شرفات اللبنانيين وأسطحهم تتحول إلى مسابح خاصة

بسبب التباعد الاجتماعي المفروض

سطح أحد المنازل في لبنان
سطح أحد المنازل في لبنان
TT

شرفات اللبنانيين وأسطحهم تتحول إلى مسابح خاصة

سطح أحد المنازل في لبنان
سطح أحد المنازل في لبنان

لم يسبق أن شهد اللبنانيون ارتفاعاً بدرجات الحرارة في شهر مايو (أيار) كالذي يسود طقس أجواء لبنان حالياً. فتجاوزها الـ38 درجة في فصل الربيع جعلهم يعانون من موجة حر شديدة لا تحتمل وطأتها. وزاد انقطاع التيار الكهربائي وتقنينه في تفاقم هذه المشكلة. فما كان من غالبيتهم إلا أنّ يلجأوا لاستحداث مسابح خاصة على شرفات منازلهم وأسطحها، ليخففوا من وطأة الحر من ناحية، والاستغناء عن ارتياد المجمعات البحرية من ناحية ثانية. فوباء «كورونا» فرض عليهم الحجر المنزلي والتّباعد الاجتماعي. أمّا عودة افتتاح بعض المسابح في لبنان وإن بشكل جزئي، فلم يطمئنهم، ولا يزالون يعانون من فوبيا الوباء وإمكانية إصابتهم بالعدوى. ورغم قرار الحكومة اللبنانية بالسّماح للناس بارتياد المجمعات والسباحة فقط في برك مياه (بيسين) تحوي نسبة معينة من مادة الكلور المعقمة، فإن إقبال النّاس عليها بقي خجولاً. فلا يزال التباعد الاجتماعي يفرض نفسه، سيما أنّ الوباء لم يصل إلى خواتيمه بعد.
وانطلاقاً من هذا الوضع، راح اللبنانيون يستحدثون مسابح ومساحات ترفيهية خاصة بالأطفال على شرفات منازلهم وأسطحها. فانتشرت برك المياه البلاستيكية المنفوخة بأحجام مختلفة، ووُضعت الكراسي البلاستيكية للاستلقاء والتّمتع بأشعة الشمس والحصول على لون بشرة برونزي. وعمدوا إلى فرش سجادات عشب صناعية خضراء تشبه إلى حدّ كبير تلك التي تستخدمها المجمعات السياحية.
وتتفاوت أسعار هذه البرك البلاستيكية بين 100 ألف ومليوني ليرة حسب أحجامها، ومنها ما هو مستدير الشكل وما هو مستطيل.
تقول ماغي عواد، من أصحاب محال بيع البرك البلاستيكية المنفوخة في منطقة جونية الساحلية: «لقد ازدادت مبيعاتها بشكل لافت، وتجاوزت ما كنّا نشهده في مواسم السنوات الماضية بنسبة 40 في المائة. وإن بقيت حركة البيع محافظة على وتيرتها هذه؛ فإننا وابتداء من الأسبوع المقبل سينفد مخزونها عندنا». وتشير عواد إلى أنّ الاتصالات الهاتفية التي تردها بمعظمها يطالب أصحابها بإيصال برك المياه تلك إلى مقر سكنها. وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «بعض سكان الحي الواحد تشاركوا بدفع تكلفتها ليثبتوها في حي معين بين العمارات على الطريق. فيما الغالبية تشتريها لتضعها على شرفة أو سطح منزلها. فهناك أجواء رعب وترقب فرضتها علينا جائحة (كورونا) مما دفع بالأكثرية إلى تأمين وسائل ترفيهية تستحدثها في منازلها». وتشير عواد إلى أنّ «تغيير مياه البرك ضروري جداً مع إضافة مادة الكلور المعقمة عليها». وتنصح بـ«عدم السباحة فيها إلّا ضمن أفراد العائلة الواحدة حفاظاً على سياسة التباعد الاجتماعي المفروض علينا».
أما نبيل، الذي يعمل في شركة تجارية تستورد برك المياه البلاستيكية، فيقول في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «لقد نفد مخزون هذه البرك عندنا ولم تعد متوفرة إلا في محلات تجارية قليلة جداً. كما أنّ استيرادها من جديد هو بحكم الملغى؛ إذ علينا أن ندفع تكلفتها بعملة الدولار الذي لم يعد متوفراً حالياً بمبالغ كبيرة في لبنان».
ومن أدوات اللعب التي تؤلف مساحات ترفيهية للأطفال، يروج بيع الزحليقة. وكذلك سيارات ودراجات خاصة بالأعمار الصغيرة. ولم ينس اللبنانيون الذين يستحدثون هذه المساحات على شرفات منازلهم تثبيت مظلات الشاطئ الملونة أو المصنوعة من قماش الكتان الأبيض للاحتماء من أشعة الشمس.
ويقول إيليو صافي: «عندما قررت استحداث مساحة ترفيهية خاصة على شرفة منزلي لم أفكر سوى بابني الذي يبلغ 3 سنوات. فلقد كان يشعر بالملل مع ضيق المساحات المتوفرة التي يسمح له بالتجول بها داخل المنزل. فتوجهت إلى أحد المحلات التّجارية الخاصة ببيع الألعاب مستحدثاً مسبحاً ومدينة ألعاب مصغرة له».
وتقول نتالي حنا، التي أصبحت شرفة منزلها في منطقة كفرحباب مساحة تسلية تدعو إليها صديقاتها المقربات منها بين وقت وآخر، معلّقة: «ممنوع علينا في زمن (كورونا) أن نسبح على الشاطئ أو ارتياد المطاعم ولا حتى ممارسة هواية المشي على كورنيش البحر. فقررت استحداث مساحة خضراء على شرفة منزلي الواسعة، فزرعت الشتول على جوانبها واشتريت بركة مياه كبيرة. والآن بتنا نستطيع أن نمضي أوقاتاً ممتعة فيها بعيدة عن موجة الحر التي نعاني منها حالياً وعن إمكانية إصابتنا بالفيروس».


مقالات ذات صلة

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.


الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.