة، اعتمادا على أن حالة الطوارئ تدفع الدوريات العلمية إلى سرعة النشر، دون التأكد التام من الدقة العلمية».
ووقعت مؤخرا دوريتان مهمتان في هذا الخطأ، وهما دورية «ذي لانسيت» و«نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين»، حيث تورطتا في نشر أبحاث شككت في دواء «هيدروكسي كلوروكين»، واضطرتا لسحب الدراستين، بعد أن تبين عدم دقة بياناتهما.
ويقول الدكتور سمير: «لا بد من وجود ضمانات لعدم تكرار مثل هذه الأخطاء التي قد يترتب عليها الموافقة على توزيع اللقاح، ومنها تحقق المعايير المطلوبة في التجارب السريرية، مثل أن يكون هناك تنوع في العمر والحالة الصحية ومكان الإقامة بالنسبة للمشاركين في التجارب».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.