الصين تلتحق بسباق اللقاحات العالمي بعد إعلان انتصارها على الفيروس

تجربة سريرية على 108 أشخاص {أظهرت نجاحاً أولياً}

خبير يستعرض جرعات من لقاح تجريبي في مختبر بتايلند أول من أمس (أ.ف.ب)
خبير يستعرض جرعات من لقاح تجريبي في مختبر بتايلند أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الصين تلتحق بسباق اللقاحات العالمي بعد إعلان انتصارها على الفيروس

خبير يستعرض جرعات من لقاح تجريبي في مختبر بتايلند أول من أمس (أ.ف.ب)
خبير يستعرض جرعات من لقاح تجريبي في مختبر بتايلند أول من أمس (أ.ف.ب)

بعد أيام من إعلان نجاح المرحلة الأولى من التجارب السريرية للقاحين أميركي وبريطاني لعلاج فيروس «كورونا المستجد» المسبب لعدوى «كوفيد - 19»، حملت دورية «لانسيت» الطبية أنباء عن نجاح المرحلة الأولى من التجارب السريرية للقاح صيني.
وجاء إعلان الدورية الطبية الشهيرة، الجمعة الماضي، بالتزامن مع تأكيد رئيس الحكومة الصينية لي كي تشيانغ، خلال افتتاح المجلس الوطني لنواب الشعب، نجاح بلاده في هزيمة فيروس «كورونا المستجد»، حيث لم يتم تسجيل يوم الجمعة أي إصابة جديدة أو حالة وفاة بالفيروس. وبينما يعتمد اللقاح الأميركي على تقنية جديدة تستخدم لأول مرة، وهي «استخدام مقتطف صغير من الشفرة الوراثية للفيروس يتم حقنها في المريض»، فإن اللقاح الصيني الذي أعلنت عنه دورية «لانسيت»، يستخدم «تقنية تم تجريبها سابقاً، وتعتمد على استخدام فيروس ضعيف من فيروسات نزلات البرد له القدرة على إصابة الخلايا البشرية بسهولة دون أن يكون قادراً على التسبب في المرض، وذلك لإيصال المواد الوراثية التي ترمز لبروتين فيروس (كورونا المستجد) إلى الخلايا، ويساعد ذلك الجهاز المناعي على خلق أجسام مضادة تتعرف على هذا البروتين وتقاوم الفيروس».
وأظهرت التجارب التي أُجريت على اللقاح الصيني في مرحلته السريرية الأولى، أنه كان قادراً على توليد استجابة مناعية ضد الفيروس عند 108 من البالغين الأصحاء، حيث أنتجت جرعة واحدة منه أجساماً مضادة للفيروس خلال 14 يوماً. وخلال التجارب تم تقسيم المتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً، إلى ثلاث مجموعات كل منها تكونت من 36 شخصاً، ويشتركون جميعاً في أنه لم يكن لديهم عدوى بالفيروس. وتلقت المجموعات الثلاث حقنة عضلية واحدة من اللقاح الجديد الذي تمت تسميته (Ad5 - nCoV)، بجرعات منخفضة، متوسطة، وعالية، ثم تم اختبار دم المتطوعين على فترات منتظمة بعد التطعيم لمعرفة ما إذا كان اللقاح قد حفّز الجهاز المناعي أم لا، فوجدوا أنه يولّد الأجسام المضادة للفيروس.
وفي غضون أسبوعين من التطعيم «أدت جميع مستويات جرعة اللقاح إلى مستوى معين من الاستجابة المناعية في شكل أجسام مضادة، وبعد 28 يوماً، حصل معظم المشاركين على زيادة أربعة أضعاف في الأجسام المضادة». ووفق البحث «لم تظهر أي أعراض جانبية سلبية خطيرة في غضون 28 يوماً من التطعيم، وكان معظم الأعراض خفيفة أو معتدلة عند 83% (30 شخصاً من 36) من أولئك الذين تلقوا جرعات منخفضة ومتوسطة من اللقاح و75% (27 شخصاً من 36) في مجموعة الجرعات العالية».
ويقول د. وي تشين، من معهد بكين للتكنولوجيا الحيوية في بكين بالصين، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد بالتزامن مع نشر الدراسة: «يجب تفسير هذه النتائج بحذر، فالقدرة على تحفيز هذه الاستجابات المناعية لا تشير بالضرورة إلى أن اللقاح سيحمي البشر من الفيروس، وهذه النتيجة مبشِّرة، لكننا لا نزال في حاجة للتأكد من استمرار هذه الاستجابات المناعية خلال الأشهر الستة القادمة».
ما أشار إليه تشين، على ما يبدو أنه يعكس استيعاباً لدرس الماضي، من ضرورة توخي الحذر فيما يتم إعلانه بشأن اللقاحات، حيث تسببت نتائج خاطئة بخصوص أحد اللقاحات تم الترويج لها عام 2018 في تشويه سمعة اللقاحات الصينية. وتبين في يوليو (تموز) من عام 2018 أن شركة «شانغ شينغ بيو تكنولوجي» لصناعة اللقاحات قد زورت البيانات الخاصة بإنتاج لقاح داء الكلب الذي تنتجه، وصدر أمر للشركة بوقف الإنتاج وسحب لقاحات داء الكلب من الأسواق. ويقول تقرير نشرته شبكة «بلومبرغ» في 19 مايو (أيار) الماضي، إن هذا الحدث ربما يمثل تحدياً سيواجه اللقاح الصيني في سباق اللقاحات العالمي، حيث إنه أدى إلى تقويض ثقة الجمهور في اللقاحات الصينية وإعطاء الصناعة سمعة عالمية سيئة.
وفي مقابل هذا التحدي، تملك الصين فرصاً تسويقية كبيرة في سباق اللقاحات الذي يتضمن أكثر من 108 لقاحات قيد التطوير، وتم إعلان عن نتائج المرحلة الأولى من التجارب السريرية لثلاثة منها، كان آخرها اللقاح الصيني. وأشار التقرير إلى أن الفرص التسويقية للصين مصدرها أن اللقاح الصيني يستخدم طريقة تم تجريبها من قبل في إنتاج اللقاحات، بينما اللقاح الأميركي يستخدم طريقة جديدة لا توجد سابقة تتعلق بها، لذلك ليس من الواضح ما إذا كان يمكن تصنيع مثل هذا اللقاح على نطاق واسع بسرعة لتلبية الطلب.
وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ قد وعد الاثنين الماضي خلال كلمته في الحفل الافتتاحي للجلسة الـ73 لجمعية منظمة الصحة العالمية عبر الفيديو، بأن تعمل بكين على توفير اللقاح بأسعار معقولة لكل العالم عندما يتم إنتاجه، وهي الخطوة التي قال عنها تقرير «بلومبرغ»، إن من شأنها أن تساعد في نزع فتيل الانتقادات الموجهة إلى الصين، بسبب تأخرها في الإعلان عن ظهور الفيروس الجديد، مما أدى لإصابة الملايين عبر العالم.
وسبق للصين أن قادت جهداً عالمياً لتوزيع اللقاحات على النطاق العالمي، حيث قامت بتوزيع 30 مليون جرعة من لقاح التهاب الدماغ الياباني خلال الفترة من 2014 إلى 2018.
من جانبها، ترى د.نجوى البدري، مدير مركز التميز لأبحاث الخلايا الجذعية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، أن «التحدي الأكبر الذي يواجه اللقاحات عموماً هو الحاجة إلى التأكد من استجابتها المناعية».
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن الظرف الطارئ يؤدي إلى التسريع من خطوات الإنتاج، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب التأكد من أن الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح لن يصابوا بالفيروس، وهذا لن يتم التأكد منه إلا إذا تعرض للفيروس الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح في التجارب السريرية، وتم إثبات أن اللقاح وفّر لهم التحصين ضد الفيروس».
وتضيف: «إذا كانت الصين قد أعلنت السيطرة على المرض ولم تسجل أي إصابات يوم الجمعة، فقد يكون التحدي الكبير الذي يواجهها هو عدم تعرض الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح للفيروس حتى يتم التأكد من أنه وفّر الحماية منهم».
وتحتاج الصين لتجاوز هذه المشكلة إلى التعاون مع دول أخرى في العالم خلال المراحل التالية من التجارب السريرية والتي تُجرى على عدد أكبر من المتطوعين. وفي الماضي، لم تذهب جهود اللقاحات الصينية إلى أي مكان بالعالم، لأن الأمراض التي استهدفتها تم القضاء عليها أو لم تنفجر على نطاق واسع داخل الصين، فعلى سبيل المثال، توقفت جهود إنتاج لقاح «سارس» عندما اختفى الفيروس بعد إصابة أكثر من 8000 شخص في عام 2003.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.