مطاعم إيطاليا وإسبانيا تفتح أبوابها... والمستقبل من بلور

تايلند تطبق التباعد الاجتماعي من خلال الباندا وألواح الـ«بليكسي»

مستقبل المطاعم من بلور (إ.ب.أ)
مستقبل المطاعم من بلور (إ.ب.أ)
TT

مطاعم إيطاليا وإسبانيا تفتح أبوابها... والمستقبل من بلور

مستقبل المطاعم من بلور (إ.ب.أ)
مستقبل المطاعم من بلور (إ.ب.أ)

بدأ رفع قانون الحجر المنزلي في أوروبا والعالم العربي تدريجياً، ففي إيطاليا وإسبانيا بدأت المطاعم والمقاهي استقبال الزبائن، ولكن بتوجس وخوف من الطرفين... بريطانيا في انتظار إعادة افتتاح مقاهيها ومطاعمها بشروط تعجيزية من الحكومة... في لبنان أعيد فتح المطاعم بالسماح لها باستقبال نسبة 30 في المائة من السعة الشاملة لها للحفاظ على التباعد الاجتماعي، إلا إن الحظر عاد، وأقفلت البلاد برمتها لمدة 4 أيام تفادياً لموجة جديدة من الوباء.
إيطاليا تعتمد على الجلسات الخارجية، وغالباً ما تكون المساحات صغيرة، فالتباعد الاجتماعي أمر صعب تطبيقه، ولكن الاقتصاد مشلول وأصحاب الأعمال على شفير الهاوية، ولهذا فمن الضروري التفكير في وسائل سريعة تساعد على إنقاذ الأشغال، ويبدو أن البلور هو الحل، ولكن هل يمكن تطبيقه؟
روما وميلانو على وشك إعادة فتح المطاعم والمقاهي في بداية يونيو (حزيران) المقبل، وستكون هناك واجهات زجاجية فاصلة بين الطاولات، وأخرى على كل طاولة لفصل الأشخاص الذين يتشاطرون الطاولة الواحدة بعضهم عن بعض.
وسيفرض ارتداء الكمامات على الندل والعاملين في المطاعم لتفادي التقاط الفيروس أو تمريره للزبائن.
هذا هو المشهد العام الذي يجب أن نعوّد أنفسنا عليه إذا كنا ننوي العودة إلى حياتنا الطبيعية، ولكن يجب أن نضع نصب أعيننا أن ما كنا نسميها «الحياة الطبيعية» أصبحت شيئاً من الماضي، فذهب عصر العناق بين الأصدقاء، وتناول الطعام في المطاعم المكتظة بالزبائن، لأن التباعد الاجتماعي أصبح مغروساً في تفكيرنا لدرجة أن الناس أصبحت تخاف من أبناء البشر.
في حين أن المستقبل يبدو «بلوريا»، ارتأت تايلند أن يكون المستقبل «باندا»، فافتتحت مطاعمها من جديدة ووضعت دمية «باندا» بين الكرسي والآخر وبين الطاولة والأخرى لتفادي الاحتكاك ولتطبيق التباعد الاجتماعي بطريقة لطيفة، وهذا الأمر سيسهل تفسير تعقيدات حياتنا الحالية للصغار ليصبح الباندا مرادفاً للتباعد الاجتماعي ووضع الحد الجسدي بين الناس.
وفي استطلاع للرأي أجري في تايلند، تبين أن دمية الباندا ساعدت الزبائن على الشعور بالثقة والأمان للعودة إلى تناول الطعام في المقاهي والمطاعم، كما أن هناك نسبة كبيرة من الآسيويين الذين يعيشون بمفردهم وجدوا جليساً في الباندا الذي يشاركهم وجبة الطعام فلا يشعرون بالوحدة.
أصحاب المطاعم يتفوقون على أنفسهم لابتكار حلول تساعدهم على فتح أشغالهم، ففي أحد مروج السويد قام أحدهم بوضع طاولة واحدة بمقعد واحد في مطعمه لتفادي نقل العدوى، ويعمل في المطعم نادل واحد يقدم الطعام في سلة تخرج من نافذة المطبخ وتصل للطاولة عن طريق بكرة دوارة.
وتقود بكرة أخرى الزبون لدى وصوله إلى الطاولة. وقال الطاهي راسموس بيرسون: «عند نهاية خيط البكرة توجد الطاولة والمقعد». وأضاف أن أول سلة تصل إلى الطاولة تحمل مشروباً.
وقال بيرسون، الذي افتتح المطعم مع شريكته ليندا كارلسون، إن الفكرة طرأت لهما عندما جاء والدا ليندا للزيارة في شهر مارس (آذار) الماضي فأعدّا لهما طاولة بالخارج وقدما الطعام عن طريق النافذة.
وقال بيرسون: «أعتقد أن أكثر ما يفتقده كثيرون الآن هو السفر... وبما أننا لا يمكننا السفر جغرافياً إلى مكان بعيد، فأعتقد أن بإمكاننا السفر بأفكارنا، ومن أفضل وسائل السفر الداخلي، في اعتقادي على الأقل، الطعام والطبيعة».
والمطاعم في السويد، على عكس دول كثيرة في أوروبا، مسموح لها بفتح أبوابها وسط جائحة «كورونا» على أن تحافظ على معايير التباعد الاجتماعي.
وقالت كارلسون إن مطعم الزبون الواحد محجوز طوال شهر مايو (أيار) الحالي، وما زالت بعض الأوقات متاحة في شهري يونيو ويوليو (تموز) المقبلين، كما أنه مزود بإجراءات للوقاية من تقلبات الطقس والأمطار.
في بريطانيا، ستلقى المطاعم صغيرة الحجم المصير نفسه، ففي بعض الحالات سيكون عدد الطاولات محدوداً جداً بسبب التباعد الاجتماعي الذي سيرافقنا على أفق لا نعرف مداه.
انتشرت في لندن والعالم ظاهرة «الفقاعات» التي تتسع لثمانية أشخاص لتناول الطعام فيها، ويطلق عليها اسم «إغلو» لأنها تشبه بيوت الجليد، وهي مصنوعة من بلاستيك مقوى، وكان الزبائن يتهافتون على حجزها مع لائحة انتظار تطول لأشهر، وما لم يكن يدركه الزبائن حينها أن المستقبل القريب سيحول المطاعم بأسرها إلى فقاعات وستصبح العادات الاجتماعية في خبر كان.
لا تزال طريق العودة إلى ما هو طبيعي طويلة ولا يعرف أحد ما إذا كنا سنعود إلى ما كنا عليه.
ولكن البلدان التي رفعت الحجر المنزلي قبل غيرها أعطت فكرة عما ينتظرنا، فدبيّ كانت سباقة في تحويل السيارات إلى دور سينما، للتباعد الاجتماعي، وقد تكون هذه هي الرؤية الصحيحة التي سترافقنا في مستقبلنا إلى أجل غير مسمى.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».