عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> عبد العزيز العميريني، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجزائر، استقبله ياسين جريدان، وزير المؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة الجزائري، أول من أمس، واستعرض الطرفان، خلال اللقاء الذي جرى بمقر الوزارة، المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين المملكة العربية السعودية والجزائر وسبل تعزيزها.
> الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، عقد اجتماعا عبر الفيديو كونفرانس، أول من أمس، مع مسؤولي مجموعة تيوي (TUI) العالمية، أحد أكبر منظمي الرحلات في العالم، حيث استعرض الجهود التي بذلتها مصر لدعم القطاع السياحي والعاملين به لتخفيف الآثار الاقتصادية السلبية جراء أزمة فيروس كورونا المستجد، مؤكدا ضوابط السلامة الصحية لإعادة تشغيل الفنادق في المدن السياحية. فيما أكد مسؤولو TUI على أهمية المقصد السياحي المصري بالنسبة للمجموعة، مشيدين بالضوابط واشتراطات السلامة الصحية.
> سالم بن حبيب، سفير سلطنة عمان لدى دولة فلسطين، استقبلته ليلى غنام، محافظ رام الله والبيرة، أول من أمس، حيث أكد السفير على العلاقة التاريخية مع الشعب الفلسطيني، مؤكداً دعم بلاده للقضية الفلسطينية، ولكل حقوق الشعب الفلسطيني حتى التحرر وإقامة دولته المستقلة. فيما أشادت غنام بعمق العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والعماني، مؤكدة أن «الشعب الفلسطيني وهو يواجه خطر تفشي وباء كورونا، فإنه يقف صامدا أمام خطر وباء الاحتلال».
> عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، استعرض أول من أمس، مع كاتبة الدولة للشؤون الخارجية التونسية، سلمى النيفر، تطورات الوضعين الصحي والاقتصادي في البلدين على خلفية تداعيات فيروس كورونا المستجد، وأعرب الطرفان عن الحاجة إلى توحيد الجهود على أكثر من مستوى قصد احتواء مخلفات هذه الجائحة العالمية والحد من تأثيراتها المستقبلية. كما أكد الجانبان على ما يجمع الشعبين والبلدين الشقيقين من أواصر أخوة وإرادة مشتركة لدفع الشراكة التونسية الجزائرية في مختلف القطاعات.
> علاء موسى، سفير مصر في بغداد، التقى أول من أمس، بوزير التربية العراقي، علي حميد مخلف، لبحث أوجه التعاون القائم بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات التعليمية والتربوية، وأشاد السفير بجهود الوزير العراقية في وضع الحلول المناسبة التي من شأنها الارتقاء بالعملية التربوية نحو أعلى المستويات في ظل الظروف الحالية للبلاد، بالإضافة إلى جائحة كورونا.
من جانبه، عرض الوزير خطط الوزارة التعليمية وبرامجها التطويرية، وناقش مع السفير عدداً من الأمور التربوية المشتركة التي يمكن العمل بها في العراق.
> محمد الحامدي، وزير التربية التونسي، أشرف، أول من أمس، على جلسة عن بعد مع مندوبي الوزارة وممثلين عن وزارة الصحة. وتم خلال الجلسة، تقديم عرض توضيحي للبروتوكول الصحي الذي سيتم اعتماده لتأمين استئناف الدروس للسنوات الرابعة ثانوي وإنجاز الامتحانات الوطنية.
> الدكتورة مليكة بن دودة، وزيرة الثقافة الجزائرية، شهدت أول من أمس، ختام فعاليات شهر التراث الثقافي الذي كان شعاره «التراث الثقافي في ظل الرّقمنة»، بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف، وأعلنت تمكن فريق علمي من تسجيل عودة الفهد الصحراوي بمنطقة أتاكور بعد انقطاع دام قرابة 15 سنة. كما كشفت الوزيرة عن إصدار جديد يتمثل في مجلة «لجْدار»، التي تُعنى بالتراث الثقافي وتثمينه وتقريبه لدى عموم الجمهور.
> أحمد التازي، سفير المغرب في القاهرة، شارك أول من أمس، في منتدى التعاون والمستقبل «الحزام والطريق» الذي نظم بالتعاون بين «مؤسسة الصين العالمية للسلام» و«مؤسسة شرف للتنمية المستدامة»، عبر شبكة الإنترنت بمشاركة عدد من السفراء، وأكد في كلمته، أن فيروس كورونا سيطر على المسرح العالمي للأحداث منذ مطلع العام الحالي 2020، لافتاً إلى تأثير تلك الأزمة الدولية على الجوانب الصحية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، ودعا إلى التعاون الدولي من أجل مواجهة التحديات والقضاء على الوباء.
> نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر، والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، أطلقا أول من أمس، قافلة الخير إلى 8 محافظات بصعيد البلاد، بمشاركة مؤسسة «مصر الخير»، عبر الفيديو كفونفراس، وقالت الوزيرة إن القافلة تضم 1250 طناً من المواد الغذائية، وتستهدف أكثر من مليوني وجبة، مؤكدة أن هذه القافلة تمثل احتياجا أصيلا للمجتمع المصري في ظل الأزمة المترتبة على فيروس كورونا، مشيرة إلى أنها ستستمر لما بعد شهر رمضان.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)