ألمانيا مستعدة للتعايش مع الفيروس

كثّفت فحوصات الكشف عن «كوفيد ـ 19»

ألمانيا مستعدة للتعايش مع الفيروس
TT

ألمانيا مستعدة للتعايش مع الفيروس

ألمانيا مستعدة للتعايش مع الفيروس

بخطى بطيئة ولكن ثابتة، تستمر ألمانيا بالخروج من عزلتها التي أحاطت نفسها بها منذ منتصف مارس (آذار) الماضي في محاولة للسيطرة على وباء كورونا. وبعد أن نجحت بالخروج تقريبا من هذه الأزمة بأقل خسائر ممكنة مقارنة بالدول الأخرى، بدأت تتحضر للعطلة الصيفية فيما القلق من موجة ثانية للفيروس قد تأتي في الخريف، يتراجع.
فقد أبدى اثنان من أشهر أطباء الأمراض الوبائية في البلاد، تفاؤلا بإمكانية أن تتجنب ألمانيا هكذا موجة ثانية كثر الحديث عنها في الأسابيع الماضية. أحد هذين الطبيبين هو رئيس قسم الأمراض الوبائية في مستشفى «شارتييه» الجامعي، البروفسور كريستيان دروستن، الذي يقدم النصح للحكومة حول فيروس كورونا، ويشارك بالتالي في رسم السياسات الصحية الحالية في البلاد. وبحسب هذا الطبيب، فإنه من المحتمل ألا تشهد ألمانيا موجة ثانية، ولكن حتى ولو فعلت فإن البلاد «مستعدة لذلك». وتحدث كذلك عن إمكانية تخفيض مدة العزل الموصى بها في المستقبل من أسبوعين إلى أسبوع، «لأننا الآن نفهم انتشار الفيروس بشكل أفضل، وتبين أن فترة حضانة الفيروس أقل مما كنا نعتقد».
كذلك، أعطى مدير معهد الأوبئة في جامعة «بون» هاندريك شتريك، تقييما شبيها. وقال إنه يستبعد أن تكون هناك موجة ثانية في الخريف، رغم أنه بدا أكثر تشاؤما عند حديثه عن اللقاح. وقال: «أي تنبؤات حول اللقاح لا يمكن الوثوق بها. حتى الآن لا لقاح لفيروس كورونا. لقد تم تطور أكثر من 500 لقاح لفيروس نقص المناعة البشرية إيدز، من دون أن تثبت أي منها فعالية». وأضاف: «لهذا ينصح بأن نكون مستعدين لواقع أن هذا الفيروس باق».
وأشار شتريك إلى أن إلغاء التجمعات الكبيرة والمهرجانات كان سببا رئيسيا في السيطرة على الوباء، وقال بأنه يجب استمرار التركيز على هذه التجمعات الكبيرة. وتوقع استمرار تسجيل إصابات جديدة في تجمعات صغيرة مثل ما يحصل في الأيام الماضية، عبر تسجيل إصابات لمرتادي كنيستين، وكذلك بين عمال في مسالخ لحوم، ولاجئين في مراكز لجوء مكتظة.
وسجلت ألمانيا حتى الآن أقل من 8500 وفاة رغم أن عدد الإصابات المؤكدة بلغ أكثر من 180 ألف إصابة، معظمهم شفوا. وفي الأسابيع الماضية، تسجل ألمانيا بين 300 إلى 800 إصابة جديدة يوميا، فيما أعداد الوفيات تتضاءل كذلك وتسجل يوميا بين الـ20 إلى 50 وفاة.
ومنذ بداية الأزمة في نهاية فبراير (شباط) الماضي، اعتمدت ألمانيا سياسة إجراء عدد كبير من الفحوصات يوميا بهدف تعقب سلسلة الإصابات وعزل الحالات المتشبه بها. وفي خضم الأزمة في شهر مارس، كانت ألمانيا تجري قرابة نصف مليون فحص أسبوعيا.
وفي مطلع أبريل (نيسان) الماضي، زادت إمكانية إجراء الفحوصات إلى قرابة 900 ألف فحص أسبوعيا، ولكنها لم تجر إلا نصف هذا العدد.
والآن تستعد لزيادة الفحوصات التي تجرى خاصة مع إعادة فتح البلاد، وستوصي الحكومات المحلية بإجراء فحوصات دورية لعدد كبير من الأشخاص العاملين في وظائف محددة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالفيروس.
وحتى الآن، فإن دروستن راض عن السياسة الصحية التي اعتمدت في ألمانيا، وقال في مقابلة أجرتها معه مجلة «دير شبيغل»، بأن الفحوصات المبكرة التي اعتمدتها ألمانيا جنبتها خسارة أعداد كبيرة في الأرواح. وأضاف: «لو لم نتمكن من إجراء فحوصات بهذا الشكل المبكر، ولو لم نبق السياسيين مطلعين، فأنا أعتقد بأنه كان سيكون لدينا في ألمانيا الآن بين الـ50 ألف إلى 100 ألف وفاة».
ومقابل زيادة عدد الفحوصات، فإنها ستبدأ العمل كذلك في منتصف يونيو (حزيران) بنظام التطبيق الجديد على الهواتف الذكية لتتبع سلسلة الإصابات. ولكن من غير المعلوم بعد نسبة الأشخاص الذين قد يختارون تحميل هذا التطبيق واستخدامه بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية.
ومنتصف يونيو يحمل كذلك معه إعادة فتح الحدود البرية مع الدول الأوروبية المجاورة، ورفع حظر السفر إلى 31 دولة أوروبية بينها 26 دولة في الاتحاد الأوروبي إضافة إلى بريطانيا والدول الأربع التي تنتمي للمنطقة الاقتصادية والشينغن ولكنها خارج الاتحاد. وبهذا يستعد الألمان لقضاء عطلة صيفية في وجهاتهم المفضلة على البحر المتوسط، فيما تنهي الحكومة الألمانية اتفاقيات ثنائية تعقدها مع هذه الدول لتسهيل وصول ومغادرة السياح القادمين من ألمانيا.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».