الوباء يجتاح أميركا اللاتينية... ومخاوف من «انفجار» في البرازيل

«كوفيد ـ 19» يؤجل تخفيف القيود في المكسيك ويهدد الأرجنتين بأزمة اقتصادية مضاعفة

قبور فارغة حفرت لدفن ضحايا فيروس {كورونا} في ساو باولو أول من أمس (رويترز)
قبور فارغة حفرت لدفن ضحايا فيروس {كورونا} في ساو باولو أول من أمس (رويترز)
TT

الوباء يجتاح أميركا اللاتينية... ومخاوف من «انفجار» في البرازيل

قبور فارغة حفرت لدفن ضحايا فيروس {كورونا} في ساو باولو أول من أمس (رويترز)
قبور فارغة حفرت لدفن ضحايا فيروس {كورونا} في ساو باولو أول من أمس (رويترز)

كانت مسألة وقت، لا أكثر، حتى تنتقل البؤرة العالمية الرئيسية لانتشار «كوفيد - 19» إلى أميركا اللاتينية، التي تجاوزت الإصابات المؤكدة فيها عتبة النصف مليون، الجمعة، فيما يتوقّع الخبراء ألا يبلغ الانتشار ذروته قبل مطلع شهر يوليو (تموز) المقبل. وبلغ عدد الإصابات التي سجّلت أمس في أميركا اللاتينية 33159 حالة، أي بزيادة قدرها 132 في المائة عن اليوم نفسه من الأسبوع الماضي.
كانت منظمة الصحة العالمية تحذّر منذ أواخر أبريل (نيسان) من أن البؤرة التالية لانتشار الوباء ستكون أميركا اللاتينية، على رأسها البرازيل المهددة بـ«انفجار وبائي»، بعد أن قفزت هذا الأسبوع إلى المرتبة العالمية الثالثة بعدد الإصابات بعد الولايات المتحدة وروسيا، وسجّلت وفّيات يومية تزيد عن الألف للمرة الثالثة على التوالي، فيما زاد عدد الإصابات المؤكدة عن 330 ألفاً.
الأرقام الأخيرة في المكسيك تبعث على القلق أيضاً، نظراً للازدياد السريع في عدد الإصابات الجديدة، وفي الأرجنتين والبيرو وتشيلي ارتفعت الإصابات بنسبة عالية مؤخراً، رغم أن البلدان الثلاثة أبكرت في فرض تدابير صارمة للعزل. لكن البرازيل تبقى هي الحالة الأكثر خطورة، بعد أن تضاعف عدد الوفيّات فيها خلال 10 أيام، ليبلغ 20 ألفاً، وبسبب موقف الرئيس جاير بولسونارو، الذي يرفض تدابير العزل التي فرضها حكّام الولايات، ويدعو إلى مواصلة النشاط الاقتصادي والحياة العادية، بعد أن أقال وزير الصحة، واستقال خلفه في أقل من شهر.
وخلافاً لعادتها، كانت منظمة الصحة العالمية قد انتقدت بشكل صريح ومباشر التوصيات التي صدرت عن السلطات البرازيلية باستخدام عقاقير مكافحة الملاريا لعلاج الإصابات الخطرة بـ«كوفيد - 19»، ودعت إلى تشديد إجراءات العزل، لمنع انتشار الوباء بشكل يخرج عن السيطرة. وكانت البرازيل قد انضمّت إلى «نادي» البلدان التي سجّلت وفيّات يومية تزيد عن الألف، وهي الولايات المتحدة (2612) وفرنسا (1417) والصين (1290) وبريطانيا (1172) أواخر الشهر الماضي. ويتوقع الخبراء أن تستمر الإصابات بالارتفاع في البرازيل، قبل أن تبلغ الذروة مطلع شهر يوليو المقبل.
ويقول حاكم ولاية ساو باولو، وهي أكبر الولايات البرازيلية، ويبلغ تعداد سكانها 46 مليون نسمة، «إننا نكافح ضد فيروس كورونا وضد فيروس بولسونارو»، وينتقد بشدّة موقف رئيس الجمهورية الذي ما زال يبحث عن وزير للصحة يوافق على سياسة رفع تدابير العزل واستئناف النشاط الاقتصادي، والعلاج بدواء «هايدروكسي كلوروكوين»، رغم تحذيرات الهيئات الطبية الرئيسية في البرازيل من الآثار الجانبية الخطرة لهذا الدواء على مصابين بـ«كوفيد - 19». وفيما تستعدّ الولايات المتحدة لرفع إجراءات حظر السفر من البلدان الأوروبية، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه يدرس منع دخول الوافدين من البرازيل، في ضوء التطورات الأخيرة لانتشار الوباء هناك، وبعد أن تداولت وسائل الإعلام صوراً صادمة لمقابر جماعية كبيرة في ساو باولو وريو دي جانيرو، وبعد تحذيرات خبراء أميركيين من أن أرقام الإصابات الفعلية في البرازيل هي أضعاف ما يعلن عنه رسمياً. كانت السلطات المحلية البرازيلية قد لجأت إلى المحكمة العليا التي فوّضتها صلاحيات كاملة لتحديد إجراءات العزل، ووقف النشاط الاقتصادي لاحتواء الوباء.
المكسيك التي سجّلت أمس وفيّات تزيد عن 400 لليوم الثالث على التوالي، تراجعت عن القرار الذي اتخذته لاستئناف الأنشطة التجارية والصناعية مطلع هذا الأسبوع، وقررت الإبقاء على تدابير العزل بعد أن سجّلت ارتفاعاً مضطرداً في الإصابات، ربعها في صفوف الطواقم الصحية، وقررت تمديدها حتى مطلع الشهر المقبل. لكن الوضع الميداني في المكسيك ما زال يثير قلقاً كبيراً لدى خبراء منظمة الصحة العالمية، لأن التدابير التي أعلنتها الحكومة ليست سوى توصيات غير ملزمة، ولا يخضع مخالفوها لأي عقوبات، كما قال رئيس الجمهورية مانويل لوبيز أوبرادور، يوم الجمعة الماضي، بأن «لا شيء بالقوّة، بل بالمنطق والإقناع».
وعلى غرار البرازيل، تخشى المكسيك من التداعيات الكارثية التي يمكن أن تلحق بالاقتصاد، والتي قال عنها بولسونارو إنها ستكون أفدح بكثير على المدى الطويل من الخسائر البشرية التي تنجم عن الأزمة الصحية. وتعاني المكسيك أيضاً من ضعف في النظام الصحي، وعدم قدرته على استيعاب ارتفاع كبير وسريع في الإصابات، بدأت تظهر ملامحه بوضوح منذ مطلع الأسبوع الحالي.
الأرجنتين كانت من الدول الأولى التي فرضت تدابير عزل صارمة حتى قبل انتشار الوباء فيها، ومنعت عودة مواطنيها من الخارج حتى انتهاء الأزمة الصحية، لكن عدد الإصابات الجديدة بدأ بالارتفاع منذ مطلع الأسبوع الماضي، ومن المنتظر أن يبلغ ذروته منتصف الشهر المقبل.
ويتزامن ارتفاع الإصابات ونسبة الوفيّات في الأرجنتين مع بلوغ الأزمة المالية والاقتصادية مرحلة حرجة، بعد تعثّر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والجهات الأخرى الدائنة، وظهور شبح إفلاس جديد بدأ يخيّم على المشهد الاجتماعي المتفجّر، حيث تعتمل حالات العصيان والتمرّد تحت وطأة وقف النشاط الاقتصادي، الذي فرضته تدابير الحجر الطويل، وفي ظل أزمة غذائية ضاغطة منذ أواخر العام الماضي. وفي البيرو، تجاوزت الإصابات 111 ألفاً، وأصبحت المستشفيات عاجزة عن استيعاب المزيد من الحالات الخطرة التي يقول الأطباء إن معالجتها باتت شبه مستعصية، نظراً لعدم توفّر أجهزة التنفّس الصناعي الكافية، ما رفع نسبة الوفـّيات إلى 12 في المائة من الإصابات. وكانت البيرو الدولة الأولى التي فرضت تدابير العزل والحجر في أميركا اللاتينية، لكن عدد الإصابات بدأ يسجّل ارتفاعاً كبيراً في العاصمة ليما منذ مطلع الأسبوع الماضي، كما سجّلت مئات الحالات في مناطق السكّان الأصليين التي تعاني من نقص حاد في التجهيزات الصحية.
وبينما سجّلت تشيلي ٤ آلاف إصابة جديدة، أمس الجمعة، وسط تحذير السلطات الصحية من ارتفاع سريع في الإصابات والحالات الخطرة في الأيام المقبلة، وجّهت الإكوادور نداء استغاثة إلى المنظمات الصحية الإقليمية والدولية لمساعدتها على احتواء الوباء، الذي أنهك نظامها الصحي الضعيف، وأوقع مئات الضحايا في مدينة غواياكيل العاصمة الاقتصادية للبلاد.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
TT

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد القوات الأوكرانية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر وزير الدفاع الأميركي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودين في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.

وذكر أوستن أنه «لم ير أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية هذا الأسبوع إن موسكو تقدم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ في مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ورداً على سؤال حول نشر القوات الكورية الشمالية الشهر الماضي، لم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، وعمد إلى تحويل السؤال إلى انتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

وقالت كوريا الشمالية الشهر الماضي إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.