يدير رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي و6 من وزرائه 7 وزارات لا تزال شاغرة في حكومته المؤلفة من 22 وزيراً. الكاظمي يدير وزارة الخارجية بالإضافة إلى منصبه رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة، فيما يتقاسم وزراء الحقائب الست الأخرى بالوكالة.
ومع أن الكاظمي كان قد وعد بإكمال الحقائب الشاغرة قبل العيد، فإن وعده اصطدم باستمرار الخلافات السياسية بين الكتل على الوزارات المتبقية. فوزارة النفط التي أصبحت من حصة محافظة البصرة لأن هذه المحافظة تصدّر أكثر من 80 في المائة من النفط العراقي، لم تتفق الجهات السياسية فيها على اسم معين لتولي هذه الحقيبة التي زاد عدد المرشحين لها من بين شخصيات المحافظة على 50 مرشحاً ليتم في النهاية تقليص العدد إلى 10 أسماء.
وبينما كان يفترض أن يلتقي عدد من ممثلي البصرة في البرلمان رئيس الوزراء قبل العيد بيوم واحد لاختيار 5 شخصيات من هذه الأسماء وترك حرية الاختيار له، فإن نتائج الاجتماع لم تظهر حتى الآن؛ الأمر الذي يعني استمرار الخلافات.
وزارة الخارجية التي باتت من حصة الكرد وبالذات «الحزب الديمقراطي الكردستاني» لا يزال هناك خلاف على من يتولاها. فالكرد، وبالذات زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، متمسك بوزير المالية السابق فؤاد حسين لتوليها وسط اعتراضات شيعية؛ بل حتى المرشح المحتمل الآخر وهو وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري كان قد أقيل من آخر منصب تولاه وهو المالية عام 2016 وسط خلافات عميقة مع كثير من الكتل الشيعية، وبالتالي يصعب قبوله لتولي الخارجية مجدداً، وهو ما يعني صعوبة الحسم بعد العيد مباشرة طبقاً لما بدأ يصرح به بعض النواب ممن لا تعبر تصريحاتهم عمّا يجري خلف الأبواب المغلقة.
من جهته، دعا نائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، رئيس الوزراء إلى مصارحة الشارع بشأن الجهات التي تعرقل عمله. وسأل الأعرجي في تغريدة له على «تويتر» الكاظمي: «هل تعلم أن كثيراً من الكتل قد رضيت بتكليفك على مضضٍ بسبب ضغط الشارع رغم أنك أهل للمسؤولية وأكثر منها وطنية». وأضاف أن «الكتل ذاتها تُحاول الآن عرقلة استكمال حكومتك بعد أن وجدتك جاداً بإنهاء المحاصصة، فعليك أن تصارح الشارع - الذي كان سبباً بتسلمك المسؤولية - بالحقائق».
بدورها، أكدت «جبهة الإنقاذ والتنمية» التي يتزعمها رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي أن رئيس الحكومة لم يوف بأول وعد قطعه على نفسه في قاعة مجلس النواب أثناء التصويت على كابينته. وقال القيادي في الجبهة حازم الجنابي في تصريح، إن الكاظمي «وعد أمام مجلس النواب في يوم التصويت على حكومته قبل عيد الفطر بأنه سوف يستكمل كابينته الوزارية»، مبيناً أنه «كان الأولى به ألا يستمع إلى الكتل السياسية وألا يقبل بالمحاصصة».
في السياق نفسه، أكد القيادي البارز في الجبهة ومحافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يعانيه الكاظمي الآن هو أن المحور الإيراني يريد من الكاظمي عبور مرحلة الأزمة الاقتصادية وامتصاص النقمة الشعبية بإجراء انتخابات جديدة يعيدون هم ترتيبها». وأضاف: «إنهم سيتركونه بهذه الحدود فقط، ولكنهم سيقفون ضده وبقوة إذا سار في الحوار الاستراتيجي مثلاً بهدف تأسيس علاقات طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، وكذلك إذا سعى إلى إجراء انتخابات تضعف من وجودهم السياسي».
ويرى حسن توران، نائب رئيس «الجبهة التركمانية»، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلل من وجهة نظري يكمن في تخلي مجلس النواب وكتله عن أداء دورهم في رقابة وتوجيه الحكومة حيال الأزمات التي يمر بها البلد»، مبيناً أن «أزمات خطيرة مثل (كورونا) و(داعش) و(الاقتصاد)، لا يمكن للحكومة وحدها مواجهتها، بل تحتاج إلى إسناد تشريعي للتغلب على هذه التحديات الخطيرة».
أما رئيس «المركز الجمهوري للدراسات السياسية» الدكتور معتز محيي الدين، فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «التدخلات الخارجية لعبت دوراً سلبياً في كثير مما عانته البلاد خلال الفترات الماضية»، مضيفاً أن «الخطوة التي بدأها الكاظمي باتجاه السعودية يمكن أن تكون عاملاً مهماً في خلق توازن؛ سواء في سياق علاقات العراق الخارجية وإحداث توازن على صعيد تمدد الدور الإيراني، والبدء بخطوات جادة نحو الاستثمار، وهو ما يحتاجه العراق للخروج من أزماته المختلفة»، مبيناً أن «الكاظمي يتوجب عليه استئناف الخطوات التي تم البدء بها في زمن العبادي على طريق خلق علاقة جديدة مع السعودية تقوم على الاستثمار والتي كانت وقفت ضدها العديد من الأحزاب والقوى السياسية التي وجدت أن مصلحتها تقاطعت مع تلك التوجهات». وأوضح محيي الدين أن «الأحزاب والقوى السياسية لن تترك الكاظمي وحيداً أو حراً في تصرفه حيال الوزارات والوزراء الذين اختارهم خارج إرادات الكتل، وبالتالي فإنها سوف تبقى في حالة مراقبة دائمة له، خصوصاً أن بعض الوزارات تمثل أهمية خاصة لبعض هذه الكتل والأحزاب».
الكاظمي يستأنف معركة الوزارات الشاغرة بعد عطلة عيد الفطر
الكاظمي يستأنف معركة الوزارات الشاغرة بعد عطلة عيد الفطر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة