تونس تمنع الانتدابات الحكومية في ميزانية 2021

TT

تونس تمنع الانتدابات الحكومية في ميزانية 2021

كشفت الحكومة التونسية عن الخطوط العريضة لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 التي ستتميز بمزيد من التحكم في النفقات وعدم إقرار انتدابات جديدة في القطاع العام باستثناء بعض الاختصاصات الملحة وذات الأولوية القصوى مثل الأمن والجيش والصحة. ودعت كل الوزارات والهياكل الحكومية إلى عدم توقيع أي اتفاق أو اتخاذ أي إجراء له انعكاس مالي قبل الرجوع إلى مصالح رئاسة الحكومة ووزارة المالية، كما تم إرجاء تفعيل برنامج الترقيات المهنية المتعلقة بالسنة الحالية إلى سنة 2021 وتأجيل برنامج ترقيات 2021 إلى 2022. وهو ما يكشف، وفق خبراء في الاقتصاد والمالية، عن حجم الانكماش الاقتصادي المنتظر في تونس إثر انقشاع جائحة «كورونا» وما ستخلفه من خسائر اقتصادية.
وتأتي هذه الإجراءات نتيجة توقعات الحكومة بأن تؤدي الوضعية الصعبة التي يعيشها الاقتصاد التونسي إلى تراجع وتيرة النمو، وبالتالي إلى تناقص حاد في حجم موارد الدولة. ودعت الحكومة الوزارات والمؤسسات والهيئات كافة إلى مضاعفة الجهد لترشيد النفقات خلال الفترة ما بين 2021 و2023 وهي المدة التي من المنتظر أن تكون كفيلة باسترجاع النمو الاقتصادي العادي.
وفي السياق ذاته، قررت الحكومة إرجاء إنجاز البرامج الجديدة للتكوين بهدف الانتداب، إلى سنة 2022 بدلاً من 2021، وعدم تعويض الشغورات الحاصلة في القطاع العام، والسعي إلى تغطية الحاجيات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة ونقلها من وزارة إلى أخرى.
يذكر أن ميزانية تونس لسنة 2020 قدرت بنحو 47 مليار دينار تونسي (نحو 16 مليار دولار) منها نحو 20 مليار دينار مخصصة لكتلة الأجور، وهي أجور موجهة لموظفي الدولة وكانت موضوع انتقادات حادة من قبل صندوق النقد الدولي الذي دعا الحكومة التونسية إلى تقليص حجم الأجور إلى مستوى 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من أكثر من 15 في المائة حالياً.
وكان صندوق النقد قد توقع أن يتدهور النمو الاقتصادي في تونس مع نهاية السنة الحالية إلى مستوى سالب 4.3 في المائة، كما توقع أن تتواصل تأثيرات الجائحة إلى السنوات المقبلة.
وفي أول ردود الفعل تجاه هذه القرارات الأولية، عبر سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال)، عن خشيته من تضرر الموظفين وآلاف العاطلين على حد سواء من هذه القرارات التي ستخلف أضراراً اجتماعية حادة. ودعا الحكومة إلى المحافظة على مكاسب العمال وحقوقهم، وطالبها بفتح أبواب الانتداب في الوظيفة العمومية لاستيعاب آلاف المعطلين الذين طالت بطالتهم. وتراجعت عائدات القطاع السياحي في تونس بنسبة 27 في المائة في 2020 وحتى 10 مايو (أيار) الحالي، بحسب بيانات البنك المركزي الاثنين. وتراجعت عائدات القطاع المشغل لنحو 400 ألف عامل تحت وطأة وباء «كورونا» وما رافقه من تعطل للرحلات الدولية وإلغاء للحجوزات. وبلغت العائدات مليار دينار (347 مليون دولار)، ما يمثل تراجعاً بنسبة 27 في المائة عن الفترة نفسها من 2109.
وتضررت الفنادق والمنتجعات السياحية والمطاعم السياحية من تدابير الإغلاق التي رافقت جهود مكافحة فيروس «كورونا» ما كبد القطاع السياحي إجمالاً خسائر كبيرة. وتكفلت الدولة بتوفير مساهمات لتغطية جزء من مرتبات العمال في القطاع الحيوي للبلاد، ولكن ليس واضحاً حتى متى ستستمر الأوضاع الحالية.
وحققت تونس في 2019 رقماً قياسياً في عدد السياح الوافدين إلى البلاد الذي تجاوز لأول مرة عتبة 9 سعة ملايين.
لكن رغم ذلك، أعلن البنك المركزي التونسي الاثنين، عن زيادة حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي ليبلغ أكثر من 21.6 مليار دينار (نحو 7.5 مليار دولار). ويغطي الاحتياطي الحالي 133 يوماً من التوريد بحسب آخر تحديث للبنك، وهو معدل قياسي منذ عام 2011.
وتعزز الاحتياطي بآلية التمويل السريع لصندوق النقد في أبريل (نيسان) الماضي، والبالغة 745 مليون دولار لمواجهة تداعيات فيروس «كورونا» المستجد. ومقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ارتفع الاحتياطي بنسبة 63.6 في المائة، ما كان يغطي آنذاك 75 يوماً من التوريد.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.