وزير الخارجية العراقي الجديد يباشر مهامه بلقاء السفير الأميركي

حسين أكد إتمام الاستعدادات للحوار الاستراتيجي مع واشنطن

وزير الخارجية العراقي الجديد فؤاد حسين لدى مشاركته في أحد الاجتماعات بعد تسلمه مهامه رسمياً أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية العراقي الجديد فؤاد حسين لدى مشاركته في أحد الاجتماعات بعد تسلمه مهامه رسمياً أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية العراقي الجديد يباشر مهامه بلقاء السفير الأميركي

وزير الخارجية العراقي الجديد فؤاد حسين لدى مشاركته في أحد الاجتماعات بعد تسلمه مهامه رسمياً أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية العراقي الجديد فؤاد حسين لدى مشاركته في أحد الاجتماعات بعد تسلمه مهامه رسمياً أول من أمس (أ.ف.ب)

في أول يوم عمل له، أمس، أبلغ وزير الخارجية الجديد فؤاد حسين، وهو كردي عمل في حكومة عادل عبد المهدي وزيراً للمالية وهو الوزير الوحيد الذي أعيد استيزاره وسط خلاف حاد استمر شهراً، السفير الأميركي ماثيو تولر بأن بغداد جاهزة للحوار الاستراتيجي المرتقب مع واشنطن.
لكن جهوزية بغداد بدت مبالغاً فيها في ظل انقسام عراقي على الحوار؛ يبدأ من أسماء الوفد المفاوض؛ بمن فيهم حسين نفسه، وينتهي إلى جدول الأعمال الذي تريد كل المكونات والأحزاب والأطراف والفصائل معرفته مسبقاً حتى تعطي رأيها فيه أو موافقتها عليه.
رسمياً؛ وطبقاً للبيان الصادر عن وزارة الخارجية العراقية، فإن السفير الأميركي أعرب للوزير العراقي عن «تطلعه لأن تشهد العلاقات الثنائيّة بين البلدين ارتقاءً نوعياً وبما يحقق مصالح الشعبين الصديقين». حسين، من جانبه، أكد على «عمق العلاقات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن، وأهمّية تفعيل سُبُل التعاون الثنائي؛ وُصُولاً إلى تحقيق مصالح كلا البلدين الصديقين». وأعرب الوزير عن «شُرُوع الوزارة في إكمال الاستعدادات لخوض جولة الحوار الاستراتيجي مع أميركا»، عادا أنّه يُمثل محطة مُهمّة من شأنها تأطير الأولويّات لدى بغداد وواشنطن، مُشدّداً على ضرورة الاستمرار بالتطوير الإيجابي لمُختلِف أوجه التعاون الثنائي المُتميّز.
اللغة التي تضمنها بيان الخارجية، والتي وردت فيها عبارة «البلدين الصديقين» مرتين وكذلك «العلاقات الاستراتيجية» إنما هي موضع خلاف حاد بين الأطراف العراقية. ففيما يؤيد العرب السنة والكرد توصيف العلاقات بين بغداد وواشنطن بأنها علاقات صداقة واستراتيجية؛ فإن الأطراف الشيعية لا تشاطرهم هذه الرؤية. فبعض القوى الشيعية تؤيد إقامة علاقات جيدة مع الأميركيين، لكن أطرافاً أخرى تشترط انسحاب القوات الأميركية أو جدولة وجودها لإقامة علاقات الصداقة، في حين ترفض الفصائل المسلحة المقربة من إيران إقامة أي نوع من العلاقات مع الأميركيين.
هذا التناقض في المواقف هو الذي يهيمن الآن على الجو السياسي العراقي في وقت لم يبقَ لبدء جولات الحوار الموصوف بـ«الاستراتيجي» بين البلدين، سوى يومين.
وفيما يعترض محمد الكربولي، النائب عن «تحالف القوى العراقية» بزعامة محمد الحلبوسي، على غياب السنة من وفد التفاوض مع الأميركيين، فإن كثيراً من القوى الشيعية تبدو مشكلتها مع أسماء الوفد المفاوض. فهذه الأسماء إما غائبة ويتعين على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الكشف عنها (كشف عن 6 من 21 عضواً مفاوضاً)، وإما أن كثيراً من أعضائها يحملون جنسيات أجنبية بصرف النظر عن أنهم شيعة لجهة الانتماء المذهبي مثلما ترى أطراف شيعية أخرى.
الكربولي، في تصريح له لـ«الشرق الأوسط، يقول إن «المسألة بالنسبة لنا هي ليست في مضمون المباحثات أو موقفنا منها وما الأولويات؛ بقدر ما هو واضح من تهميش وإقصاء للمكون السني في قضية مهمة مثل هذه القضية المختلف عليها بين مختلف الأطراف العراقية». الكربولي يضيف أن «من غير المنطقي ألا يكون ضمن وفد الكاظمي التفاوضي أي سنّي وليس فقط أي ممثل للسنة في وفد المفاوضات». وأوضح الكربولي أن «شركاء الوطن مصرون على إقصائنا من القرار السياسي وضمنه الحوار الاستراتيجي»، عادّاً أن «من الخطأ اعتماد دبلوماسية تفضيل المصلحة الفئوية على المصلحة الوطنية العليا».
إلى ذلك، أكد عميد كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور خالد عبد الإله، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاختلاف في وجهات النظر بشأن الحوار الاستراتيجي الجديد بين العراق والولايات المتحدة الأميركية أو مديات هذا الحوار، هو شيء طبيعي ومتجذر بين قوى سياسية رافضة وقوى سياسية متحفظة وقوى أخرى راغبة بقوة في أن يكون هناك بحث لنوع من العلاقة الجديدة القائمة على الشراكة الحقيقية والتي قد تتحول إلى نوع من التحالف الاستراتيجي». ويضيف عبد الإله: «هنا نتحدث عن مكونات عراقية ثلاثة هي الشيعة الذين يريدون علاقة جديدة لا يكون فيها وجود أميركي واضح في العراق في إطار الشق العسكري والأمني، ومن الواضح أن هناك تأثيرات إيرانية واضحة على مواقف هذه القوى». وتابع أن «القوى الأخرى هي القوى السنية التي هي الأخرى منقسمة بين قوى مرتبطة بعلاقات مع قوى شيعية رافضة للوجود الأميركي، وبين قوى سياسية تريد أن يكون هناك بحث لعلاقة جديدة قائمة على أساس أن تكون هناك مصالح متبادلة تؤدي إلى شراكة استراتيجية حقيقية». وبشأن موقف القوى الثالثة؛ وهي الكردية، يقول عبد الإله إن «الكرد هم الطرف الأقوى في هذه المعادلة، والتي تمثلت في زيارة السفير الأميركي في بغداد تولر إلى إقليم كردستان ودعوة الإقليم في أن يكون جزءاً من الوفد التفاوضي، وهو أن يضع نقطة معادلة جديدة في سياق هذا الحوار». وبين عبد الإله أن «بحث العلاقة الجديدة بين العراق والولايات المتحدة سوف تشوبه إشكالات عدة ومواقف متباينة، وبالتالي هناك أمور قد يصعب الحكم عليها مسبقاً؛ حيث هناك أطراف تشترك في إخراج الأميركان من دون قيد أو شرط، وهناك أطراف شككت حتى بالوفد المفاوض، وهو ما يعني أن هناك تناقضاً في المواقف حتى حيال مفهوم المصلحة الوطنية العليا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.