الباريسيون يستعيدون حياتهم بفنجان قهوة

المقاهي تفتح أبوابها مع احترام التباعد

يعتبر الباريسيون المقاهي حجرة المعيشة الثانية لهم (إ.ب.أ)
يعتبر الباريسيون المقاهي حجرة المعيشة الثانية لهم (إ.ب.أ)
TT

الباريسيون يستعيدون حياتهم بفنجان قهوة

يعتبر الباريسيون المقاهي حجرة المعيشة الثانية لهم (إ.ب.أ)
يعتبر الباريسيون المقاهي حجرة المعيشة الثانية لهم (إ.ب.أ)

لا شيء خلال فترة الإغلاق العام التي دامت أحد عشر أسبوعا حتى الآن جراء تفشي فيروس «كورونا» استطاع أن يحل محل الطقوس المعتادة مثل طاولة في الشمس تحمل قدحا صغيرا من القهوة الغامقة.
الثلاثاء الماضي، أعاد الباريسيون اكتشاف لحظاتهم الاجتماعية المفضلة بأن اجتمعوا معاً وإن بقوا منفصلين بعد أن سمحت السلطات بإعادة فتح المقاهي في جميع أنحاء فرنسا، وهو ما حدث في العديد من دول العالم مع المحافظة على مسافة آمنة.
في باريس، التي لا تزال مصنفة رسمياً منطقة خطر فيروسي، لم يُسمح للمقاهي بتقديم خدماتها داخليا ولم يسمح بوضع قدح صغير من القهوة على طاولة. وفي الأماكن الخارجية التي تم فتحها، بات من الضروري مراعاة التباعد لثلاثة أقدام بين طاولة وأخرى، مع السماح لعدد محدود من الزبائن بالوجود.
ورغم القيود المفروضة، جاء الثلاثاء الماضي بلمحة ترحيب بالحياة مجددا من قبل مطاعم ومقاه فاخرة مثل «ليفت بانك كافي دي فلور» و«زنك» في باريس، لتستعيد شيئا من بريق الحياة في المدن الحضرية.
بات بإمكان الباريسيين مجددا الجلوس مع بعضهم لكن بشكل منفصل، ويمكنهم أن يكونوا مرحين دون الاقتراب من بعضهم. يمكنهم الجلوس في المساحة نفسها تقريباً معاً دون الحاجة إلى التحدث مع بعض (فقط السياح يتحدثون عبر الطاولات المجاورة للغرباء، وهو ما لا يجد ترحيبا من الباريسيين). يمكنهم الجلوس لساعات إن أرادوا ذلك، وهو الفرق الأساسي بين المقهى الفرنسي ونظيره عبر الأطلسي.
ففي يوم ربيعي مشرق، بات بإمكان المرء الاستمتاع باللحظة، حتى وإن كانت مع ضبط النفس ومراعاة الحيطة. وفي هذا الإطار، قال ميشيل واتيبولت، موظف متقاعد في «بنك فرنسا» القريب، «من الواضح أنها أهم نقطة تحول للعودة إلى الحياة الباريسية الحقيقية». أضاف موجها الحديث لصديقته بينما كان يجلس على إحدى الطاولات الخارجية في مقهى «لافانت بريمير، خلف مبنى «باليه رويال» مباشرة «كنا ننتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر».
وقال باريسي آخر يدعى جوست توماس إن ذلك ساعد على أن يكون الشارع «هادئاً مثل أحد أيام شهر أغسطس (آب) في ظل غياب السياح».
خلفهم، جلس فرهاد كاظمي، الموظف بـ«معهد التراث الوطني» على طاولته ليستمتع بأشعة الشمس خارج مقهى «رو دي بيتي تشامبس» استعدادا لتناول وجبة الغداء بعد ساعة واحدة. قال كاظمي مبتسما «إنها متعة فائقة. فلطالما انتظرت هذه اللحظة».
كان الارتياح يوم الثلاثاء أكبر من سابقيه، حيث اعتاد الباريسيون - المحاصرون في شقق صغيرة - التعامل مع المقاهي كمساحات ممتدة إلى الشارع، وهو ما حرموا منه منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر. وبالمعنى نفسه، قال ماتيو نوغيرا، باريسي استقر مؤخرا في حي «لي كواتر ساسيون» في غرب باريس، «إنها (المقهي) غرفة المعيشة الثانية لي. فغرفتي صغيرة جداً، وضوؤها قليل».
تحدث أصحاب ومديرو المقاهي يوم الثلاثاء عن لحظة الإطلاق بعد أسابيع من الإغلاق والامتناع عن التعامل مع العملاء، ومنهم سباستيان فوميل الذي أكد أن «تلك اللحظة قد تأخرت كثيرا. كان ذلك ضروريا لأسباب نفسية، ولأسباب شخصية ومهنية وإنسانية. هي مزيج من الأسباب». قال ذلك فيما كان يستعد لتقديم قدح من مشروب (إسبرسو) الساخن لأحد الزبائن.
في مقهى «بار دو مولين» المغطى بألواح خشبية القريب من ساحة «دي بيتي بير»، قام المدير، أليكس كارداو، بتنظيم الوجود على جانبي الشارع الصغير ووضع لافتات توضح المسافات الآمنة فيما كان يشرف على تقديم الصواني البراقة إلى العملاء الذين يستمتعون بأشعة الشمس ولا يكفون عن الكلام. «ها أنا ذا بعد البقاء لشهرين بلا عمل في المنزل»، قالها بسعادة ظاهرة.
في شارع مونتورجويل، كان المقهى مصدر إلهام في ذهن باريسي آخر هو جان كلود هاج الذي جلس صباح الثلاثاء في مقهى بيانكو، حيث قال «لقد ولدت الأفكار في هذه الطرقات. فباريس من دون طرقات ليست باريس».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.