«عايز مسرح».. حملة لإحياء المسارح المهجورة في مصر

دشنها فنان كوميدي لتقديم الفن الهادف

شعار الحملة الذي يحمل وجه مؤسسها الكوميديان علي قنديل
شعار الحملة الذي يحمل وجه مؤسسها الكوميديان علي قنديل
TT

«عايز مسرح».. حملة لإحياء المسارح المهجورة في مصر

شعار الحملة الذي يحمل وجه مؤسسها الكوميديان علي قنديل
شعار الحملة الذي يحمل وجه مؤسسها الكوميديان علي قنديل

«(عايز مسرح) يعبر عنى وينقل وجهة نظري، وعلى خشبته تتمثل أحلامنا».. هكذا دشن الممثل الكوميدي المصري علي قنديل، الذي اشتهر بأداء ستاند آب كوميدي، حملة لمطالبة رئيس الجمهورية والدولة ممثلة في وزارة الثقافة بتسليمه مسرحا واحدا فقط من مسارحها المهجورة لمدة 3 سنوات.
وكتب الفنان الشاب على صفحته على موقع «فيسبوك» ما يشبه البيان: «نداء إلى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.. أنا عاوز أبقى مسؤول عن أي مسرح مهجور تابع للحكومة (في القاهرة) لمدة 3 سنين! معايا فرقة مسرح جدعان نقدر نجدده ونقدم عروض محترمة ونجيب فلوس معقولة للدولة، ممكن؟». وعلى الفور لاقت الحملة التي أطلقها قنديل في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي صدى واسعا بين عدد كبير من الشباب المتشوق إلى الفن الهادف.
يقول علي قنديل، بحماس شديد: «الحملة هدفها إخراج المواهب المصرية ودعمها، وتسليط الضوء على عدد مهول من المواهب، وإحياء الحركة المسرحية، واستغلال المسارح المغلقة، وتوفير فرص عمل لعدد ضخم من العمال والحرفيين في مراحل التشطيب، وتنشيط حركة البيع والشراء في سوق خامات البناء في جميع مراحل الصيانة، وتوفير دخل جيد من مسرح مغلق بالفعل لا يأتي بعائد للدولة، وخلق منارة للسائحين العرب لحضور عروض مسرحية مبهجة وقيمة، ولو حصلنا على مسرح واحد فقط سوف نتمكن من تنظيم مهرجانات لكل فرق الجامعات المصرية وفرق المسرح المستقلة وفرق الكنائس الذين انضموا بالفعل إلى الحملة، نحن نعرض أن نشغل المسارح بأفكارنا ولا نحتاج إلى أموال، لكن سوف نشغلها بجهودنا الذاتية، وكما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: (أنا محتاج أفكار)».
ويستنكر قنديل البيروقراطية الشديدة في الهيئات والمؤسسات الحكومية المسؤولة عن المسارح، قائلا: «أطالب السيسي أن يلقي نظره على ميزانيات تلك الهيئات، لأنه مثلا هناك أحد الأماكن المسؤولة عن المسرح المصري ميزانيته 48 مليون جنيه في السنة ويصرف منهم 42 مليون جنيه مرتبات وحوافز ومكافآت، ونجد نداءات من المسؤولين يقولون لا توجد مسارح في الدولة!! المسارح موجودة».
ويضيف: «بدأنا ندخل المسارح المهجورة ووجدنا مسارح مهمة جدا وعريقة جدا ومهملة وحالها محزن للغاية، الرئيس طلب وجود الشباب ونحن هنا، ويجب أن نقول بالبلدي: (بطلنا اللي يعطلنا)».
وأشار إلى أن «شباب الحملة يقومون بجولة تشمل كل المسارح المهجورة التابعة للدولة، وتقوم بتصويرها لعمل تقارير عن حالتها، وما الذي يحتاج إليه كل مسرح، لكي يصبح صالحا لتقديم العروض، التي سوف تشمل مسرح الطفل والعرائس، والورش المسرحية، وحفلات الموسيقى، والأمسيات الشعرية، وغيرها».
واستجابة للحملة ودعما لأهدافها، دشن عدد كبير من المشتركين على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ «#عايز_مسرح»، وأيدوا قنديل في مطالبته بمسارح الدولة من أجل فن محترم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».