الوباء طال 48 فرداً من عائلة «العريس الجديد»... وأرسله في رحلة بحث طويلة عن مدفن لجدته

أثناء الاحتفال بمولد طفل لشقيقته في الحجر الصحي
أثناء الاحتفال بمولد طفل لشقيقته في الحجر الصحي
TT

الوباء طال 48 فرداً من عائلة «العريس الجديد»... وأرسله في رحلة بحث طويلة عن مدفن لجدته

أثناء الاحتفال بمولد طفل لشقيقته في الحجر الصحي
أثناء الاحتفال بمولد طفل لشقيقته في الحجر الصحي

لم تنتهِ رحلة المصري سيد نصر مع فيروس كورونا المستجد، بمجرد خروجه من المستشفى؛ حيث كان عليه أن يقضي 14 يوماً أخرى في حجر منزلي.
ولأنه واحد من بين 48 حالة إصابة في عائلته، فيبدو أن مدة الحجر المنزلي ستتضاعف، فبعد أن أنهى المدة الخاصة به، خرجت والدته التي تسكن معه في نفس المنزل من المستشفى بالأمس، ليبدأ معها مدة حجر منزلي جديدة.
يقول سيد، الذي يعمل موظفاً بشركة خاصة، إن «حياته لم تعد لطبيعتها، فهو وأسرته التي كتب عليها أن تحارب فيروس كورونا، يشعرون بالخوف حتى بعد خروجهم من الحجر الصحي، رغم إدراكه أن الفيروس هو مرض يمكن أن يصيب أي شخص ولا يفرق بين غني أو فقير... كبير أم صغير»، فهو «لم يعد لعمله حتى الآن، وعليه أن يقضي فترة الحجر المنزلي مع والدته».
تعود قصة سيد، الشاب الثلاثيني وعائلته مع فيروس كورونا، إلى 27 مارس (آذار) الماضي؛ حيث مرض أحد أعمامه، وشخصت المستشفى حالته بأنها «دور برد عادي» فعاد إلى منزله، وعندما اشتد المرض عليه توجه للمستشفى مرة أخرى، بعد نحو 4 أيام، وشخصت الحالة هذه المرة على أنها «نزلة شعبية حادة»، على حد قول سيد، قبل أن تجرى له بعض التحاليل لتتبين إصابته بالفيروس.
لم ينتهِ الأمر هنا، فبعد 4 ساعات من إعلان إصابة عمه، بدأت الأعراض تظهر على جدته، التي توفيت فور ظهور نتيجة التحاليل، التي أثبتت إصابتها بالفيروس، لتبدأ رحلة سيد وأسرته مع الفيروس.
وفاة الجدة كانت قاسية على سيد؛ حيث قضى نحو 15 ساعة يجول بجثمانها بحثاً عن مكان يدفنها فيه، يقول: «أحضرنا الجثمان من المستشفى إلى مدافن حي بهتيم (محافظة القليوبية) الذي نسكن فيه، وفوجئنا بتجمهر الأهالي لمنعنا من دفنها خوفاً من انتقال العدوى، فتوجهنا إلى مدافن الأسرة في محافظة الغربية وبعد جدل مع الأهالي تمكنّا من دفنها».
لم تستطع أسرة سيد أن تقضي فترة الحداد على الجدة، فأحزانهم لم تنتهِ بوفاتها؛ حيث تسبب الفيروس في وفاة اثنين من أعمام سيد، وإصابة 48 فرداً من العائلة، بينهم نساء حوامل وأطفال، ليتم توزيع الأسرة على مستشفيات وأماكن العزل الصحي، بحسب سيد، الذي أكد أن عائلته كانت ملتزمة بالحظر، ولا تخرج إلا للضرورة... ويضيف بحزن: «كنا نستخدم المطهرات والكحول، ولا نعرف حتى الآن كيف أصيب عمي بالمرض».
لكن المرض لم يكن قاسياً على الجميع، فوفقاً لسيد فإن 90 في المائة من أفراد أسرته المصابين، لم تظهر عليهم أعراض، وأكثر الفترات صعوبة بالنسبة لهم، كانت الفترة التي قضوها في محاولة التأكد من إصابتهم من عدمه؛ حيث لم يكن من السهل إجراء التحليل الخاص بالفيروس، لعدم ظهور أعراض عليهم، لكن بمساعدة بعض الناس تمكنوا من إجراء التحاليل.
سيد المتزوج منذ نحو 10 أشهر فقط، وزوجته حامل في شهرها الثالث، يقول: «لم أكن أتخيل أن يكون هذا شكل عامي الأول في الزواج، أو أن تقضي زوجتي شهور حملها الأولى في العزل الصحي... عشت أسوأ كابوس ممكن أعيشه، لكن يبدو أن الله كتب على عائلتنا أن تحارب الفيروس، والحمد لله على قضائه».
ومن رحم المأساة تولد الفرحة، احتفل سيد وأسرته، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي بشقيقته، التي أنجبت طفلها أثناء فترة الحجر الصحي.
واليوم، يقضي سيد وعدد من أفراد أسرته فترة الحجر المنزلي، آملين أن تعود حياتهم إلى سابق عهدها، رغم أحزان فراق الأحباب.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.