كوريا الجنوبية تشهد أعلى زيادة يومية في الإصابات... ولا جديد في الصين

عاملون من القطاع الصحي في كوريا الجنوبية حيث عادت الإصابات إلى الارتفاع (أ.ف.ب)
عاملون من القطاع الصحي في كوريا الجنوبية حيث عادت الإصابات إلى الارتفاع (أ.ف.ب)
TT

كوريا الجنوبية تشهد أعلى زيادة يومية في الإصابات... ولا جديد في الصين

عاملون من القطاع الصحي في كوريا الجنوبية حيث عادت الإصابات إلى الارتفاع (أ.ف.ب)
عاملون من القطاع الصحي في كوريا الجنوبية حيث عادت الإصابات إلى الارتفاع (أ.ف.ب)

سجلت كوريا الجنوبية زيادة كبيرة في حالات الإصابة بفيروس «كورونا» أمس (الأربعاء)، بلغت 40 حالة جديدة، وهي أعلى زيادة يومية منذ سبعة أسابيع، حسب وزارة الصحة.
ويسود القلق بشكل خاص إزاء الإصابات الجماعية في مركز اللوجيستيات في موقع على الإنترنت للبيع بالتجزئة، مركزه بمدينة بوشيون غرب سيول. وكانت هناك 36 إصابة بالفيروس بين موظفي الشركة وعددهم أربعة آلاف حتى صباح أمس.
وتعتقد السلطات أن الفيروس ربما تم نقله إلى هناك من قبل عامل، ظهرت عليه أعراض المرض في وقت سابق من هذا الشهر خلال تفشي الفيروس في منطقة «إيتايون» في سيول.
والأرقام الجديدة التي تم تسجيلها أمس، ترفع إجمالي عدد الإصابات في كوريا الجنوبية إلى 11265 والوفيات إلى 269. وفي نهاية فبراير (شباط) الماضي، سجلت كوريا الجنوبية 900 حالة إصابة يوميا، لكن منذ ذلك الحين تمكنت بشكل كبير من احتواء انتشار المرض.
وأعلنت السلطات الصحية الصينية عدم تسجيل أي إصابة جديدة انتقلت محليا بفيروس «كورونا» في البر الرئيسي أول من أمس الثلاثاء. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن لجنة الصحة الوطنية أنه تم تسجيل حالة إصابة جديدة واحدة لشخص قادم من الخارج، وذلك في شنغهاي.
وإجمالا، تفيد البيانات الرسمية بأن الصين سجلت 82 ألفا و993 إصابة بـ«كورونا» في البر الرئيسي، توفي منها 4634 شخصا. وتعافى من الإصابة 78 ألفا و280 شخصا، بينما لا يزال 79 مريضا يخضعون للعلاج.

مداهمة فلبينية
وداهمت شرطة الفلبين عيادة «غير قانونية» يزعم أنها تعالج المرضى الصينيين المصابين بفيروس «كورونا»، حسب مسؤولين أمس، وهي ثاني منشأة من نوعها يتم إغلاقها في البلاد في غضون أسبوع، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
واعتقلت الشرطة اثنين من الأطباء الصينيين، لا يحملان تراخيص مزاولة مهنة الطب في الفلبين، خلال مداهمة جرت أول من أمس (الثلاثاء) في مدينة مكاتي في إقليم «مترو مانيلا»، طبقا لرئيس شرطة المدينة، أوسكار جاسيلدو.
وأضاف أن مسؤولين صادروا أدوات كشف سريع ومحاقن وصناديق عديدة لعقاقير صينية غير مسجلة من العيادة.
وكانت الشرطة قد داهمت في 18 مايو (أيار) مستشفى مؤقتا غير مرخص وصيدلية في فيلا سياحية في منطقة «كلارك فريبورت» بإقليم بامبانجا، على بعد حوالي 90 كيلومترا شمال مانيلا.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة الفلبينية أمس، تسجيل 18 وفاة جديدة بفيروس «كورونا» و380 إصابة، في أكبر زيادة يومية في الحالات في سبعة أسابيع.
وقالت الوزارة في نشرة إن إجمالي عدد الإصابات بلغ 15049 ووصل عدد الوفيات إلى 904 وزاد عدد من تماثلوا للشفاء إلى 3506 بعد تعافي 94 مريضا.
وهذا ثاني يوم على التوالي تسجل فيه الفلبين أعلى زيادة في سبعة أسابيع، وذلك بعد تسجيلها أمس الثلاثاء 13 وفاة جديدة و350 إصابة بالفيروس.

إندونيسيا
وسجلت وزارة الصحة الإندونيسية 686 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» المستجد أمس، ليرتفع إجمالي الإصابات في البلاد إلى 23851.
وقال أحمد يوريانتو المسؤول في وزارة الصحة للصحافيين، إن البلاد شهدت 55 وفاة جديدة جراء الفيروس ليصل عدد الوفيات إلى 1473. ووصل عدد المتعافين حتى اليوم الأربعاء إلى 6057.

باكستان
وارتفع عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس «كورونا» في باكستان إلى 59151، مع تسجيل 1446 إصابة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، طبقا لما ذكرته صحيفة «نيشن» الباكستانية أمس الأربعاء.
وتعافى 19142 حتى الآن من الفيروس وبلغت حصيلة الوفيات الآن 1225، مع تسجيل 28 حالة وفاة جديدة، خلال الساعات الـ24 الماضية. ويتلقى المرضى العلاج في مراكز الحجر الصحي في 462 مستشفى، حيث إن هناك 7295 سريرا متاحا. وأجرت باكستان حتى الآن 499399 اختبارا لفيروس كورونا و8491 اختبارا في الساعات الـ24 الماضية.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟