وفيات أميركا تتجاوز عتبة الـ100 ألف... ومخاوف من تداعيات فتح الاقتصاد

14 ولاية سجلت ارتفاعاً في الإصابات والضحايا

وفيات أميركا تتجاوز عتبة الـ100 ألف... ومخاوف من تداعيات فتح الاقتصاد
TT

وفيات أميركا تتجاوز عتبة الـ100 ألف... ومخاوف من تداعيات فتح الاقتصاد

وفيات أميركا تتجاوز عتبة الـ100 ألف... ومخاوف من تداعيات فتح الاقتصاد

تجاوزت الولايات المتحدة، أمس، عتبة 100 ألف وفاة بسبب الإصابة بوباء «كوفيد - 19»، بما يعادل نحو 28 في المائة من حالات الوفاة على مستوى العالم.
في غضون ذلك، استمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في كيل الاتهامات للصين. وقال عبر حسابه على «تويتر» صباح أمس: «فيروس كورونا يجتاح العالم كله، وهذه هدية سيئة من الصين». وأضاف: «أود الإعراب عن مواساتي القلبية لكل العائلات والأصدقاء الذين فقدوا أحباءهم وأعرب عن مساندتي لكل الرجال العظماء الذين يكافحون».
وتجاوز عدد وفيات كورونا في الولايات المتحدة قتلى حرب فيتنام والحرب الكورية مجتمعة، ويقترب من عدد قتلى الأميركيين خلال الحرب العالمية الأولى الذي بلغ 116 أميركيا. وأشار بعض مسؤولي الصحة الأميركيين أن الأعداد قد تتصاعد خلال الفترة المقبلة، فيما توقعت تقارير ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 138 ألف حالة بحلول شهر أغسطس (آب)، مع إعادة الولايات الأميركية فتح الاقتصاد والمتاجر والشركات.

وقد بدأت كل ولاية خطوات إعادة فتح الاقتصاد ورفع القيود المفروضة على الشركات والأماكن العامة. وحذر مسؤولي الصحة من انتشار الفيروس مع إنهاء عمليات الإغلاق، وتزايدت النصائح حول تفادي لمس الأسطح ومقابض الأبواب والموائد وأكياس التسوق ثم لمس الوجه، وتشجيع المواطنين على الحرص الشديد في التعاملات اليومية.
وأعلن عمدة مدينة واشنطن العاصمة موريل بوزر أن المدينة ستشهد الخطوات الأولى من إعادة فتح المتاجر والشركات اليوم الجمعة، بعد أن شهدت انخفاضا لمدة 14 يوما في أعداد الإصابات بـ«كوفيد - 19»، وهو أحد المقاييس الرئيسية التي أقرتها وزارة الصحة الأميركية كمعيار لإعادة فتح الاقتصاد. وقد شهدت العاصمة واشنطن إجمالي إصابات بالفيروس وصل إلى 8.406 حالة إصابة و445 حالة وفاة. من جهته، تفاءل حاكم ولاية نيويورك في مؤتمره الصحافي صباح الخميس بأن أعداد الوفيات بالفيروس بدأت في الانخفاض، وبلغت 73 حالة وفاة خلال 24 ساعة وهو أدنى عدد يومي للوفيات منذ بداية انتشار الوباء في الولاية. في المقابل، شهدت 14 ولاية أميركية أخرى اتجاها متصاعدا في أعداد الإصابات والوفيات، من أبرزها ولايات بنسلفانيا ومسيسيبي وكاليفورنيا وكارولينا الجنوبية. وحذر حاكم ولاية ميسيسبي من التهاون في الإجراءات الاحترازية بالتزامن مع إعادة فتح الاقتصاد.
وسجلت ولاية بنسلفانيا أكثر من 73 ألف حالة إصابة ونحو 5200 حالة وفاة بين سكانها البالغ عددهم 12.8 مليون نسمة. وسجلت ولاية كارولينا الجنوبية أكبر زيادة يومية في أعداد الوفيات بعد فترة قصيرة من الإعلان عن إعادة فتح الأماكن العامة مثل المتاحف والمتنزهات في جميع أنحاء الولاية.
بينما شهدت ولاية كاليفورنيا ارتفاعا كبيرا في أعداد الإصابات بالفيروس بعد عطلة نهاية الأسبوع الماضي التي شهدت ازدحاما في الشواطئ والأماكن العامة وسجلت الولاية نتائج اختبارات إيجابية جديدة بالفيروس بلغت 1913 شخصا يوم الأربعاء فقط ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين بالفيروس على مستوي الولاية إلى 101.739 شخص بينما سجلت 90 وفاة جديدة وهي أعلى نسبة وفيات في يوم واحد، ليرتفع عدد الوفيات الإجمالي في الولاية إلى 3912 حالة وفاة.
من جانب آخر، أعلنت شركة والت ديزني إعادة فتح منتجعها السياحي في مدينة أناهيم بولاية كاليفورنيا في منتصف شهر يوليو (تموز) المقبل، ووضعت شروطا على الموظفين والضيوف بارتداء كمامات وإجراء اختبار فحص درجات الحرارة قبل دخول المتنزهات. وفي ولاية فلوريدا، أعلن عمدة مدينة ميامي ديد كارلوس عن إعادة فتح الفنادق وجميع الشواطئ بحلول يوم الاثنين، حيث سيتم السماح بممارسة رياضة السباحة والركض والمشي مع الالتزام بقيود التباعد الاجتماعي بمسافة لا تقل عن ستة أقدام وارتداء الأقنعة.
ووفقا لمعهد المقاييس والتقييمات الصحية بجامعة واشنطن (IHME)، فإن التوقعات بارتفاع أرقام الوفيات إلى 138 ألف حالة بحلول أغسطس تعكس توقعات بوقوع ما يصل إلى ألفي حالة وفاة إضافية في الأسبوع. وحذر المعهد من تخفيف قواعد التباعد الاجتماعي وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
وقال الدكتور مايكل ساغ، مدير المعهد، إن السؤال الملح لدينا جميعا هو «ماذا سيحدث إذا استمر هذا الارتفاع المستمر للحالات ولم نتمكن من السيطرة عليه بسرعة كافية وحماية أنظمة الرعاية الصحية لدينا؟». وأضاف: «إعادة تشغيل الاقتصاد مهم، لكنك لا تريد أن تصل إلى حد الانهيار وهذا ما نحاول القيام به». وشدد ساغ على أن وضع الولايات المتحدة ليس في حال أفضل مما كان عليه قبل بضعة أشهر، ومن المحتمل ألا يكون اللقاح متاحا قبل بداية العام الجديد. وطالب بالحفاظ على نهج الصحة العامة وإجراءات التباعد الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟