السياحة في زمن «كورونا» وما بعده: هل من أمل لعودة النشاط؟

فتاة على متن قارب متجه إلى جزيرة مايوت الفرنسية في المحيط الهندي (أ.ف.ب)
فتاة على متن قارب متجه إلى جزيرة مايوت الفرنسية في المحيط الهندي (أ.ف.ب)
TT

السياحة في زمن «كورونا» وما بعده: هل من أمل لعودة النشاط؟

فتاة على متن قارب متجه إلى جزيرة مايوت الفرنسية في المحيط الهندي (أ.ف.ب)
فتاة على متن قارب متجه إلى جزيرة مايوت الفرنسية في المحيط الهندي (أ.ف.ب)

من الممكن أن تصل تداعيات صدمة ركود قطاع السياحة، الذي يمثل 10 في المائة من الاقتصاد العالمي، إلى أقصى أركان العالم.
ففي كل مرة يقوم فيها أي شخص برحلة، يكون لهذه الرحلة تأثير تعاقبي يتعلق بالاستهلاك، وتحديداً بشركات الطيران، والفنادق، والمطاعم، وسائقي سيارات الأجرة، والعاملين في الحرف اليدوية، والمرشدين السياحيين، وأصحاب المحال وغيرهم.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء في تقرير لها عن تداعيات جائحة «كورونا» على السياحة أن هذا القطاع يعمل فيه 300 مليون شخص؛ خصوصاً في الدول النامية، ويمكن أن تمثل فرص العمل هذه مخرجاً من الفقر وفرصاً للحفاظ على التراث الثقافي.
وقد أصبح ثلث فرص العمل المرتبطة بالسياحة في خطر، فشركات الطيران في أنحاء العالم تقول إنها في حاجة إلى نحو 200 مليار دولار لإنقاذها، كما أن انخفاض نفقات السفر على المستويين العادي والفاخر يعرّض للخطر قطاع السياحة الذي تقدر حصيلة نشاطه بمبلغ 1.7 تريليون دولار.
ورغم أن طلبات السفر الداخلي تختلف من دولة لأخرى، وداخل كل دولة، فإن هناك حقيقة ثابتة بشكل عام تتعلق بالتعافي، وهي أن قطاع السياحة العالمية سيكون ضمن آخر القطاعات التي سوف تتعافى، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.
وهناك أسئلة تؤثر على الجميع، مثل: ما الصورة التي ستكون عليها السياحة في المستقبل القريب؟ وكيف ستتحسن؟ وتعتمد الإجابة عن هذه الأسئلة على ما إذا كان قطاع السياحة سيعود إلى نشاطه أم أن الوضع سيبقى على ما هو عليه.
ووفقاً للأرقام، هناك انخفاض متوقع في إيرادات شركات الطيران للعام 2020، يصل إلى 314 مليار دولار. وذكرت إدارة أمن النقل الأميركية أن متوسط عدد المسافرين الذين وجدوا في المطارات الأميركية خلال شهر أبريل (نيسان) يومياً، بلغ 100 ألف شخص، بانخفاض نسبته 96 في المائة عن العام الماضي.
ومن المتوقع أن يؤجل 68 في المائة من الأشخاص سفرهم جواً حتى بعد انتهاء جائحة «كورونا».
وتشير «بلومبرغ» إلى أنه قد لا نعرف متى سيكون السفر دولياً آمناً، أو متى ستبدأ الدول إلغاء قيود السفر. والذي نعرفه بالتأكيد هو أن السفر سيكون مختلفاً في الأساس عما كان عليه قبل تفشي الوباء العالمي.
ومن المؤكد أن شركات الطيران، والمطارات، وشركات البواخر السياحية، والفنادق ستحتاج إلى وضع قواعد جديدة بشأن التباعد الاجتماعي، والتنظيف، وخدمة تقديم الطعام ، وضرورة الالتزام بهذه القواعد.
فالشفافية، التي لم يكن هناك اهتمام كبير بها في قطاع السياحة - وثائق التأمين على السفر غير الفعالة على سبيل المثال - ستصبح أساسية. كما أن على شركات السياحة تغيير أسعارها لتتوافق مع انخفاض عدد المسافرين على رحلاتها، ما سيجعل تكلفة قضاء أي إجازة صيفية باهظة للغاية، هذا إن كانت هناك إجازة أساساً.
وما سيزيد تكاليف بعض الإجازات أيضاً فرض بعض الدول رسوماً إضافية على القادمين لزيارتها. فقد أعلنت نيوزيلندا أنها بدءا من أكتوبر (تشرين الأول)، ستفرض على السائحين ضريبة بقيمة 35 دولاراً نيوزيلندياً (23 دولاراً أميركياً) عند الوصول إلى البلاد. وتعتزم البلاد إنفاق 80 مليون دولار نيوزيلندي يتم جمعها سنوياً، على البيئة والاستثمارات في البنية التحتية القادرة على مواجهة أعداد الزوار المتزايدة في المستقبل.
وتقول «بلومبرغ» إن الأمل يكمن في التفكير فى الأشخاص الأكثر ثراءً لتحسين مصير مستقبل السفر غير الضروري، فهم يستطيعون التغلب على صعاب ما بعد انتهاء جائحة «كورونا»، سواء عن طريق الطيران الخاص أو شغل حجرات فندق بأكمله.
والحلول التي تستطيع أموالهم توفيرها قد تكون قابلة للتوسع، رغم أنه حتى الأشخاص الأكثر ثراءً سوف يكتفون بالسياحة الداخلية في المدى القريب.
واختتمت «بلومبرغ» تقريرها بأنه حتى تتغير هذه الأمور، يمكننا أن نعيش جميعاً في أحلام اليقظة. ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة التابعة لوزارة الصحة الأميركية، يمكن لمجرد التخطيط لرحلة مستقبلية أن يثير متعة كبيرة للغاية.


مقالات ذات صلة

تناول الحبوب المنومة قد يمنع دماغك من «تنظيف» نفسه (دراسة)

صحتك الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)

تناول الحبوب المنومة قد يمنع دماغك من «تنظيف» نفسه (دراسة)

أكدت دراسة جديدة أن تناول الحبوب المنومة قد يعوق عمل الجهاز الغليمفاوي الذي يطرد السموم المتراكمة في الدماغ أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان تقلل من فرص الوفاة إلى النصف (رويترز)

ممارسة الرياضة ساعة أسبوعياً قبل الإصابة بالسرطان تقلل فرص الوفاة للنصف

أكدت دراسة جديدة أن ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان يمكن أن تقلل من فرص الوفاة إلى النصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أكواب تحتوي على مخفوق الحليب بنكهات متعددة (أ.ب)

دراسة: كوب من الحليب يومياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء

كشفت دراسة حديثة عن أن كوباً واحداً من الحليب يومياً يقلل من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنحو الخُمس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.